إنقاذ اليونان بحاجة إلى معجزة

إنقاذ اليونان بحاجة إلى معجزة

09 يوليو 2015
الأنظار تتركز على ميركل لإعطاء الضوء الأخضر لإنقاذ اليونان(Getty)
+ الخط -
ربما يكون إنقاذ اليونان من الوقوع في كارثة قاضية وفوضى سياسية يحتاج إلى معجزة حقيقية خلال اليومين المقبلين، حيث ينتظر رؤساء منطقة اليورو تسلم برنامج إصلاح اقتصادي جديد من اليونان اليوم، حتى يتمكن وزراء المالية مناقشته يوم السبت، وتقديم مقترحاتهم بشأنه للقمة الأوروبية الطارئة التي ستعقد يوم الأحد المقبل في بروكسل.
ورغم التشاؤم العميق الذي سيطر على زعماء منطقة اليورو، ويملأ ردهات الاجتماعات ببروكسل في أعقاب فشل اليونان تقديم مقترح متكامل يمكن مناقشته في اجتماع الثلاثاء أول أمس، تقول مصادر بريطانية، إن هنالك ضغوطاً أميركية تمارس عبر باريس لإقناع زعماء أوروبا بالوصول إلى اتفاق يمنع اليونان من الخروج من منطقة اليورو.
ولأول مرة أعرب معظم رؤساء منطقة اليورو مساء الثلاثاء عن غضبهم الشديد من عدم تقديم اليونان لخطة إصلاح يمكن مناقشتها. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر، صراحة إن منطقة اليورو ناقشت خطة مفصلة لطرد اليونان من عضوية اليورو. وهذا يعني أن أوروبا، من ناحية الحسابات المالية، قد قنعت بخسارتها المالية التي تقارب 240 مليار يورو، ولا ترغب في تكبد المزيد من الخسائر. ولكن ما يجعل الباب مفتوحاً أمام اليونان هو حسابات الكلفة السياسية التي يدخل فيها حلف الدفاع" ناتو" واحتمالات استغلالها من قبل المعسكر الروسي - الصيني كحصان طروادة في أوروبا.
ويقول خبراء إن نتيجة الاستفتاء التي أثبتت الرفض اليوناني القوي لبرنامج التقشف، ربما تكون قد دعمت الموقف السياسي لرئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس في اليونان وأمام خصومه، ولكن الاستفتاء بالتأكيد أضعف موقفه التفاوضي في أوروبا وسيمنعه من تقديم التنازلات المطلوبة.
وقال برلماني بريطاني "سيجد تسيبراس صعوبة الآن لتقديم التنازلات التي تريدها منطقة اليورو".

وحتى الآن يفتقد تعامل تسيبراس للحكمة مع أزمة بلاده التي تعقدت منذ صعوده للحكم. وهنالك مخاوف أن اليونان ربما تفقد عضويتها في اليورو، وتدخل في هاوية الإفلاس والفوضى السياسية خلال الصيف الجاري، ما لم يقدم تسيبراس خطة مقنعة ومقبولة اليوم لوزراء المالية في منطقة اليورو.
وطمأن تسيبراس البرلمان الأوروبي أمس الأربعاء، بأنه سيقدم مقترحات لإصلاحات كاسحة هذا الأسبوع بما يكفل الحصول على مساعدة مالية يمكن أن تبقي اليونان بمنطقة اليورو.
وقال رئيس الوزراء والذي استقبلته القاعة المكتظة في ستراسبورغ بالتصفيق من يساريين آخرين، بل ومن الأعضاء المناوئين للاتحاد الأوروبي من أقصى اليمين إنه عازم على إصلاح ما أفرزته سنوات من الأداء الحكومي السيئ، ومعالجة الاختلالات المتزايدة الناجمة عن التقشف الذي فرضه الدائنون على مدى خمس سنوات.
وقال تسيبراس الذي كان يتحدث بعد وصوله قادماً من بروكسل، حيث أعطاه زعماء منطقة اليورو مهلة أخيرة تنتهي يوم الأحد للاتفاق على شروط جديدة للإنقاذ "اسمحوا لي أن أطمئن المجلس بأننا وبصرف النظر عن الأزمة سنواصل تنفيذ تعهداتنا الإصلاحية".
من جانبه، قال دونالد تاسك رئيس الوزراء البولندي السابق الذي يرأس قمم الاتحاد الأوروبي في كلمة للبرلمان "الحقيقة الجلية أن أمامنا أربعة أيام فقط للتوصل إلى اتفاق نهائي. حتى الآن تحاشيت الحديث عن مواعيد نهائية، لكن ينبغي أن أقولها بنبرة عالية وواضحة إن آخر مهلة تنتهي هذا الأسبوع".
وفي أعقاب كلمة تسيبراس التي استغرقت 12 دقيقة تناوب زعماء الأحزاب على أخذ الكلمة، بينما أشاد بعض المتشككين في أوروبا بانتصار تسيبراس في الاستفتاء، رافعين بطاقات مكتوباً عليها "لا" باليونانية في محاكاة لقرار الناخبين اليونانيين رفض شروط الإنقاذ السابقة التي عرضها الدائنون.
وفي بروكسل، قال متحدث باسم آلية الاستقرار الأوروبية، أمس، إن اليونان قدمت طلباً رسمياً للحصول على قرض إنقاذ من الآلية، وهي بمثابة صندوق منطقة اليورو للدعم. وأضاف المتحدث "تلقت آلية الاستقرار الأوروبية طلباً يونانياً".
ومن المقرر أن يبحث وزراء المالية الأوروبيون الطلب الذي قدم رسمياً إلى يروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو في مؤتمر عبر الهاتف اليوم.
وقال بيير موسكوفيتشي مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إنه لا يزال بإمكان اليونان ومجموعة اليورو التوصل إلى اتفاق، مضيفاً أن مستقبل المنطقة على المحك في المحادثات.

