السعودية تشد الحزام لمواجهة استمرار تهاوي أسعار النفط

السعودية تشد الحزام لمواجهة استمرار تهاوي أسعار النفط

29 ديسمبر 2015
حقل نفط في السعودية (فرانس برس)
+ الخط -



تشير خطط السعودية لخفض الإنفاق وتقليص دعم الطاقة إلى أن أكبر بلد مصدر للنفط في العالم يستعد لمواجهة تدني أسعار الخام لفترة طويلة.

ونقلت وكالة "رويترز" عن مصادر في قطاع النفط ومحللين أنه "لم يصدر عن المملكة ذات الثقل في منظمة أوبك ما يشير إلى أنها مترددة في الاستراتيجية النفطية الطويلة الأجل التي تتبناها، منذ العام الماضي.. وبدلاً من ذلك يبدو أنها مستعدة لتحمل هبوط أسعار النفط للدفاع عن حصتها في السوق والانتظار حتى تتوازن السوق بدون خفض الإمدادات".

وفي واحد من أقوى التلميحات بأن المملكة ستمضي قدماً على هذا المسار على الرغم من تأثر ماليتها العامة، قال رئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية، خالد الفالح، إن بلاده أكثر قدرة على الصمود من المنتجين الآخرين.

وقال الفالح في مؤتمر صحافي، أمس الاثنين، إنه: "يتوقع أن تتوازن السوق في 2016 وأن يتجاوز الطلب المعروض، في نهاية المطاف، ويمتص جزءاً كبيراً من فائض المخزون وأن تستجيب الأسعار بغض النظر عن توقيت ذلك ومدى الاستجابة".

وأضاف: "السعودية أكثر قدرة من غيرها على الانتظار لحين تحقيق هذا التوازن في السوق".

وقال محللون إن: "الخطط التي أعلنت أمس لتقليص العجز القياسي في الموازنة الحكومية من خلال خفض الإنفاق وإصلاح دعم الطاقة والسعي لزيادة الإيرادات من الضرائب والخصخصة تظهر أن الرياض تتوقع تراجع الإيرادات".

وقالت كبيرة محللي شؤون النفط لدى إنرجي أسبكتس للاستشارات، أمريتا سين: "لا نتوقع أي تغيير في سياسة السعودية النفطية فيما يتعلق بالإنتاج.. تشير التغييرات في الميزانية إلى أنهم يتوقعون أن تظل أسعار النفط منخفضة لبعض الوقت والإصلاحات تشكل خطوة صغيرة في مواجهة ذلك".

وتمثل ميزانية 2016 والإصلاحات التي أعلنتها السعودية أكبر تغير في السياسة الاقتصادية للمملكة خلال ما يزيد عن عشر سنوات، وتهدف إلى تقليص العجز إلى 326 مليار ريال (نحو 87 مليار دولار) من 367 مليار ريال أو 15% من الناتج المحلي الإجمالي في 2015.

وتتوقع موازنة العام القادم إنفاقاً قدره 840 مليار ريال انخفاضاً من 975 ملياراً في 2015.

وقالت الحكومة، إنها قررت رفع أسعار الوقود والمياه والكهرباء والغاز المستخدم في الصناعة في إطار إصلاحات الدعم، حساسة سياسياً.

وقال رئيس البحوث والاستشارات الاستثمارية لدى السعودي الفرنسي كابيتال، عاصم بختيار: "أنفقت المملكة، في الماضي، بسخاء على الصحة والتعليم والبنية التحتية، في أوقات صعبة، علماً منها أن أسعار النفط ستكون داعمة.. وإذا دخل النفط دورة هبوط ستكون الغلبة لسياسة شد الحزام".

اقرأ أيضاً: السعودية تقلص الدعم في مواجهة عجز الموازنة وتراجع النفط

وصار الفالح، الذي يشغل، أيضاً، منصب وزير الصحة، رئيساً لمجلس إدارة أرامكو أكبر شركة طاقة حكومية في العالم، في وقت سابق هذا العام، بعد أكثر من 30 عاماً قضاها في الشركة.

والفالح واحد من بين شخصيات قليلة في المملكة يراقب التجار والمحللون آراءهم عن كثب للاستدلال بها على الاستراتيجية النفطية للمملكة.

ولطالما يعتبر الفالح خليفة محتملاً لوزير النفط السعودي، علي النعيمي (80 عاماً) وخصوصاً بعد ظهوره مع وزيرين آخرين في المؤتمر الصحافي لإعلان الميزانية، والذي أبدى فيه وجهات نظره بشأن أسعار النفط وتقييم السوق.

ولم تغير منظمة أوبك سياسة الإنتاج في اجتماعها الأخير في الرابع من ديسمبر/كانون الأول، وكانت الرياض هي المحرك للتحول في سياسة المنظمة العام الماضي إذ رفضت دعوات خفض الإنتاج لدعم أسعار النفط والتي تراجعت هذا الشهر لأدنى مستوياتها منذ 2004، وآثرت بدلاً من ذلك الدفاع عن الحصة السوقية في مواجهة المنافسين ذوي تكلفة الإنتاج العالية، وقال الفالح إن تلك السياسة أتت ثمارها.

وأضاف: "دورة الهبوط التي شهدتها أسواق النفط، على مدار العام الماضي، أثرت كثيراً على العرض والطلب إذ استقرت إمدادات المعروض في أميركا الشمالية ثم بدأت في التراجع بشكل كبير، متوقعاً أن يستمر هذا الاتجاه أو ربما يتسارع في 2016".

وتم تداول خام القياس العالمي مزيج برنت قرب 36.85 دولاراً للبرميل، اليوم الثلاثاء، بانخفاض حاد عن مستواه المرتفع البالغ 115 دولاراً في يونيو/حزيران 2014 قبل أن تغير أوبك سياستها.

ولم تفصح وزارة المالية السعودية عن متوسط سعر برميل النفط الذي وضعت على أساسه ميزانية 2016، لكن خبراء اقتصاديين يقدرونه عند نحو 40 دولاراً ويتوقعون أن يستمر إنتاج المملكة مرتفعاً بما يتجاوز عشرة ملايين برميل يومياً العام القادم.

وقال محللون لدى جدوى للاستثمار السعودية المالية في مذكرة اليوم: "لا نتوقع أن تقوم السعودية.. بخفض الإنتاج لدعم تحرك الأسعار صعوداً.. حتى الآن تؤتي سياسة المملكة لكسب حصة سوقية ثمارها ويؤدي هبوط الأسعار إلى تقليص حصص المنافسين سواء من داخل أوبك أو خارجها في أسواق رئيسية".

 

 
اقرأ أيضاً:
الموازنة الجديدة تهوي بالبورصة السعودية 2.81%
موازنة السعودية 2016: حصار العجز وتنويع مصادر الدخل

المساهمون