اقتراح لوقف بورصة دمشق بعد حصر التداول بيوم واحد

اقتراح لوقف بورصة دمشق بعد حصر التداول بيوم واحد

06 ابريل 2020
حصرت الحكومة التداولات بيوم الإثنين فقط (فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن رابطة شركات الوساطة المالية في سورية طلبت رسمياً من المدير التنفيذي لبورصة دمشق، تعليق العمل "بظل الظروف الحالية"، وذلك بعد قرار حصر التداولات بيوم الإثنين فقط في إطار مواجهة تداعيات فيروس كورونا.

فقد تراجع التداول في سوق دمشق للأوراق المالية خلال الربع الأول من العام الجاري، إلى ما قيمته 5.5 مليارات ليرة (الدولار = 1300 ليرة)، ما دفع برئاسة حكومة بشار الأسد في نهاية مارس/ آذار الماضي، وتماشياً مع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومة للتصدي لفيروس كورونا، إلى تقليص عدد أيام التداول من 5 إلى يوم واحد هو الإثنين من كل أسبوع.

ووفق ما كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن رابطة شركات الوساطة المالية طلبت "رسمياً" من المدير التنفيذي للبورصة، تعليق العمل "بظل الظروف الحالية"، ولم تزد قيمة التداول في أولى جلسات بورصة دمشق، بعد اختصارها ليوم واحد، عن 104 ملايين ليرة سورية (نحو 80 ألف دولار)، إذ انخفض مؤشر Dwx بمقدار 22.85 نقطة أو 0.37%، بينما انخفض مؤشر Dlx بمقدار 2.85 نقطة أو ما نسبته 0.27%.
وجرت خلال يوم التداول الوحيد 90 صفقة على أسهم 5 مصارف وشركة تأمين وشركة اتصالات خليوية، في حين لم يشهد السوق الموازي سوى صفقات على "بنك سورية والخليج".

ولم يكن تواضع الصفقات وحجم التداول خلال الجلسة الأخيرة فقط، بل تعاني بورصة دمشق من تراجع في قيم التداول التي لم تزد قيمتها خلال الربع الأول من عام 2020 عن 5.5 مليارات ليرة، بحجم أسهم لم يتعد 8.8 ملايين سهم، موزعة على 5 آلاف صفقة.

وبحسب تقرير هيئة الأوراق المالية في دمشق، أغلق مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية DWX في نهاية الربع الأول من العام الجاري على 6114 نقطة، مرتفعاً 277 نقطة أو 4.76% عن بداية العام، كما أغلق مؤشر الأسهم القيادية المثقل بالأسهم الحرة DLX في نهاية الربع الأول على 1068 نقطة، مرتفعاً 9% منذ بداية العام.

وتصدّر قطاع المصارف المرتبة الأولى بتداولات بلغت قيمتها 4.7 مليارات ليرة، مستحوذا على 85% من القيمة الإجمالية للتداولات خلال الربع الأول، ليكون سهم "بنك سورية والخليج" الأكثر ارتفاعاً بنسبة 15.98%، وسهم "بنك الشرق" الأكثر انخفاضاً بنسبة 17%.

تاريخ من الخسائر

بعد تأميم الشركات المساهمة في نهاية خمسينيات القرن الماضي، وتوقف البورصة وتداول الأسهم لنحو 50 سنة، عاد الحديث عن إنشاء سوق للأوراق المالية عام 2006، بعدما رخصت دمشق للمصارف الخاصة وشركات التأمين، ودخلتها بعض المشروعات والاستثمارات العربية والدولية، ليعاد افتتاح البورصة رسمياً في 2009، باسم "سوق دمشق للأوراق المالية" عبر 12 شركة، من مصارف وتأمين وزراعة مشتركة.

كان ذلك قبل ثورة 2011، حيث كانت قيمة الشركات المدرجة عام 2009 نحو 61.1 مليار ليرة، وارتفعت القيمة السوقية للشركات عام 2010 إلى 144.3 مليار ليرة، لكنها تراجعت عام 2011، بعد ثورة إلى 82.7 مليار ليرة، وخلال العام الماضي، وصل حجم التبادل في السوق إلى 85 مليون سهم، مقارنة مع 30.7 مليون سهم عام 2018، كما ارتفعت التداولات من 33 مليار ليرة في نهاية العام الماضي، بعدما كانت 25.9 مليار عام 2018.

