الغلاء يحول شرفات المصريين لمزارع دجاج

الغلاء يحول شرفات المصريين لمزارع دجاج

25 يونيو 2018
تربية الدجاج لم تعد قاصرة على الأرياف(فرانس برس)
+ الخط -

 دفعت موجات الغلاء المتلاحقة العديد من الأسر المصرية إلى تحويل شرفات منازلها إلى مزارع دجاج، لتغطية احتياجاتها وبيع الفائض من الإنتاج لتوفير عائدات مالية تساعد في مواجهة الأعباء المعيشية، التي تفاقمت في ظل الزيادات غير المسبوقة للأسعار التي فرضتها الحكومة في الأعوام الأربعة الأخيرة.

وانتشرت ظاهرة تربية الدجاج في المنازل، لتصل إلى مناطق تقطنها الطبقة المتوسطة بالعاصمة القاهرة، بينما كان الأمر أكثر شيوعا في السابق بالأحياء الشعبية الفقيرة بأطراف العاصمة والمناطق الإقليمية والأرياف.

وأنعشت تربية الدجاج في المنازل بيع الأدوية والمستلزمات البيطرية، التي قال أطباء بيطريون إن الطلب من قبل الأهالي أصبح يفوق المزارع المتخصصة في تربية الدواجن.

ويقول الطبيب البيطري أحمد عبدالفتاح، وهو صاحب صيدلية للأدوية والمستلزمات البيطرية في أحد أحياء العاصمة، إن الإقبال الآن على حركة البيع والاستشارات البيطرية أصبح للأهالي، أكثر من المزارع الكبرى المتخصصة، والتي اقتصر الإنتاج من بعضها على بعض المواسم في ظل ارتفاع أسعار الأعلاف.

ويضيف عبد الفتاح لـ"العربي الجديد" أن بعض الأسر استغلت شرفات المنازل ومساحات أخرى في تربية الدواجن، لافتا إلى أن المتر المربع يستوعب 12 كتكوتا في فصل الشتاء و10 في الصيف.

وتستغل الكثير من الأسر المتبقي من الأطعمة في توفير جزء من غذاء الدواجن بجانب الأعلاف التي تقوم بشرائها من الأسواق في محاولة لتقليل كلفة التربية.

وأربكت الزيادات الحكومية المتلاحقة في أسعار المياه والكهرباء والوقود على مدار الأيام القليلة الماضية، حركة الأسواق بشكل كبير، ما دفع العديد من الشركات لا سيما في قطاعات الأغذية ومواد البناء، إلى إعادة تسعير منتجاتها ورفع قيمتها، الأمر الذي يفاقم الأعباء المعيشية لملايين الأسر التي تئن من تلاحق موجات الغلاء.

واستفاق المصريون مطلع الأسبوع الماضي، على زيادة جديدة في أسعار الوقود بنسبة وصلت إلى 66.6%، لتضاف إلى الزيادات الحادة التي طاولت أسعار الكهرباء قبلها بأيام، والتي وصلت إلى 70% للاستهلاك المنزلي و41% للمصانع، والمياه بنسبة تصل إلى 46.5%.

وجاءت زيادة أسعار الوقود، الأكثر إزعاجاً للأسواق، حيث أكد خبراء اقتصاد أنها عنصر فاعل في زيادة كلف الإنتاج وأسعار الكثير من السلع النهائية خاصة المنتجات الغذائية.

وتعد زيادة أسعار الوقود الأخيرة، هي الرابعة منذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم في يونيو/ حزيران 2014، والثالثة منذ اتفاق صندوق النقد، إذ كانت الأولى في يوليو/ تموز من ذلك العام، بنسب اقتربت من الضعف، والثانية في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، بنسب تراوحت بين 30% و47%، ثم جاءت الزيادة الأخيرة في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي بنسب تصل إلى 55%.

ويشير مربون إلى أن فكرة التربية المنزلية للدواجن جاءت في البداية لتغطية الاستهلاك الأسري، ثم تحولت للاستثمار فيما بعد، خاصة وأن دورة التربية لا تتعدى 40 يومًا.

وتقول عنايات حسن، مدرسة بالمرحلة الإعدادية: "نتيجة غلاء الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة بشكل عام، أقدمت على التربية المنزلية للدواجن البيضاء خاصة وأن مدة الدورة 35 يوما فقط، كما أنها لا تحتاج إلى مكان متسع، حاليا استعمل البلكون (الشرفة) في التربية، فالدجاج الذي نربيه في هذا المكان رغم صغره يكفي على الأقل لاستهلاكنا، لحين بداية دورة جديدة".

وتعدد عنايات مزايا أخرى للتربية المنزلية، منها أن الأسرة بخلاف توفير النفقات، فهي تأكل لحما صحيا خاليا من الهرمونات، بالإضافة إلى أن مذاق اللحم يختلف عن مذاق دجاج المزارع المشبع بالأدوية والهرمونات.

واتخذت الحكومة العديد من القرارات المؤلمة للفقراء ومحدودي الدخل، منذ إبرام اتفاقها مع صندوق النقد الدولي الذي يقضي بإقراض الحكومة 12 مليار دولار، مقابل تنفيذ برنامج اقتصادي يتضمن إلغاء دعم الطاقة وتعويم سعر صرف العملة المحلية ما أدى إلى تهاويها أمام الدولار والعملات الأجنبية.

وتسبب تعويم الجنيه في تضخم بلغ ذروته في يوليو/تموز 2017 حين سجّل المؤشر السنوي 34.2%، إلا أنه أخذ في الانخفاض وفق البيانات الحكومية وصولا إلى 11.5% مع نهاية مايو/أيار، بينما يشكك خبراء الاقتصاد في شفافية هذه البيانات.

كما فرضت الحكومة منذ نهاية 2016 ضريبة القيمة المضافة بنسبة وصلت إلى 14% حاليا على أغلب السلع والخدمات، ما أدى إلى زيادة الأسعار.

وتشير بيانات الموازنة العامة للدولة للعام المالي الجديد 2018 /2019، الذي يحل في الأول من يوليو/تموز المقبل، إلى أن الحكومة تستهدف زيادة إيرادات ضريبة القيمة المضافة بقيمة 70 مليار جنيه (3.9 مليارات دولار)، لتصل إلى نحو 320 مليار جنيه، وهو ما يقرب من نصف إجمالي الإيرادات الضريبية المستهدفة لهذا العام والبالغة 770.2 مليار جنيه.

وتقول مها أحمد، صاحبة تجربة لتربية الدواجن في المنزل في حديث لـ"العربي الجديد": "لجأت إلى تسويق الفائض عن احتياجات أسرتي لزملائي في العمل، وكان إقبالهم على هذه النوعية من الدجاج على غير المتوقع، خاصة أن السعر والجودة أفضل من المطروح في الأسواق من قبل المزارع، والتي يتجاوز سعر الكيلوغرام منها نحو 30 جنيها (1.7 دولار).


المساهمون