مصر..تجارة العملة "دليفري" تجنبا للرقابة

مصر..تجارة العملة "دليفري" تجنبا للرقابة

09 سبتمبر 2016
إنخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار (سعيد خطاب/فرانس برس)
+ الخط -

سلكت سوق العملة الصعبة الموازية في مصر، طرقاً أخرى لم تكن نشطة من ذي قبل، تتوقف في الغالب على عنصر الثقة بين البائع والمشتري، بعيداً عن الأماكن الرسمية لتداول النقد الأجنبي، وذلك بعد أن أغلقت السلطات العشرات من شركات الصرافة العاملة في السوق، وأجبرت الشركات المتبقية على التعامل بسعر الدولار الرسمي.
وتُتداول العملة الأميركية في السوق الموازية منذ أسابيع في نطاق سعري بين 12.5 و12.85 جنيهاً مصرياً للدولار، مقابل نحو 8.88 جنيهات للدولار في السوق الرسمية، ما يدفع أغلب النقد الأجنبي الذي يتم تحويله سواء للأفراد أو المصدرين للاتجاه إلى السوق الموازية، على اعتبار أنها تحدد السعر الأكثر واقعية للعملة المصرية.

وقال محمد رضوان، العضو في شعبة الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، لـ "العربي الجديد"، إن إغلاق شركات الصرافة تسبب في عودة ظاهرة تجار العملة "غير القانونيين".
ويرى رضوان أن استمرار القبضة الأمنية يؤدي إلى ظهور فئات تتاجر في العملة الصعبة تكون خارج نطاق الرقابة ولا تخضع لسيطرة البنك المركزي.

وقال محمد شلبي، مدير إحدى شركات الصرافة بالجيزة، لـ "العربي الجديد": "كل شركات الصرافة تتعامل بالأسعار الرسمية للدولار وهي 8.88 جنيهات للشراء، والكل بلا استثناء يرفض البيع، وبالتالي لا تسجل الشركات أية حركات بيع أو شراء على العملات الأجنبية". وأضاف أن شركات الصرافة تتحوط إلى حد بعيد في التعامل مع الأشخاص الغرباء، نظرا للحملات الفجائية لمباحث الأموال العامة والبنك المركزي.

وأغلق البنك المركزي ومباحث الأموال العامة خلال العامين الماضيين، نحو 56 شركة صرافة من إجمالي 111 شركة عاملة بالسوق المصري، وفقا لبيانات البنك المركزي.
وقال محمد. ص، مدير إحدى شركات الصرافة التي تم إغلاق بعض فروعها في مصر، "نتعامل مع العملاء المعروفين، أو الذين يأتون بتوصيات ممن نعرفهم جيداً، لا نبيع ولا نشتري إلا بمبدأ الثقة، تفادياً للحملات الأمنية".

وحسب محمد، والذي طلب من "العربي الجديد" عدم نشر اسمه كاملا، "يبدأ شراء الدولار للكميات الأقل من مائة إلى ثلاثمئة دولار بسعر 12 جنيهاً، ومن أربعمئة إلى ستمئة دولار بسعر و12.20 جنيهاً، أما أقصى سعر نشتري به فهو 12.55 جنيهاً".
وأضاف "نقوم بتوريد المبالغ لصاحب الشركة بسعر 12.50 و12.60 جنيهاً، ليبيعه هو للمستوردين بسعر يتراوح بين 12.70 و12.80 و12.85 جنيهاً حسب الكميات المطلوبة".
وأوضح أن جميع الموظفين الذين كانوا يعملون بالشركة مستمرين في عملهم، لكن كل في دائرته ومع عملائه الذين يتعامل معهم منذ سنوات، لافتا إلى أنه لا يتعامل مع أي شخص لا يعرفه، ومن يسأله بدون سابق معرفة أو أن يكون من طرف شخص غير معروف، يكون الرد: "الشركة أغلقت ونحن الآن بدون عمل".

ويتعامل محمد مع زبائنه القدامى، إما من خلال الذهاب إليهم بسيارته الخاصة إذا كان معهم مبالغ كبيرة، أو أن يأتوا إليه هم إذا كانت المبالغ أقل من 5 آلاف دولار.
ومع تطور الأزمة، وازدياد عدد شركات الصرافة التي آثرت الإغلاق على العمل في مثل هذه الأجواء الأمنية الصعبة، ظهرت فئة وسيطة جديدة بين متعاملي الدولار، مثل سائقي التاكسي وبعض الموظفين والمحامين، وفق ما أكده متعاملون.
وقال طارق عوض، طالب جامعي والده يعمل في الخارج، إنه كان يمر على أكثر من شركة صرافة ويحصل على أعلى سعر لبيع الدولار، لكن بعد إغلاق الشركات والتشديدات الأمنية، أصبحت شركات الصرافة تتعامل بالأسعار الرسمية فقط.

وأضاف: "جربت التعامل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لكن بها كثير من الريبة والتحوط، ومعظمها لا تتم وفقاً للاتفاق". وتابع قائلا: "في النهاية أصبحت أغير ما يحوله والدي من الدولار لشخص تعرفت عليه عبر أحد معارفي، حيث أبيع له ما لدي من نقد أجنبي في شقته الكائنة بمحافظة الإسكندرية، وأحيانا داخل سيارته أو في أحد المقاهي الذي يحددها هو".
ومع عدم قدرة المصارف والبنك المركزي على تلبية احتياجات المستوردين والشركات للدولار، يضطر كثير من المتعاملين للجوء إلى السوق السوداء.

وقال محمد الديب، مستورد لعب أطفال، لـ "العربي الجديد"، "تدبير الدولار أمر صعب هذه الأيام، أتعامل مع ثلاث شركات صرافة منذ سنوات طويلة، ولولا الثقة بيني وبينهم لتوقفت جميع صفقاتي في الخارج". وأوضح أن الشركات الثلاث (منها اثنتان تم إغلاقهما)، يرسلون مندوباً لمقر شركته بالدولارات اللازمة، لافتاً إلى أنه يشتري العملة الأميركية بأسعار تبدأ من 12.70 جنيهاً، وأقصى سعر 12.85 جنيهاً.



المساهمون