الموت فقراً في لبنان رغم تكدس الثروات بالجهاز المصرفي

الموت فقراً في لبنان رغم تكدس الثروات بالجهاز المصرفي

01 يوليو 2015
أحياء فقيرة في لبنان (أرشيف/Getty)
+ الخط -
مات سائق الأجرة اللبناني سالم زغيب قهراً قبل أيام بعد تلقيه مخالفة مرورية كبيرة، توازي مصروف أسبوع له ولأسرته. حزن الرجل وهو يعدد المصاريف المتوجبة عليه لأصدقائه، قبل أن يغادر عمله ويموت نتيجة سكتة قلبية أنهت حياته. عاش زغيب مثل آلاف اللبنانيين، في ظل الهواجس المالية التي تلاحقهم نتيجة ارتفاع نسبة الفقر في البلد الذي يتجاوز تعداد سكانه 4 ملايين نسمة، بحسب إحصاءات غير رسمية. يضاف إليهم أكثر من مليوني لاجئ سوري وفلسطيني يقيمون بشكل دائم على أراضيه.

وقد قدرت دراسة للبنك الدولي نشرها عام 2013، ارتفاع عدد الفقراء الذين يقل دخلهم عن 4 دولارات أميركية في اليوم من مليون إلى 1.3 مليون شخص؛ كنتيجة مباشرة للجوء السوري إلى لبنان. لكن عوامل الفقر وأسبابه موجودة في لبنان ومنتشرة في مختلف المحافظات قبل اللجوء السوري، وفق متخصصين.

ويشير الخبير الاقتصادي، الدكتور إيلي يشوعي بحديثه لـ "العربي الجديد" إلى توسع الفقر جغرافياً وطبقياً في لبنان نتيجة فشل السياسات الرسمية على صعيد التعليم والصحة وإيجاد فرص العمل، رغم تكدس أكثر من 170 مليار دولار أميركي كودائع في مصرف لبنان المركزي.

ويرى يشوعي، أن "القصور الرسمي أدى إلى تكون مشاكل بنيوية في لبنان كزيادة الدين العام وهجرة الشباب واقتراب المستثمر اللبناني من حد الإفلاس، إلى جانب تقلص حجم الطبقة المتوسطة مع توسع الفروقات الاجتماعية بين الطبقات".

اقرأ أيضا: وزير العمل اللبناني: لا توافق بشأن الموازنة والأجور

ويعدد يشوعي القطاعات التي تحتاج إلى تطوير في الدولة لتحقيق العدالة الاجتماعية، من تعديل السياسات النقدية القائمة على تكديس المال في مصرف لبنان، وتحسين البنية التحتية لتشجيع الاستثمار، وتحسين جباية الموارد، وتفعيل خدمات وزارة الصحة والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي لا تطال كافة شرائح المجتمع لا سيما المزارعين، ووقف الهدر والفساد والمحسوبيات.

ويُشدّد يشوعي على ضرورة إيجاد 25 ألف فرصة عمل سنوياً يحتاجها الشباب اللبناني. وهي تعديلات جذرية يمكن، برأي يشوعي أن تسهم في وقف توسع الفقر في لبنان.

وأطلقت وزارة الشؤون الاجتماعية، "البرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقرا" عام 2011، والذي يستهدف حوالي 80 ألف عائلة تضم قرابة 400 ألف لبناني.

ويقدم البرنامج خدمات العلاج المجاني والرعاية الصحية الأولية وتأمين الأدوية اللازمة، وإعفاء أبناء هذه العائلات من رسوم التسجيل في المدارس الرسمية بكافة المراحل، والتعليم المهني، وتأمين الكتب المدرسية، بما يرفع كلفة التعليم عن كاهل العائلات، ويساعد في وقف التسرب المدرسي وعمالة الأطفال، إضافة إلى الإعفاء من رسوم الاشتراك في الكهرباء.

وقد خصصت الحكومة السابقة سلفة مالية مقدارها 28.2 مليون دولار رصيداً أولياً لهذا البرنامج، لكن التوقعات الدولية بازدياد أعداد الفقراء تشير إلى محدودية أثر هذا البرنامج في خفض نسب الفقر.

وتُظهر خريطة "مؤشر الفقر في لبنان" للعام 2014 التي أعدتها "الدولية للمعلومات" (مؤسسة خاصة للإحصاء)، توزع المناطق الفقيرة بين المنية، الضنية، عكار (شمالاً)، وبعلبك، الهرمل والبقاع الأوسط (شرقاً)، وبنت جبيل (جنوباً).

وفي وقت تتدنى نسبة الفقر في المدن الرئيسية، تشكل مدينة طرابلس استثناءً، إذ تعاني 57% من عائلات المدينة من الفقر، نتيجة جولات الاشتباكات المتعددة التي شهدتها المدينة خلال السنوات الماضية، بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة على خلفيات مذهبية وسياسية.


اقرأ أيضاً: الطائفية تأكل حقوق عمال لبنان

المساهمون