كساد في سوق فواكه الجزائر بسبب الكوليرا

مخاوف تلوث المحاصيل... كساد في سوق فواكه الجزائر بسبب الكوليرا

03 سبتمبر 2018
الكوليرا تكبّد المزارعين خسائر باهظة في الجزائر (Getty)
+ الخط -

يجد مزارعو وتجار الفواكه في الجزائر صعوبة في تسويق سلعهم، عقب اتساع دائرة مقاطعة الجزائريين بعد انتشار إشاعات بتلوث محاصيل البطيخ الأخضر والأصفر والعنب بداء الكوليرا الذي عاد إلى الظهور مرة أخرى في البلاد بعد أكثر من عشرين سنة. 

حالة الكساد التي مست سوق الفواكه دفعت بالمزارعين والتجار إلى الخروج عن صمتهم للدفاع عن سلامة المحاصيل من داء الكوليرا، بعد ورود إخبار عن وجود منتجات ملوثة بالكوليرا أجرى عليها "معهد باستور" (مختبر حكومي) تحاليل الأسبوع الماضي.

يكشف تاجر الجملة بسوق "الكاليتوس" في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية محمود نعمون أن "تجار الأسواق تجنبوا شراء البطيخ الأخضر والأصفر والعنب خلال الفترة الأخيرة بسبب مقاطعة المواطنين لها".
وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "الكثير من المزارعين اضطروا إلى رمي ما لديهم من فواكه خوفا من الكوليرا حتى قبل أن يقوموا بإجراء تحاليل عليها" مشيراً إلى أن تجارا خفضوا الأسعار إلى قرابة النصف ولم يجدوا من يشتري".

وأمام هذه الحالة، هدد تجار أسواق الجملة وموزعو الخضر والفواكه، بعدم تسويق المنتجات الزراعية المستوردة، على خلفية الإشاعات التي طاولت المزارعين وتحميلهم مسؤولية تفشي وباء الكوليرا بسبب عمليات سقي المحاصيل بالمياه الملوثة.

وجاء القرار عقب اجتماع ممثّلي أسواق الجملة وموزّعي الخضر والفواكه أول من أمس السبت، حيث رفض المشاركون في الاجتماع ما سموها "الشائعات التي تمسّ بالمنتجات الزراعية المحليّة"، وأكدوا أنّ المزارعين يعتمدون في ري الأراضي المزروعة بالخضر والفواكه على مياه الآبار والسدود.

وتحدّى تجار الجملة وموزعو الخضر والفواكه، أيّ مختبر خاص أو عمومي بالقيام بتحاليل على أيّ منتج من الخضر والفواكه المحليّة ويثبت أنها ملوثة، موجهة دعوة لمهندسي تلك المختبرات للقيام بمهامهم في أيّ وقت وفي جميع الأسواق عبر ولايات الوطن.

وأكد البيان الصادر عقب الاجتماع، وتحصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، أنّ "الفواكه والمواد الغذائيّة المستوردة هي المشكوك في نوعيّتها وفي سلامة المواد الكيماويّة المعالجة بها"، وتساءل تجار الجملة، عن خلفيات تلك الإشاعات المتزامنة مع تحضيرات يقوم بها متعاملون زراعيّون لتصدير بعض المنتجات الزراعية بداية من 2019 والمتزامنة أيضا مع افتتاح الخط البرّي (الجزائر – موريتانيا).


وأكد المشاركون في الاجتماع، رفضهم استغلال تلك الإشاعات من طرف بارونات (مستثمرون وهميّون) لتحطيم مشاريع الإنتاج و العودة إلى استيراد الخضر والفواكه. وأعلن أنّ ممثّلي أسواق الجملة للخضر والفواكه سيرفضون تسويق جميع المنتجات المستوردة التي تضرّ بمموّنيهم من الفلّاحين والمنتجين.

وكانت الجزائر قد أعلنت الأسبوع قبل الماضي تسجيل 88 حالة مصابة بداء الكوليرا في 5 محافظات هي الجزائر العاصمة والبليدة تيبازة والمدية والبويرة، وارتفع العدد ليتعدى 100 حالة نهاية الأسبوع الماضي.

وتعود أسباب عودة داء الكوليرا حسب معهد باستور إلى استعمال أبار عشوائية للشرب وسقي المحاصيل، وهو ما ادخل الجزائريين في حالة هلع، ودفعهم إلى مقاطعة مياه الحنفيات وشراء الفواكه، رغم تأكيد وزارة الزراعة الجزائرية على سلامة محاصيل الخضر والفواكه.

وفي السياق، أكد مدير معهد باستور زبير حراث أن "التحاليل تبقى جزئية ولا يمكن تعميمها على كل المحاصيل، وتبقى التحاليل ظرفية مكانيا وزمنيا".

وأضاف مدير المعهد في اتصال مع "العربي الجديد" أن "المعهد لم يحمل المزارعين مسؤولية عودة الكوليرا، ولم يقل إن كل محاصيل البطيخ والعنب ملوثة وتم سقيها بمياه ملوثة بالكوليرا، وكل ما طالبنا به هو غسل الفواكه جيدا فقط".

ونفى وزير الفلاحة الجزائري محمد بوعزقي، أن تكون الخضر والفواكه السبب وراء انتشار وباء الكوليرا في الجزائر.
وقال بوعزقي في مؤتمر صحافي قبل يومين: "الخضروات والفواكه لا علاقة لها بوباء الكوليرا، وأنا أنفي رسميا أن تكون كذلك"، مشيرا إلى أنه "بإمكان الجزائريين استهلاك الخضروات والفواكه المنتجة محليا بشكل طبيعي ودون أي تخوف".

ودفع انهيار أسعار النفط منذ منتصف عام 2014 الجزائر إلى صعوبات في تمويل فاتورة وارداتها السنوية البالغة نحو 50 مليار دولار، واتجهت الحكومة للبحث عن وسائل لتخفيف الضغوط على المالية العامة عبر تقليل الإنفاق على الغذاء الذي يشكل 20 % من فاتورة الواردات. وأطلقت الحكومة حملة لزيادة الإنتاج المحلي، حيث سعت إلى تشجيع المزارعين بحوافز مثل قروض بفائدة منخفضة وتطعيمات مجانية للماشية.