وكان متوسط حجم التداول في الجلسة الواحدة العام الماضي 359 سهماً بمتوسط قيمة تداول 139 مليون ليرة، وذلك على مدى 236 جلسة تداول. وأغلق مؤشر سوق دمشق للأوراق المالية "DWX" في نهاية العام الماضي على 5.837 نقطة، منخفضاً 6% عن 2018، فيما أغلق مؤشر الأسهم القيادية DLX على 980 نقطة، منخفضاً 2%.

وكان أدنى مستوى هبوط في تعاملات سوق الأوراق المالية سُجّل في 20/9/2016، إذ بلغ حجم التداول 11320 سهماً موزعة على 14 صفقة فقط، والقيمة الإجمالية للتداول بالليرة بلغت 1.841 مليون ليرة، تعادل 3506 دولارات.

هيمنة "النظام" على السوق

المحلل المالي نوار طالب، يقول لـ"العربي الجديد": "تأثرت السوق المالية كما بقية القطاعات بعد الثورة، خصوصاً أنها كانت وليدة حديثاً ولم تجذب حتى حينه شركات إنتاجية أو خارجية، لأن المصارف لا تُعبّر عن حجم السوق وطبيعتها".

ويوضح أن هناك نوعين من الأسهم في البورصة: "حُرّة تُطرح للتداول اليومي ويقوم بها صغار المستثمرين، ومقيّدة يملكها كبار المستثمرين وتُباع خلال صفقات ضخمة نهاية أيام التداول"، مشيرا إلى أن غالبية الأسهم مقيّدة، إذ لا تتجاوز نسبة الأسهم الحُرّة 5%.

ولفت إلى أنه "في حين شهدت هذه النسبة القليلة (الحُرّة) إقبالاً، فإن المستفيد سيكون من يمتلك نسبة الـ95% من الأسهم، وهم أصحاب الشركات والمقربون من النظام؛ فمثلاً رامي مخلوف يمتلك اليوم حُصص سيريتل ومعظم حصة إم.تي.إن، وهو شريك مؤسّس في مصارف وشركات تأمين".

وهذا الانطباع هو، برأي طالب، سبب مهم لعدم جذب البورصة شركات إنتاجية أو خارجية تستثمر في سورية، فالجميع رأوا في السوق امتداداً لنهج نظام الأسد وخلق مكان لتجميع مدخرات السوريين أو بيع حصص المقربين من النظام إذا اقتضت الظروف، مستدلاً بأن النظام ورغم المحفزات، لم يُقنع الشركات، وخصوصا المختصة بالتطوير العقاري، بإدراج أسهمها.

ويقول المحلل السوري لـ"العربي الجديد"، إن بورصة دمشق تضم اليوم 26 شركة مدرجة، بينها 14 مصرفاً و4 شركات تأمين، وشركة نقل واحدة وأُخرى للتسويق، إضافة إلى شركة زراعية وأُخرى صناعية، كما دخلت شركتا الاتصالات الخليوية وشركة إسمنت البادية في نهاية العام الماضي، الأمر الذي رفع القيمة السوقية الإجمالية مع نهاية العام الماضي، بنسبة 59% عن قيمتها السوقية عام 2018 والمقدرة بنحو 557.6 مليار ليرة.

خيار الإغلاق مطروح

على ضوء واقع الإحجام عن التداول وتردّي الوضع الاقتصادي والمعيشي، يسأل كثيرون عن أثر إغلاق بورصة دمشق على الشركات المدرجة والأداء الاقتصادي العام؟ بعدما تقلصت أيام التداول من 5 إلى يوم واحد.

رئيس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا"، أسامة القاضي، قال إن دور بورصة دمشق الاقتصادي هامشي جداً في الاقتصاد السوري، فقيم تداولها السنوية عبر حوالى 18 ألف صفقة لا تتجاوز 28 مليون دولار، وقيمة السوق الكلية تناهز 900 مليون دولار، بينما القيمة السوقية لأبسط سوق مالية، مثل البحرين، تتجاوز 20 مليار دولار، مقابل 38 مليارا في سوق مسقط العُمانية، فيما لا تصح طبعا مقارنتها بأسواق أميركا الشمالية التي تجاوزت صفقاتها 28 تريليون دولار، أو أوروبا التي تخطت 13.5 تريليون دولار.

ويستنتج القاضي أنه لو أُغلقت سوق دمشق لمدة شهر فإنها تخسر فقط أقل من مليونَي دولار، كما أن أثرها الاقتصادي أكثر من هامشي، لأن دورها إعلامي وسياسي، كدلالة على وجود بقايا حياة اقتصادية في سورية.

المساهمون