انتعاشة خجولة لمشاتل غزة في الربيع

انتعاشة خجولة لمشاتل غزة في الربيع

11 ابريل 2016
مشتل في قطاع غزة (عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
يرش محمد خضير أشجار الياسمين، التي صففها على مدخل مشتله بالماء وسط مدينة غزة، ويقصف أوراقها الجافة، تحضيراً لبيعها مع مختلف أشتال الورد والأشجار التي بدأ موسم بيعها، وزاد الإقبال عليها مع دخول فصل الربيع على مشاتل غزة.
وأزهرت مع دخول فصل الربيع مختلف أصناف أشتال الورود والأشجار المثمرة وأشجار الزينة، التي تم تجهيزها والعناية بها، للبيع في هذا الموسم الذي ينتظره أصحاب المشاتل في كل عام لتحقيق عائدات إضافية.
يبدأ الشاب العشريني، عمله في التاسعة صباحاً في مشتل عمه حسنين خضير، ويقوم بتفقد الأشتال وتنظيفها وسقايتها والعناية بها، إلى جانب تزيينها بأوعية خاصة بالأشتال، وعرضها بشكل لافت للزبائن، وبأسعار تراعي ظروفهم المعيشية.
يقول خضير وهو من مدينة بيت لاهيا شمال القطاع، إنه ورث حب الزراعة وأشتال الزينة عن والده الذي يعمل في مجال الزراعة، وعن عمه الذي بدأ العمل معه في العام 2009، عندما كان يزرع أشجار الحمضيات والزيتون، والأشتال والورود، ويبيعها قبل افتتاح المشتل الجديد وسط مدينة غزة قبل عامين.
ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أن المشتل يحتوي على عشرات أصناف الأشتال والورود المستوردة من جانب الاحتلال الإسرائيلي، ومنها "أوركيدا، السحالي، السنجونيوم، البوتس، الروبي، الماجانيت، السيكاس، البفمباخيا، الفرمانيا، وغيرها".
إلى جانب ذلك يحتوي على مجموعة أصناف محلية التهجين والزراعة، ومنها "الفنكة، الملعقة، البيتونيا، السقصلي، الغزاوي، الكارتون، قطر الندى، الرجلة"، إضافة إلى مجموعة من أشجار الزينة، وأشجار الحمضيات والزيتون واللوزيات، والنخيل.
أسعار استيراد الأشتال من الجانب الإسرائيلي لم تختلف كثيراً عن السابق، لكن الأوضاع الاقتصادية في غزة هي التي اختلفت، كما يقول خضير.
ويوضح أن الحصار الإسرائيلي تسبب في تدهور الحالة الاقتصادية، وضعف إقبال المواطنين على الشراء، خاصة عند الحديث عن الأشتال مرتفعة الثمن.


ويضيف، أن المواطن في قطاع غزة يحاول شراء الأساسيات بدلاً من شراء الأشتال والورود بعد ارتفاع معدلات البطالة والفقر إلى نسب غير مسبوقة، لافتا إلى أن الإقبال جيد رغم الظروف الاقتصادية المأساوية، لكنه لا يرتقي لإقبال المواطنين على الشراء خلال السنوات السابقة.
ويشير خضير إلى الرعاية الخاصة التي يوليها للأشتال، عبر رش المبيدات الحشرية اللازمة، التي تمنع إصابة الأوراق بالعفن، فضلا عن تزويد تربة المزروعات بالأسمدة العضوية والكيماوية اللازمة لتغذية الجذور، والتي تساهم بتقوية الإنتاج، وحجم وشكل الورود.
أما فيما يتعلق بالعقبات التي تواجه عمل المشاتل في غزة، فيوضح خضير أن الانقطاع المتواصل للكهرباء، وما يليه من انقطاع للماء يؤثر على الأشتال، ما يضطره إلى شراء مياه جاهزة، إضافة الى سوء الحالة الاقتصادية العامة، والتي تؤثر سلباً على سير الموسم.

ويشير إلى أن موسم التجهيز للأشتال يبدأ خلال فترة الشتاء، بعد نهاية شهر سبتمبر /أيلول، حتى شهر فبراير /شباط، ومن ثم يبدأ موسم بيع تلك الأشتال في فصل الربيع، كونه الأنسب للزراعة، مبيناً أن هواية العمل في المشاتل تعتبر "إدمانا" لا يمكن التخلص منه.
ويوضح أن المشتل الذي يعمل على إنتاج وبيع الأشجار المثمرة وأشجار الزينة، والمسطحات الخضراء وتنسيق الحدائق العامة والخاصة، ابتكر خاصية جديدة في صناعة "روف" زراعي كامل على أسطح المنازل، يحتوي على مختلف أصناف الورود المستوردة والمحلية.
إلى الشرق من مدينة غزة، يصفف الأربعيني أبو محمد الشريف أشتال الورود إلى جانب بعضها البعض على رصيف مشتله في حي الزيتون، ومعه أولاده حسن وسمير، اللذان انشغلا بتنظيف التربة من الأوراق الجافة، ورش الماء على الأشجار والأشتال.
المشتل الذي أوجده الشريف بجهده الفردي على مدار عشرة أعوام، بدا مكتظاً بمختلف أصناف الورود المحلية والبلدية، أبرزها الورد الجوري، الفل، الياسمين، العِناب، العِنب، وأشتال الزنبق اللافندر، والغاردينيا، إلى جانب أشتال النعناع، الريحان، الزعتر، ومجموعة كبيرة من الأشتال المنزلية، والعطرية.
ويبين أن اقبال المواطنين على شراء الأشتال يزداد مع بدء فصل الربيع، وهو موسم زراعة مختلف الأصناف الزراعية، مبيناً أن تركيز الشراء يكون على الأشتال رخيصة الثمن بسبب الأحوال الاقتصادية السيئة، الى جانب بعض الأشتال المستوردة غالية الثمن.
ويشير إلى أن المواسم السابقة كانت أفضل، وأن الحصار الاسرائيلي المطبق على قطاع غزة ساهم بتضييق الخناق على مختلف النواحي، ومنها الناحية الاقتصادية، نتيجة توقف مئات آلاف العمال عن العمل بسبب منع الاحتلال الاسرائيلي دخول المواد الخام الأساسية.
أما فيما يتعلق بمستقبل المشاتل في قطاع غزة مع استمرار الحصار الإسرائيلي، فيوضح الشريف أن العمل في زراعة الورود والأشتال، يعتبر هواية إلى جانب أنها مصدر رزق وحيد، لذلك يتم الاعتناء بها ومحاولة حمايتها من الأوضاع الصعبة التي تمر بها المدينة المحاصرة.


المساهمون