شح الدواء في الأسواق السورية... وانتشار المهرّب

شح الدواء في الأسواق السورية... وانتشار المهرّب

23 ديسمبر 2018
اختفاء العديد من الأدوية من الأسواق السورية (فرانس برس)
+ الخط -
اختفى العديد من الأدوية المحلية من الصيدليات السورية، رغم رفع أسعار الأدوية، خلال العامين الماضيين، بنحو 600% وأكثر من 1000%، منذ بداية الثورة. وأكد العامل بقطاع الأدوية في دمشق، أحمد الصمودي، خلال اتصال مع "العربي الجديد"، عدم توافر معظم أدوية الأمراض الخطرة، ما خلق سوقاً  للمهرّب بأسعار تفوق قدرة السوريين الشرائية.

وشرح الصمودي أن بعض الأدوية المهربة  تدخل من لبنان والأردن، كما أن هناك أدوية لشركات إيرانية وتركية تباع في صيدليات دمشق بشكل غير علني، بحيث لا يتم عرضها، وتباع حسب سعر صرف الدولار.

وبيّن الصمودي شح أدوية السرطان والقلب والضغط والكلى، لافتاً إلى أن ما يقال عن إطلاق معامل أدوية جديدة غير حقيقي، خصوصاً أن سورية تعاني من تراجع هذه الصناعة، بعد خروج نحو 24 شركة من سوق العمل، وتراجع القدرة الإنتاجية للمصانع القائمة، بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية المستوردة، وإلزام وزارة الصحة الصيادلة وشركات الأدوية بالبيع بالتسعيرة النظامية. وهو ما أثر، بحسب الصمودي، حتى على فاعلية الأدوية السورية، إذ "حتى المسكنات لم تعد فاعلة بعد التلاعب بنسب المكونات".

وحذّر الصمودي من مخاطر بعض الأدوية المنتشرة في السوق السورية، مؤكداً موت طفلين، وهما عبد الله وريم محمود البكر، في جزيرة سويدان بريف دير الزور الشرقي، نتيجة تناولهما دواءً مضاداً للسعال منتهي الصلاحية.

ولا ينكر مسؤولو نظام بشار الأسد شح الأدوية في السوق السورية، إذ اعتبر أمين سر نقابة الصيادلة في سورية، طلال العجلاني، أن تأمين الدواء النوعي والفعال يعتبر معاناة في البلاد، في ضوء وجود العديد من أدوية الأمراض الخطيرة التي تفتقد القدرة الفاعلة، بالتزامن مع انعدام وجود الدواء البديل اللازم لاستكمال المراحل العلاجية، كالتصلب اللويحي وبعض أنواع السرطانات. ودعا إلى التوجه لإيجاد حلول لتأمين ما يلزم من بدائل دوائية نوعية.

واعترف العجلاني، خلال تصريح، الأسبوع الماضي، بانتشار الأدوية المهربة، مشيراً إلى إغلاق أكثر من 150 صيدلية خلال العام الحالي، وأن هناك تطلعا من قبل النقابة لمكافحة ظاهرة تسرّب الأدوية غير النظامية التي شهدت انتشاراً واسعاً، لاسيما في السنوات السبع المنصرمة التي افتقدت لعنصر الرقابة الفعالة، من خلال تأمين الدواء البديل وإغناء السوق المحلية فيه.

وكانت وزارة الصحة في حكومة بشار الأسد قد رفعت أسعار المستحضرات الدوائية المنتجَة محلياً، بناء على مطالب الشركات الصانعة التي دعت، العام الماضي، إلى أن يكون ارتفاع الأسعار بنفس قيمة تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار. علماً أن سعر صرف الليرة تراجع من 50 ليرة للدولار عام 2011 إلى نحو 540 ليرة اليوم. أما المبرر فهو أن الشركات تستورد الأدوية بالدولار.

كما يعاني قطاع الأدوية من خروج شركات عديدة عن الإنتاج وتهدّم أكثر من 300 صيدلية في سورية، بحسب بيانات سابقة لنقابة الصيادلة، ومقتل وهروب مئات الأطباء والصيادلة السوريين، خلال سنوات الحرب.

وكشفت دراسة أصدرها مركز دمشق للأبحاث والدراسات (مداد)، الإثنين الماضي، أن الحرب التي مرت على البلاد أجبرت النخب الفكرية والعلمية والفنية السورية على الهجرة خارج سورية، خاصة في العامين الماضيين، بعد تدفق أمواج اللجوء والهجرة عبر المتوسط ودول الجوار باتجاه أوروبا. واللافت، وفق الدراسة، أن هذه الموجة الكبيرة شملت لأول مرة شباباً وأطباء ومهندسين وعلماء وفنانين وأساتذة جامعات ومهنيين من مختلف المناطق.

ولفتت الدراسة إلى أن أكثر من 900 ألف سوري استقروا في ألمانيا حتى عام 2017، يوجد أكثر من 40 في المائة من هؤلاء من أصحاب المؤهلات العالية. إضافة إلى أعداد أقل اتجهت إلى بقية البلدان الأوروبية والولايات المتحدة وكندا. مبينة أن القطاع الصحي خسر نسبة كبيرة من كوادره التي كانت أحد أسباب نقص الخدمات الطبية في أثناء الحرب.

ونوهت إلى أن التقديرات الصادرة عن النقابات المعنية تشير إلى هجرة نحو ثلث الأطباء، وخمس الصيادلة (أي 33 في المائة و20 في المائة على التوالي). ما أدى إلى ارتفاع متوسط عدد السكان لكل طبيب بشكل كبير في سنوات الحرب، من 623 مواطناً لكل طبيب عام 2010، إلى 730 مواطناً لكلّ طبيب عام 2015. وشرحت أن نسبة هجرة الأطباء فاقت معدل هجرة السكان، الأمر الذي يفسّر جزئياً، إلى جانب ظروف الحرب الأخرى، انخفاض معدل العمر المتوقع عند الولادة بين الرجال والنساء.

المساهمون