عودة الزائرين... العيد يُقرّب تركيا من أهدافها السياحية

عودة الزائرين... العيد يُقرّب تركيا من أهدافها السياحية

01 سبتمبر 2017
موسم سياحي قوي في تركيا العام الجاري (الأناضول)
+ الخط -

تسعى تركيا لاستغلال مناسبة عيد الأضحى في دفع السياحة لتحقيق الهدف المعلق منذ ثلاثة أعوام والمتمثل في جذب أربعين مليون وافد، بعد أن تأثّر القطاع بأزمات حالت دون مسيرة نموه التي بدأها قبل نحو عقد من الزمن.

وتجتهد السلطات في تركيا للعودة إلى عدد السياح الذي تمكّنت من جذبه في عام 2014، عبر استغلال الموسم السياحي المكثف الذي يتزامن مع أعياد المسلمين، وكذلك تحسن العلاقة مع موسكو بعد أن مرت بعامي قحط، إثر الخلاف مع روسيا عام 2015 نتيجة إسقاط طائرة حربية.

ومرت السياحة في تركيا بأزمات متتالية خلال السنوات الثلاث الماضية، تمثلت في القطيعة مع روسيا، وما تلاها من عقوبات روسية، ثم محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة وما قبلها من تفجيرات إرهابية دفعت معظم السياح إلى إلغاء حجوزاتهم، تلك أزمات أفضت إلى تراجع السياحة بأكثر من 40% في العام الماضي.

وتنصبّ، بحسب مراقبين، جلّ الاهتمامات التركية هذا العام على السياحة والاستثمار، ليأتي قرار رئاسة مجلس الوزراء أخيراً بدمج عطلة عيد النصر مع عطلة عيد الأضحى، لتمتد لعشرة أيام، ضمن مساعي رفع مساهمة السياحة إلى أكثر من 8% بالناتج المحلي الإجمالي.

ولم يخف نائب رئيس الوزراء التركي والناطق باسم الحكومة بكر بوزداغ، خلال تصريحات صحافية بعد إقرار العطلة، أن الهدف هو تنشيط قطاع السياحة والتجارة وتعزيز التزاور العائلي بين أبناء المجتمع التركي.

ويرى العامل في شركة "غولدن ستي" السياحية في إسطنبول، عبد الوهاب شعبان، أن الغرض الرئيس من العطلة الطويلة هو تنشيط قطاع السياحة، والداخلية منها على وجه التحديد، لأنها الفرصة الأخيرة للأتراك قبل افتتاح المدارس.

ويضيف لـ "العربي الجديد" أن الحكومة قدّمت تسهيلات للأتراك بالتوازي مع العطلة الطويلة، فصرفت الرواتب والأجور قبل موعدها بثلاثة أيام وخفّضت أجور النقل في إسطنبول بنسبة 50%، على اعتبار أن إسطنبول الوجهة الكبرى للأتراك.

وحول الإقبال السياحي هذا الموسم، يقول شعبان: "لم تشهد تركيا إقبالاً سياحياً كهذا العام منذ موسم عام 2014، فجميع الفنادق ممتلئة، فضلاً عن اعتذار شركات الطيران عن الحجز، نحن محتاطون وحجزنا للمجموعات منذ مارس/ آذار الماضي، واليوم لا توجد في إسطنبول فنادق شاغرة".

ولاقى قرار الحكومة التركية تمديد العطلة حتى الرابع من سبتمبر/ أيلول ترحيباً من الأتراك والقطاع السياحي. ونشرت وسائل إعلامية تركية تصريحات لمسؤولين بالقطاع السياحي، عبروا خلالها عن تفاؤلهم بأن تتوّج السياحة الداخلية خلال العيد الموسم المنتظر بعد كبوة السياحة العام الماضي.

وقال رئيس اتحاد الفنادق في تركيا، عثمان أيك، إن العطلة الموسّعة من شأنها أن تزيد إشغال الفنادق إلى 100%، حصة حجز السياح المحليين منها تصل إلى 30%.

وقال مدير السياحة والثقافة في إسطنبول، جوشكون يلماز، إن المكاتب السياحية تنظّم رحلات إلى إسطنبول إلى جانب قدوم عدد كبير من السياح لزيارة أقربائهم ممن فضّلوا البقاء في المدينة، ما يعزز السياحة هذا الموسم.

من جهته، وصف باشران أولوصوي، رئيس رابطة وكالات السفر التركية، القرار بالمهم، والذي سيعطي دفعة للاقتصاد التركي بنحو مليار ليرة خلال عشرة أيام، فيما رحّب محمد إيشلر، رئيس رابطة إيجة للسياحة بقرار تمديد العطلة، ووصفه "بالقرار المفيد" لقطاع السياحة التي مرت بظروف صعبة العام الماضي.

وأشاد إيشلر بالدعم الذي قدّمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لقطاع السياحة، وقال خلال تصريحات صحافية: "سيأخذ قطاع السياحة نفساً عميقاً بعد هذا القرار، ومن المتوقع أن تصل نسبة إشغال الفنادق في منطقة بحر إيجة إلى 100%".

وأعلن المدير العام للخطوط الجوية التركية، بلال أكشي، أن الشركة نظمت 1545 رحلة جوية لنقل 250 ألف مسافر، بالتزامن مع بدء عطلة عيد الأضحى.

وقال أكشي، في تغريده على تويتر: "عيد الأضحى جاء بالبركة. نعمل على نقل ربع مليون مسافر عبر تنظيم 1545 رحلة جوية".

ويرى المحلل الاقتصادي التركي، أوكتاي يلماظ، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن حكومة بلاده تعمل على زيادة مساهمة قطاع السياحة على مسارات عدة في آن واحد، فبعد استعادة السياح الروس، والذين يشكّلون 10% من مجمل السياح، انفتحت أنقرة أكثر على بلدان الخليج والعرب عموماً، لتجذب منهم قرابة 3.5 ملايين سائح هذا العام.

ودعم عودة السياحة بجانب ازدياد الصادرات ونشاط الاستثمار من قيمة العملة التركية. وحققت الليرة أعلى مستوى لها لهذا العام، مقابل الدولار الأميركي، وذلك بعد أن وصلت العملة الأميركية مطلع العام إلى أعلى المستويات مقابل الليرة التركية، إذ بلغت قيمته 3.94 ليرات، إلا أن الدولار انخفض في تعاملات نهاية أغسطس/ آب الماضي، إلى أدنى مستوى له على الإطلاق خلال العام الجاري، ليبلغ 3.43 ليرات.

وتواصل المؤشرات الاقتصادية بتركيا تعافيها، ما دفع البنك الدولي إلى رفع توقعه لنمو الاقتصاد التركي لعام 2017 من 3% إلى 3.5%، وليعدل خلال تقرير توقعات الاقتصاد العالمي الذي أصدره الشهر الماضي، من توقعاته لنمو الاقتصاد التركي للعام المقبل، إلى 3.9% ولعام 2019 إلى 4.1%.

وكان وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي، قال في تصريحات صحافية يوم 18 أغسطس/ آب الماضي، إن بلاده تحتل المرتبة الثالثة بين دول مجموعة العشرين من حيث سرعة النمو الاقتصادي، بعد أن سجلت خلال الربع الأخير من العام الماضي 5% رغم جميع الاضطرابات، بما فيها محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف 2016.

المساهمون