وقال موسكوفيتشي "رغم أن اليوم صعب بل وصعب للغاية، لا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق... سيشكل خروج اليونان فشلاً ذريعاً.. وخطأ جماعياً ونحن نكافح لتفادي ذلك".
وتابع إن مجموعة اليورو تنتظر لترى سلسلة من "إصلاحات شاملة ذات مصداقية ومكتملة وملموسة" من اليونان، لكنه أبدى اعتقاده بأن الحكومة اليونانية لا تزال ملتزمة بالبقاء في منطقة اليورو. وأضاف موسكوفيتشي؛ وهو وزير مالية فرنسي سابق، أنه من المهم لباريس وبرلين أن تعملا سوياً لإقناع رئيس الوزراء اليوناني تسيبراس بتقديم مقترح قابل للتنفيذ.
وقال "نمر بالتأكيد بلحظة تاريخية، حيث يبدو مستقبل منطقة اليورو على المحك".
ويجب على الزعماء اليونانيين أن يقدموا خطط إصلاح مفصلة بحلول الخميس للفوز بتمويل إنقاذ جديد تحتاجه البلاد حتى تتفادى انهيار النظام المصرفي فيها، بحسب ما ذكره رئيس الاتحاد الأوروبي، دونالد تاسك عقب اجتماع قمة طارئة لقادة الاتحاد مع رئيس الوزراء اليوناني. وسوف يبحث زعماء الدول الثماني والعشرين الخطط التي تقدمها اليونان الأحد في قمة فاصلة، إما تنقذ الاقتصاد اليوناني المحتضر، وإما أن تدع اليونان تخرج من منطقة اليورو.
ويذكر أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قالت مساء الثلاثاء إن زعماء منطقة اليورو أجروا "محادثات جادة في بروكسل عكس جدية الوضع القائم". وأضافت أن "الزعماء يحترمون نتيجة الاستفتاء اليوناني، وأن اليونان بحاجة إلى اتفاقية قروض تستمر عدة سنوات".
من جانبه قال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يانكر إنه يريد أن تبقى اليونان ضمن منطقة اليورو، لكن "عليها أن تخبرنا إلى أين تتجه". وكانت بعض الدول الأعضاء في منطقة اليورو قد عبرت عن غضبها بسبب عدم وجود مقترحات يونانية. وبقيت البنوك اليونانية مغلقة، ولم يتمكن المواطنون من سحب أكثر من 60 يورو يومياً. ورفض البنك المركزي الأوروبي زيادة مدة "الإقراض الطارئ"، لكن الرئيس الفرنسي هولاند قال إن البنك سيوفر الآن سيولة نقدية للبنوك اليونانية.

اقرأ أيضا: واندلعت شرارة الأزمة المالية الجديدة

المساهمون