صراع المصالح يعطل موازنة العراق ويجد المشاريع الحكومية

صراع المصالح يعطل موازنة العراق ويجد المشاريع الحكومية

27 فبراير 2018
تردى اقتصاد العراق وسط خلاف الكتل السياسية على المخصصات(Getty)
+ الخط -
يترقب العراقيون جلسة البرلمان غداً الأربعاء، والتي ستخصص لمناقشة تمرير مشروع الموازنة المالية للعام الحالي 2018، والتي تأخر إقرارها بسبب مشاكل كبيرة بين الحكومة وكتل برلمانية تتعلق بحصص المدن المدمرة وإعمارها، وكذلك حصتي إقليم كردستان العراق ومحافظة البصرة.
وأدى تأخر إقرار الموازنة إلى تعطيل الكثير من المشاريع الحكومية، فضلا عن تعطيل العلاوات والمنح وبرنامج دعم الفلاحين ومرتبات الرعاية الاجتماعية للأرامل والأيتام والمعاقين، عدا عن جوانب أخرى تتعلق بعمل الدوائر الخدمية.

ووفقا للدستور العراقي، تبدأ الموازنة المالية العامة مطلع يناير/كانون الثاني وتنقضي بنهاية ديسمبر/كانون الأول من العام، إلا أن الخلافات الحاصلة حولها أخرت إقرارها منذ نهاية العام الماضي 2017.
ويبلغ إجمالي قيمة الموازنة المقدمة من قبل الحكومة 108 ترليونات دينار عراقي نحو (96 مليار دولار) بعجز مقدر بنحو 13 ترليون دينار (11.5 مليار دولار)، رغم وصف الموازنة بالتقشفية، فضلا عن احتساب سعر برميل النفط بنحو 45 دولاراً للبرميل، وبمعدل تصدير يبلغ 3.8 ملايين برميل يومياً.

وتبدو فرص تمرير الموازنة غير محسومة، رغم مساعي رئيس الوزراء حيدر العبادي لتفكيك الكتل المعارضة لها والتي تشمل الكتل السنية والكردية ونواب البصرة، من خلال اجتماعات منفردة مع كل منها، تضمن وعوداً وامتيازات أضيفت للموازنة، إلا أنها لا تبدو كافية لهذه الأطراف.
وتوعدت كتل برلمانية بكسر النصاب وعدم الحضور لإفشال جلسة البرلمان المخصصة لإقرار الموازنة، فيما تقول الحكومة إن كل مطالب الكتل واعتراضاتها شخصية وانتخابية للترويج لها لا أكثر.

وتتركز مطالب الكتل السنية العراقية بتخصيص نسبة من الموازنة لإعادة إعمار المدن المحررة من تنظيم داعش وتعويض الأهالي المدمرة منازلهم وذوي ضحايا الإرهاب والأخطاء العسكرية من القتلى والجرحى والمفقودين.
وبحسب وزارة التخطيط، فإن المحافظات السبع التي هاجمها تنظيم داعش شمال وغرب البلاد، تكبدت خسائر مباشرة تقدر بمبلغ 46 مليار دولار شملت تدمير 147 ألف وحدة سكنية.

بينما تطالب الكتل الكردية بتثبيت نسبة 17% كحصة لها في موازنة العام الجاري، بالوقت الذي تصر الحكومة على اعتماد النسبة السكانية لإقليم كردستان وتحددها بـ 12% فقط ، وهو ما تعتبره أربيل إجحافا لها ولا يمكن لهذه النسبة أن تكفي بمتطلبات الإقليم ومشاريعه أو مرتبات موظفيه.
في حين يطالب نواب محافظة البصرة (جنوب) بتفعيل مشروع البترودولار ومنح المحافظة نسبة عن إنتاج وتصدير النفط، وما يترتب عليه من آثار بيئية تقول إنها مضرة بالسكان.

وقال أحمد السلماني، النائب عن تحالف القوى العراقية في تصريح خاص لـ"العربي الجديد" إن رئاسة البرلمان جمعت ملاحظات الكتل وتجاوزت 35 مقترحا واعتراضا وشرطا لتمرير الموازنة في جلسة الأربعاء، مشترطة على الحكومة تضمينها في مسودة الدستور مقابل تمرير الموازنة.
وأضاف :"تم تشكيل لجنة برلمانية لدراسة الموازنة وتضمين الملاحظات عليها وإعادتها للحكومة، وبالفعل فيها مشاكل ولا يمكن أن تمرر إذا لم تعتمد الحكومة ملاحظات ومطالب الكتل".

وقدم مجلس الوزراء مشروع الموازنة إلى البرلمان مطلع ديسمبر/كانون الأول 2017، على أمل إقرارها، إلا أنها قوبلت بالرفض.
وقال أحمد الحاج عضو اللجنة المالية في البرلمان لـ"العربي الجديد" إن "عدد ملاحظات القوى السنية على الموازنة يصل إلى 12 ملاحظة والكتل الكردية لديها 9 ملاحظات، إضافة إلى اعتراضات المحافظات المنتجة للنفط في الوسط والجنوب وأبرزها البصرة، وما لم يتم التوصل إلى اتفاق سياسي فلن يتم تمرير الموازنة".

وبحسب رعد الدهلكي القيادي في تحالف القوى فإن هناك "ضبابية" في الموازنة وفقراتها، موضحا في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هناك إرادة لتمرير الموازنة كونها تتعلق بالصالح العام، لكن المشكلة أن هناك الكثير من البنود يجب تصحيحها لتأخذ جميع المحافظات استحقاقاتها".
لكن صادق عبد الرسول القيادي بالتحالف الوطني الحاكم، أعرب عن أمله بتمرير الموازنة غدا الأربعاء، قائلا :" اتحاد القوى (السنة) كانت لديه مطالب معينه تجاه النازحين وحدث تفاهم فيها، أما الأكراد فهم يريدون 17% نسبة لهم، وهذا ما لا يمكن التفاهم عليه كونها غير عادله والشئ العادل هو على نسبة السكان وهذا الموضوع سياسي لا يمكن الرجوع عنه".
ووفق مصادر برلمانية فإن "رئيس الوزراء يحاول كسب موقف الكتل السنية العراقية لتمرير الموازنة، حيث إن موافقتهم عليها تعني اكتمال النصاب البرلماني المطلوب لتمريرها، حتى وإن انسحب الأكراد من جلسة الأربعاء أو صوتوا بالرفض.
ووفقا لعضو بارز في البرلمان العراقي فإن "المفاوضات جارية حتى الآن لكسب ورقة الأحزاب السنية لا يمكن اعتبارها محسومة، لكن هناك مطالب بالفعل كانوا يشترطون توفرها بالموازنة تحققت لهم من قبل الحكومة".

وقال علي البديري النائب عن حزب الدعوى في حديث لـ"العربي الجديد" : "حتى هذه اللحظة فإن الخلافات مستمرة على إقرار الموازنة وأغلب الموجودين للأسف الشديد يعتبرونها دعاية انتخابيه مبكرة لهم في هذا العام، وبالتالي الصعوبات إلى الآن قائمة".
ويأتي الصراع على مخصصات الموازنة في وقت تعاني فيه البلاد من تردي الاقتصاد والظروف المعيشية للمواطنين، في ظل تراجع إيرادات النفط والخسائر التي تسببت فيها الحرب ضد داعش وانتشار الفساد المالي.



المساهمون