معارك الموصل تُفاقم معاناة الاقتصاد الأردني

معارك الموصل تُفاقم معاناة الاقتصاد الأردني

01 نوفمبر 2016
الصادرات الأردنية تتراجع بسبب الاضطرابات الأمنية (فرانس برس)
+ الخط -
قال اقتصاديون أردنيون إن المعارك، التي تشنها القوات العراقية ومليشيا الحشد الشعبي، مدعومة بقوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في الموصل (شمال العراق)، ستؤخر إعادة فتح الحدود البرية بين البلدين وخصوصاً مع مهاجمة مقاتلي التنظيم منطقة الرطبة القريبة من الحدود الأردنية، ما يؤثر سلباً على الحركة التجارية للطرفين.

وأضافوا، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن التطورات العسكرية داخل العراق لها انعكاسات سلبية على اقتصاد البلاد في ظل توقعات بزيادة تراجع صادرات عمّان إلى بغداد.
كما تعذر تنفيذ مشاريع استراتيجية متفقاً عليها بين البلدين ولا سيما مشروع أنبوبي النفط والغاز الذي تم الاتفاق عليهما بين الجانبين في وقت سابق.

وقالوا إن الطريق البري الذي يربط البلدين بات محفوفا بالمخاطر أكثر من أي وقت مضى، وذلك لاحتمال فرار عناصر من تنظيم داعش إلى المناطق التي يمر منها الطريق، مشيرين إلى صعوبة إعادة فتح هذا المعبر في المستقبل القريب.

تأثر الحركة التجارية

وفي هذا السياق، قال وزير النقل الأردني، حسين الصعوب، لـ"العربي الجديد" إن "الجانب
العراقي تعهد عدة مرات بفتح الحدود البرية من جانبه وإعادة تشغيل الخط البري بين البلدين، لكن الظروف التي يمر بها العراق حاليا قد حالت دون ذلك حتى الآن".

وأضاف أن "هناك اتصالات مستمرة تجريها الحكومة مع بغداد لفتح المعبر بهدف إعادة عمليات النقل والشحن بين الجانبين".

وشهدت الصادرات الأردنية إلى العراق تراجعًا كبيرًا خلال العام الماضي بلغت نسبته 40%، إذ بلغت 695 مليون دولار في عام 2015 بينما كانت تبلغ 1.2 مليار دولار في عام 2014 ونحو 1.5 مليار دولار عام 2013.

وكان العراق قد أغلق حدوده البرية مع الأردن في يوليو/تموز 2015 بعد تفجير معبر طريبيل من قبل عناصر تنظيم داعش عدة مرات.

وتعبر الصادرات الأردنية إلى العراق حاليا من خلال الأراضي السعودية والكويتية، وتشمل صادرات الخضار وبعض المنتجات الصناعية من السلع الاستهلاكية، مما يزيد من تكلفة النقل.

تراجع في الصادرات

وقال رئيس جمعية المصدرين الأردنيين، عمر أبو وشاح، لـ"العربي الجديد"، إن "الصادرات الأردنية ستشهد مزيداً من التراجع خلال الفترة المقبلة مع اشتداد المعارك داخل الأراضي العراقية".

وأكد أبو وشاح أن الصادرات تدخل من خلال الأراضي السعودية والكويتية باتجاه البصرة، لكن الآثار النفسية للحرب تلقي بظلالها على مختلف القطاعات وحركة الأسواق.

وأوضح أن إعادة تشغيل المعبر البري بين البلدين ربما لن يكون مجديا في الوقت الراهن، بسبب ارتفاع عوامل المخاطرة ومخاوف الصناعيين والمصدرين من إرسال بضائعهم للسوق العراقي وتعريض البضائع وحياة السائقين للخطر.

وأشار إلى أهمية تكثيف الحكومة جهودها لإيجاد أسواق تصديرية جديدة عوضا عن السوقين العراقي والسوري، وخاصة في أفريقيا التي تمتلك فرصا واعدة، ذلك أن تطورات الوضع على الأرض في العراق لا تبعث على التفاؤل بإمكانية فتح الحدود قريبا.

وكان العراق على وشك إعادة فتح الحدود حسب ما أكدته سفيرته لدى الأردن، صفية السهيل، مؤخرا لكن تفاقم الأوضاع الأمنية والحرب ضد التنظيم وارتفاع المخاطر الأمنية أرجأت فتح المعبر البري الذي يربط بين البلدين.

