ماهي مخاطر الاستثمار التي تواجه أباطرة المال؟

ماهي مخاطر الاستثمار التي تواجه أباطرة المال؟

27 مارس 2018
جيف بيزوس وزوجته في حفل بهوليوود (Getty)
+ الخط -
ما هي المخاطر التي تخيف أصحاب الثروات والمليارديرات من أسواق المال خلال العام الجاري الذي بدأ بأكثر من اضطراب سياسي ومالي، رغم الأرباح الضخمة التي حصدها أباطرة المال خلال العام الماضي؟ 

حسب موقع" فيوشيال كابيتاليست" الأميركي، فإن هنالك خمسة مخاطر تقض مضاجع مليارديرات العالم خلال العام الجاري، ويعملون بكل الوسائل للتحوط ضدها.

وتتلخص هذه المخاطر، في احتمالات ارتفاع معدل التضخم الأميركي والتوترات الجيوسياسية وتداعياتها في أسواق المال وسياسات البنوك المركزية النقدية وارتفاع الديون العالمية، خاصة بالنسبة للاقتصادات الكبرى وعلى رأسها أميركا واليابان، أما الخطر الخامس فهو سندات الخزانة الأميركية وسندات الشركات التي يرون أنها مقيمة بأعلى كثيراً من ثمنها الحقيقي.

وعلى الرغم من تضخم ثروة المليارديرات في العالم وبلوغها أرقاماً فلكية، فإنهم يظلون الأكثر خوفاً من تبخر الثروة، وهو ما يسبب لهم الأرق المستمر، خاصة في عالم مضطرب وسياسات متضاربة بين الدول الكبرى. وبالتالي فإن التحوط ضد التقلبات السياسية والنقدية وما تسببه من مخاطر على استثماراتهم، تصبح أكبر الهموم التي تلاحقهم.

ويلاحظ خبراء في تعليقاتهم للموقع الأميركي، أن ثروة كبار أباطرة المال يتركز معظمها في البورصات وليس في حسابات مصرفية.

ومثالاً على ذلك فإن الملياردير جيف بيزوس أثرى أثرياء العالم، الذي تبلغ ثروته حسب مجلة فوربس 128.3 مليار دولار، يوظف 95% منها في أسواق المال ومرتبطة بشكل كبير بأسهم شركة أمازون التي أسسها في العام 1994.

وتمثل ثروة بيزوس خارج الأسهم حوالى 6 مليارات دولار فقط، أي حوالى 5.0% من إجمالي أصوله. وبالتالي فإن بيزوس سيخسر مليارات الدولارات في أية هزة تشهدها سوق "وول ستريت".

وحسب تقرير "فيوشيال كابيتاليست"، فإن من بين هذه المخاطر ارتفاع معدل التضخم في أميركا، الذي ظل منخفضاً منذ أزمة المال العالمية في 2008، وهو الآن في حدود 2.2%. الملياردير كارل إيكان يتخوف من عودة التضخم للاقتصاد الأميركي وتأثيره على استثماراته.

وقال في تعليقات نشرتها قناة "سي إن بي سي"، أعتقد أن ما يقلقني هو عودة التضخم، لأن عودة التضخم تعني ارتفاع سعر الفائدة المصرفية، وذلك يهدد أسواق المال. ويلاحظ أن معظم كبار الأثرياء يعتمدون على الاستدانة في الاستثمار، وبالتالي كلما كانت الفائدة منخفضة كان ذلك في صالح نمو ثرواتهم.

ويرى ايكان، الذي شغل لفترة مستشاراً للرئيس ترامب، أنه في حال ارتفاع معدل التضخم، فمن المتوقع أن يتحول جزء من استثمارات الأثرياء إلى قنوات مالية أخرى من بينها الذهب والفضة والسلع والعقارات. ويعد الذهب من أبرز سلع التحوط في لحظات اضطراب سوق الأسهم أو سوق العملات. وذلك ببساطة لأنه سهل التسييل، ولا يكلف في حال الرهن مقارنة بالأدوات الأخرى.

أما الخطر الثاني الذي يواجه أصحاب الثروات ويتحوطون له، فهو ارتفاع معدلات الديون العالمية التي بلغت، وحسب تقرير لبنك التسويات الدولية، 233 ترليون دولار بنهاية العام الماضي، أو ما يعادل 30.6 ألف دولار لكل مواطن من سكان العالم البالغ عددهم 7.6 مليارات نسمة. ويذكر أن العديد من الاقتصادات الكبرى في العالم تحمل في الوقت الراهن ديوناً قومية تساوي أو تفوق ناتجها القومي.

فالولايات المتحدة الأميركية بلغت ديونها 21.03 ترليون دولار، حسب تقرير وزارة الخزانة الصادر في الأسبوع الماضي. وبلغت ديون اليابان أكثر من 11 ترليون دولار، كما تراوح ديون كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بين ترليوني دولار و3.5 ترليونات دولار.

وتمثل الديون العامة للدول مخاطر بالنسبة للأثرياء لأن خدمتها تكلف الخزانة العامة كثيراً، وربما تضطر الدول لرفع الضرائب على الأثرياء لتغطية العجز في الإنفاق. وبالتالي ينعكس ذلك على دخلهم ودخل شركاتهم.

