مصر: صفقات للحكومة مع الصين رغم المقاطعة الشعبية

مصر: صفقات للحكومة مع الصين رغم المقاطعة الشعبية

28 ديسمبر 2019
بلغت قيمة صادرات الصين لمصر 12 مليار دولار (Getty)
+ الخط -

لم يكن في حسبان الكثير من المصريين المتعاطفين مع حملة واسعة لمقاطعة المنتجات الصينية، أن هناك تحركات حكومية تدور في الجانب الآخر للتعبير عن استمرار التعاون رغم الردود الشعبية الغاضبة.

فقد احتلت وسوم بلغات مختلفة للتنديد بالانتهاكات التي ترتكبها الصين بحق مسلمي الإيغور، صدارة موقع التواصل الاجتماعي تويتر بمصر، كما حظيت بتفاعل واسع في موقع فيسبوك خلال الأيام الماضية.

وبدا التفاعل الشعبي مع حملة المقاطعة مُربكاً للحكومتين المصرية والصينية، ليعقد السفير الصيني في القاهرة لياو ليتشيانج، مؤتمراً صحافياً، يوم الاثنين الماضي، قائلا إن "بلاده لا تضطهد قومية الإيغور، وإن الشائعات وراءها دول غربية"، مضيفا، "نتمنى ألا يتأثر الشعب المصري الصديق بالشائعات، التي ليس لها أساس من الصحة، خاصة الشباب الذين لا يعرفون الكثير عن الصين".

وفي اليوم التالي، وقعت الحكومة المصرية، عقد إنشاء مشروع مجمع تصنيع حمض الفوسفوريك مع تحالف شركات صيني، بتكلفة تبلغ نحو 850 مليون دولار، وذلك بحضور السفير الصيني.

ورغم التحركات الرسمية التي تظهر استمرار العمل بين القاهرة وبكين، إلا أن كل طرف يخشى تداعيات الحملات الشعبية على مصالحه، فالصين تعول بشكل كبير على السوق المصرية التي يتجاوز عدد المستهلكين فيها 100 مليون نسمة، في الوقت الذي يتخوف فيه نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي من تعرض مشروعات حيوية مع الصين للتعثر، بينما ترتبط أغلبها بأعمال في العاصمة الإدارية الجديدة، التي يطمح أن تشق طريقها للظهور وسط كثبان الرمال في الصحراء شرق القاهرة.

وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن مصر، إلى أن قيمة التبادل التجاري بين البلدين وصلت إلى 13.8 مليار دولار خلال العام الماضي 2018، بزيادة بلغت نسبتها 27.6 في المائة عن 2017، موضحة أن قيمة صادرات الصين لمصر بلغت 12 مليار دولار، في حين كان لمصر 1.8 مليار دولار من الصادرات إلى الصين.

وفي ضوء هذه الأرقام، رأى نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن الضغط الاقتصادي سيكون مؤثرا، لا سيما أنه لا يوجد بيت أو متجر يخلو من السلع الصينية التي غزت الأسواق بقوة على مدار السنوات الماضية.

وتصدر وسم "الصين إرهابية" باللغة الإنكليزية موقع تويتر بمصر خلال الأيام الماضي، ليحتل بعدها وسم "الصين تقتل المسلمين" باللغة الصينية، كما برزت وسوم باللغة العربية ضمن الأعلى تداولا تتناول القضية ذاتها.

فقد انتشرت دعوات مقاطعة الماركات التجارية ذات التأثير القوي لدى الصين، على رأسها الهواتف المحمولة (النقالة)، التي تعد من أكثر السلع الصينية انتشاراً. وتظهر البيانات المتخصصة أن الهواتف الصينية الذكية تستحوذ على أكثر من 44 في المائة من السوق المصري.

ووفقا لإحصائيات مؤسسة الأبحاث التسويقية "static counter"، جاءت شركة سامسونغ الكورية الجنوبية في المركز الأول خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي بحصة سوقية بلغت 31.18 في المائة من مبيعات أجهزة الهواتف الذكية، تلتها هواوي الصينية بـ 23.45 في المائة وآبل الأميركية بـ 11.64 في المائة، فيما حلت شركات أوبو وانفينيكس وشاومي الصينية فى المراكز من الرابع إلى السادس بحصص سوقية بلغت 9.75 بالمائة و5.66 بالمائة و5.46 في المائة على التوالي، فيما توزعت النسبة المتبقية على شركات آخرى.


وقدرت تقارير محلية حجم مبيعات الهواتف المحمولة في مصر خلال العام الماضي بنحو 18 مليون هاتف، بقيمة تصل إلى 41 مليار جنيه (2.56 مليار دولار). وبخلاف الهواتف المحمولة تغزو السلع الصينية مختلف الأنشطة التجارية، خاصة الملابس والصناعات الجلدية المختلفة، وألعاب الأطفال والأجهزة الكهربائية.

وقال أحمد إبراهيم، الخبير الاقتصادي، إن السوق المصري مهم بالمسبة للصين، باعتباره من الأسواق الاستهلاكية الكبرى، وبالتالي دعوات المقاطعة الفاعلة تقلق المُصنعين وأصحاب القرار الصينيين، لذا تم أخذها على محمل الجد، ما دعا السفير الصيني إلى عقد مؤتمر صحافي قبل أيام لتوضيح موقف بلاده من التعامل مع مسلمي الإيغور.

وأضاف إبراهيم أن الموقف الصيني القلق لا يختلف عن الموقف الرسمي المصري القلق أيضا، فهناك مصالح للنظام المصري الحالي مع الصين في مشروعات يجري تنفيذها في العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة).

وشهد العام 2019 ما وصفه مراقبون بأنه تغول اقتصادي صيني، بدأ في يناير/كانون الثاني بإقراض مصر 1.2 مليار دولار لإنشاء قطار كهربائي بطول 68 كيلومترا، يصل إلى العاصمة الإدارية الجديدة.
هذا بخلاف الاستثمار الصيني لإنشاء 18 برجا في منطقة الأعمال في العاصمة الإدارية، بقيمة ثلاثة مليارات دولار، قدمت الصين 85 في المئة منها في صورة قرض يبدأ سداده بعد عشرة أعوام. ويبلغ حجم الاستثمارات الصينية فى مصر نحو 7 مليارات دولار في 134 شركة.

وبعد أيام قليلة من انطلاق حملة المقاطعة على مواقع التواصل الاجتماعي، أعلنت الحكومة المصرية عن توقيع عقد إنشاء مشروع مجمع تصنيع حامض الفوسفوريك في هضبة أبو طرطور بمحافظة الوادي الجديد (جنوب غرب) مع تحالف شركات صيني بتكلفة حوالى 850 مليون دولار.

المساهمون