وقال النائب الثاني لرئيس غرفة صناعة الأردن، محمد الخرابشة، لـ" العربي الجديد " إن "كل تطور في العراق وسورية ينعكس مباشرة على الأردن، لا سيما من الناحية الاقتصادية بحكم علاقات الجوار والروابط المتينة مع هذين البلدين".

وأوضح الخرابشة أن مظاهر ذلك التأثر لا يقف عند حد تراجع الصادرات واستمرار إغلاق الحدود، بل يتعداها إلى زيادة النفقات الأمنية والدفاعية ومتطلبات أخرى واحتمال نزوح عدد من اللاجئين العراقيين للأردن قريبا، مما يزيد الأعباء المالية التي تعاني منها البلاد بسبب استضافة أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري.

وقال الخرابشة إن "بيئة الاستثمار ستتأثر أيضا بسبب عزوف المستثمرين عن إقامة مشاريعهم في المنطقة، لارتفاع عوامل المخاطرة، بيد أن أصحاب الأموال ينظرون إلى المنطقة ككل وليس دولة بعينها".

تهديد للمصانع

ويهدّد تراجع الصادرات مئات المصانع بالإغلاق، وقال رئيس غرفة صناعة الأردن، عدنان
أبو الراغب، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، إن كثيراً من الصناعات الأردنية مخيّرة بين التوقف عن العمل أو خفض طاقتها الإنتاجية؛ بسبب تراجع صادراتها لأسواقها التقليدية، خاصة العراق الذي يستقبل الحصة الأكبر من صادرات المملكة.

ومن جانبه، أكد رئيس جمعية الصناعات الصغيرة والمتوسطة، فتحي الجغبير، لـ" العربي الجديد" أن تصاعد المواجهات العسكرية في العراق قد زاد الأمر صعوبة بالنسبة للاقتصاد الأردني، مشيرا إلى أن الصناعيين الأردنيين لا يحققون أصلا أي أرباح من خلال التصدير إلى العراق، وإنما هم حريصون على استمرار تواجد سلعهم في سوقهم التصديري الأهم بالنسبة لهم.

وأكد أن تلك المواجهات ترتب على الأردن أعباء أمنية ومالية كبيرة لحماية الحدود، وفي ذلك استنزاف للموارد المالية من خلال استغلال المتوفر من الأموال للمتطلبات الدفاعية على حساب الأمور التنموية والاقتصادية ذات الأولوية.

وقال الجغبير: "إننا غير متفائلين بعودة العراق كما كان، على الأقل في المدى القريب، بسبب الاضطرابات وسيطرة إيران عليه إضافة إلى تراجع المستويات المعيشة للمواطن العراقي وضعف قدراته الشرائية".

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للأردن نمواً حقيقيا نسبته 2.1% خلال النصف الأول من العام الحالي مقابل نمو نسبته 2.2% لذات الفترة من العام الماضي.
وارتفعت مديونية الأردن إلى أكثر من 37 مليار دولار، حيث توسعت الحكومة في عملية الاقتراض لتغطية النفقات العامة وتنفيذ مشاريع ذات أولوية في مختلف القطاعات، إضافة إلى سداد أقساط الدين العام والفوائد.
وصنف تقرير التنافسية العالمي، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي الشهر الماضي، الأردن في مرتبة متقدمة على قائمة الدول التي يترتب على اقتصادها نسبة ديون مرتفعة إلى الناتج المحلي الإجمالي، مشيراً إلى أن الأردن احتل المرتبة 16 عالمياً في هذا الصدد.

وارتفعت مديونية الأردن بشقيها الداخلي والخارجي مع نهاية شهر أغسطس/آب الماضي بما نسبته 93.3% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر من وزارة المالية والبالغ 38.71 مليار دولار.

وقالت وزارة المالية الأردنية في تقريرها الشهري، "إن صافي الدين العام في نهاية شهر أغسطس/آب الماضي، أظهر ارتفاعاً عن مستواه في نهايـة عام 2015 بمقـدار 1.6 مليار دولار أو ما نسـبته 4.9%، وذلك لتمويل كل من عجز الموازنة العامة والقروض المكفولة لكل من شركة الكهرباء الحكومية وسلطة المياه".

المساهمون