ومثالاً على ذلك فإن خدمة الدين الأميركي تفوق حالياً أكثر من نصف ترليون دولار في العام، وذلك حسب مكتب الميزانية الأميركية في الكونغرس، وهو ما يعني قرابة 5.6 ترليونات دولار في عقد من الزمان حتى العام 2027.

وهذه الأرقام الضخمة من خدمة الديون سترتفع أكثر إذا ارتفع سعر الفائدة الأميركية، وسيكون لها تأثير كبير ومباشر على الموازنة الأميركية في المستقبل.

في هذا الصدد يرى الملياردير الأميركي، بيل غروس، أن "النظام الأميركي قائم على الاستدانة وفي حال ارتفاع الفائدة بنسبة كبيرة أو إحجام المستثمرين عن شراء السندات الأميركية، فإن ذلك سيؤدي إلى انهيار الاستقرار المالي بالولايات المتحدة".

ويقود ارتفاع الفائدة الأميركية إلى زيادة مخاطر المستثمرين في السندات الأميركية، خاصة السندات طويلة الأجل (بين 10 و30 عاماً). كما أن الارتباك الحالي في الإدارة الأميركية والتغييرات الكثيرة والكبيرة في مناصب رئيسية يشعر كبار المستثمرين بعدم الأمان تجاه كيفية إدارة الاقتصاد الأميركي.

فالصين مثلاً لوحت في أزمة الرسوم الأميركية على بضائعها ببيع جزء من موجوداتها البالغة أكثر من 1.2 ترليون دولار، كما أن الخلافات الجارية بين الرئيس دونالد ترامب والعديد من دول العالم ستقلل تلقائياً من جاذبية السندات الأميركية، إذا تواصلت.

وعلى الصعيد الاقتصادي البحت، يرى العديد من كبار الأثرياء، أن سعر السندات الأميركية أعلى من القيمة الحقيقية، وكذلك السندات الأخرى التي تصدرها الشركات الأميركية.

في هذا الإطار، يقول الملياردير بول تيودورجون في تعليقات نقلها موقع "فيوشيال كابيتاليست"، "مع انخفاض سعر الفائدة الحالي فلا يمكن الثقة في قيمة السندات ذات السعر الثابت، كما أن سعر السندات بات غالياً جداً". 

أما الخطر الرابع الذي يهدد ثروة المليارديرات فهو عدم الاستقرار السياسي الذي يسود العالم، حيث تتزايد القضايا العالقة بين أميركا والصين وأميركا وروسيا، وهنالك العديد من النزاعات التي يمكن أن تنفجر في أية لحظة وتترك تداعيات سلبية كبرى على أسواق المال.

ويلاحظ أن أسواق المال شديدة الحساسية للتطورات السياسية والنزاعات العسكرية. ومثالاً على ذلك، أسواق المال العالمية، خسرت حوالى 5.6% من قيمتها حينما فاجأ الناخبون البريطانيون العالم بالتصويت ضد العضوية الأوروبية في استفتاء "بريكست" في العام 2016، كما فقدت البورصات نسبة 11.5% بعد هجوم 11 سبتمبر 2001.

ويواجه العالم حالياً أكثر من توتر سياسي وعسكري يمكن أن ينفجر، فهنالك توتر بين أميركا والصين وآخر بين موسكو ولندن وموسكو وواشنطن، إضافة إلى نزاعات المنطقة العربية الغنية بالطاقة.

أما الخطر الخامس، فهو سياسات البنوك المركزية، فبعد سياسات "التيسير الكمي" التي ساعدتهم على تراكم ثرواتهم خلال الأعوام الماضية منذ أزمة المال قبل عقد من الزمان، تتجه البنوك المركزية لرفع أسعار الفائدة، في كل من أميركا وأوروبا.

ويلاحظ أن مجلس الاحتياط الفدرالي "المركزي الأميركي" طبع منذ العام 2008، حوالى 3.5 ترليونات دولار بدون غطاء، كما أن إجمالي المبالغ التي طبعت في أنحاء العالم خلال العقد الماضي بلغت 13 ترليون دولار، وهذا يعني أن أسواق المال والشركات الكبرى والمصارف استفادت من كميات ضخمة من الأموال المجانية. وهذه الدورة تنتهي الآن وربما تعود الفائدة إلى مستوياتها الطبيعية. 

وبالتالي، فيرى العديد من الخبراء وأصحاب الثروات أن الحكومات الغربية لم تعد أمامها خيارات تذكر من ناحية التحفيز النقدي لإنقاذ العالم في حال حدوث أزمة مالية جديدة. 

وعلى الرغم من التقدم في الحوار التجاري بين واشنطن وبكين خلال اليومين الماضيين، فإن الخلاف لم يتم تفكيكه بعد، خاصة وأن بعض الخبراء الصينيين يعومون أفكاراً لمعاقبة أميركا، من بينها إلغاء صفقة الطائرات التجارية مع بوينغ وبيع جزء من السندات الأميركية.

المساهمون