إلى أين تتجه أسواق الصرف في 2020؟

إلى أين تتجه أسواق الصرف في العام 2020؟

31 ديسمبر 2019
البيسو الأرجنتيني تعرّض لأكبر الهزات في عام 2019 (Getty)
+ الخط -



ربما يحمل العام الجديد 2020 أخباراً سارة للاقتصادات الناشئة واقتصادات الدول الفقيرة التي عانت لسنوات خلال العقد الجاري من قوة الدولار، ألا وهي توقعات العديد من المصارف الكبرى بتراجع سعر صرف الورقة الخضراء.

وحسب التقارير الصادرة حول توجهات أسواق الصرف العالمية، تتفق العديد من المصارف الاستثمارية الكبرى على أن عام 2020 لن يكون عام قوة الدولار، كما حدث خلال السنوات الماضية.

ويرى كل من مصارف "دويتشه بانك" الألماني و"غولدمان ساكس" الأميركي ومصرف "بانك أوف نيويورك ميلون"، في توقعاتها لأسعار الصرف العالمية، أن سعر صرف الدولار سينخفض خلال العام المقبل بسبب تراجع مخاوف النمو الاقتصادي العالمي، بعد الهدنة الجارية في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، والتي من المتوقع أن تتواصل حتى نهاية عام 2020 وإلى حين تنصيب الرئيس في يناير/كانون الأول 2020.

ومن المتوقع أن يوقع الرئيسان الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ على اتفاق التجارة الأولي في بداية يناير المقبل.

وعادة ما يقود تحسّن النمو الاقتصادي العالمي في الاقتصادات الكبرى، إلى تشجيع المستثمرين على المضاربة على أدوات الاستثمار الخطرة، وبالتالي الابتعاد عن الدولار.

ويلاحظ أن توقعات المصارف قد أشارت إلى احتمال حدوث انتعاش كبير في مؤشرات أسواق "وول ستريت" المالية في العام المقبل.

ويضاف إلى هذا العامل الداعم لعدم ارتفاع الدولار، التطمينات التي أطلقها مجلس الاحتياط الفدرالي "البنك المركزي الأميركي" في آخر جلساته، وقال فيها إنه لن يرفع سعر الفائدة المصرفية. وعادة ما يساهم رفع سعر الفائدة المصرفية في ارتفاع سعر العملة، حيث إن الفائدة ترفع من سعر اقتراض المصارف من البنك المركزي.
وكانت عملات اقتصادات ناشئة في آسيا وأميركا اللاتينية ومنطقة الشرق الأوسط قد عانت خلال العام الجاري 2019 من قوة الدولار.

أما العامل الثاني المطمئن، في أن قوة الدولار لن تكون صداعاً للاقتصادات العالمية في العام الجديد حسب محليين، فهو الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة التي عادة ما تزدهر فيها أسواق المال الأميركية.

أما العامل الثالث الذي يدعم تراجع سعر صرف الورقة الخضراء، فهو التنافس بين الاقتصادات الكبرى في أميركا ومنطقة اليورو وآسيا على استخدام السياسة النقدية الميسرة لدعم النمو الاقتصادي. وهذا العامل ربما يضغط على مجلس الاحتياط الفدرالي لإجراء خفض على سعر الفائدة الأميركية.

ولكن لا تعني هذه التوقعات حدوث تراجع كبير في سعر صرف الدولار، إذ إنه سيواصل دور "العملة الحاملة للتجارة" في أسواق الصرف.

في هذا الشأن، يقول رئيس صندوق المعاشات الاسترالي "صن سيبر" أندرو فيشر، في تعليقات إن "الدولار من العملات الرئيسية التي يهتم بها المستثمرون، حيث إنه يمنح المستثمرين العائد والأمان معاً في أوقات الاضطرابات".

على صعيد اليورو، يتوقع مصرف "دويتشه بانك" في مذكرة للعملاء ارتفاع سعر صرف اليورو من مستوياته الحالية 1.12 مقابل الدولار إلى 1.20 في العام المقبل.

لكن في المقابل، فإن مصرف "جي بي مورغان" الأميركي يبدو متشائماً تجاه مستقبل النمو الاقتصادي في أوروبا. ويقول محللو المصرف "من الصعب معرفة العملة التي ستحل محل الدولار في قيادة أسواق الصرف في العام المقبل، حيث توجد مخاوف من دخول اقتصاد منطقة اليورو مرحلة من الركود".

ويتوقع المصرف الأميركي أن يختتم اليورو تعاملات العام المقبل لدى سعر 1.14 دولار. وهذا السعر المتوقع لا يختلف كثيراً عن مستوياته الحالية البالغة 1.12 مقابل الدولار.

أما الجنيه الإسترليني الذي يتأرجح حالياً حول 1.3 دولار، فإنه بات عملة سياسية، وستكون الترتيبات التجارية والعلاقة المستقبلية مع دول الاتحاد الأوروبي العامل الحاسم في تحديد سعره.

ويتوقع محللون في آسيا أن يتراجع دور الين الياباني كعملة "ملاذ آمن" للمستثمرين الآسيويين خلال العام المقبل، بعد الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين.
وعلى صعيد العملات الأخرى، ينظر المستثمرون إلى العملات الصغيرة ذات العائد الكبير، مثل الليرة التركية والريال البرازيلي، كعملات ستحقق أرباحاً كبرى في تجارة الصرف.

بالنسبة لليرة التركية التي تعرضت لهزات خلال العام الجاري والعام الماضي، يتوقع محللون أن تستفيد في العام المقبل من الارتفاع الكبير في معدلات النمو الاقتصادي بتركيا.

وتوقع كل من صندوق النقد الدولي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، ارتفاع معدل النمو التركي إلى 3% خلال العام المقبل. كما ستستفيد الليرة التركية كذلك من تدفقات الاستثمارات العربية من أثرياء العرب الذين تحاصرهم الاضطرابات في كل من الجزائر ولبنان والعراق والأردن، والحظر على إيران، وتحطم العديد من الاقتصادات العربية الأخرى في ليبيا وسورية.

وبالتالي، فإن أثرياء الدول العربية والمستثمرين الخليجيين سيفضّلون الاستثمار في تركيا، بما يتوفر فيها من استقرار سياسي وسوق مفتوحة. كما أن العائد فيها على العقارات والإيداعات المصرفية أفضل من أوروبا.

أما على صعيد العملات الأخرى، فهناك رهان على ارتفاع الريال البرازيلي، وسط الاضطرابات العديدة التي تشهدها دول أميركا اللاتينية، حيث تقف كل من فنزويلا والأرجنتين على حافة الإفلاس، بينما تجتاح الاضطرابات السياسية أكثر من دولة، كما يعاني الاقتصاد المكسيكي من الضعف.

ويقول محللون في مصرف "آي أن جي" لصحيفة فايننشال تايمز إن الريال ربما يكون قصة النجاح الكبيرة في عام 2020 في سوق الصرف. ويتوقع المصرف ارتفاع الريال بنسبة 10% في 2020.

المساهمون