محرز ليس الوحيد..ظاهرة النجوم الجدد..من "مصانع الكرة" في فرنسا

محرز ليس الوحيد..ظاهرة النجوم الجدد..من "مصانع الكرة" في فرنسا

19 ديسمبر 2015
+ الخط -

يعيش الجزائري رياض محرز أياماً كروية مبهجة مع ليستر سيتي الإنجليزي هذا الموسم، لدرجة تشبيه البعض له بأنه "ليونيل ميسي البريمييرليغ". ويتألق اللاعب العربي بشكل ملفت مع ناديه المتواضع، الذي لم يعد كذلك أخيرا، وصار ينافس عمالقة الدوري على اللقب، مع ظهور قوي لهذا الفريق الذي تم تكوينه بأقل تكاليف مالية ممكنة، لتعود استراتيجية "كرة المال" إلى الظهور من جديد، بقيادة الإيطالي العجوز كلاوديو رانييري.

محرز
يتحرك رياض في كافة مراكز الملعب، يراوغ بمهارة يُحسد عليها، ويتلاعب بالكرة كما يريد، وبعيداً عن فنياته التي لا يختلف عليها اثنان، يعتبر الجزائري بمثابة النموذج المثالي في كيفية التقاط المواهب المحترمة، وبراعة العين الخبيرة في اختيار أفضل الأسماء الممكنة وغير الممكنة دون وميض إعلامي مبالغ أو أرقام لا حصر لها.

ورغم أن الكرة الفرنسية تعيش أياماً صعبة على مستوى الدوري والمنتخب، إلا أنها لا تزال المنطقة المليئة بالمواهب، والكنز الذي لا ينضب أبداً، لذلك تعتبر فرق فرنسا سواء كانت في الليغ 1 أو الدرجات الأدنى هي المحطة الأهم التي تلجأ لها فرق الدوريات الأخرى الكبيرة. وأبسط مثال على ذلك، الطفرة التي صنعها محرز في إنجلترا، وهو اللاعب الجزائري الذي جاء من فريق يلعب بدوري الدرجة الثانية الفرنسية، هافري الصغير، النادي الذي احتضن محرز لمدة أربع سنوات.

هافري، نادٍ متواضع في بطولاته وتاريخه، لكنه بارع في إنتاج المواهب الشابة، وتكوين أفضل قاعدة صاعدة من الصغار، إنه الفريق الذي صنع بنجامين ميندي، لاعب مارسيليا، إبراهيم با، بومسونغ، لاسانا ديارا، وأخيراً وليس آخراً رياض محرز. ويعيش النادي على أرباح قادمة من مصادر غير متوقعة، فبول بوغبا، نجم يوفنتوس، لعب في هافري، وكلما انتقل من نادٍ كبير إلى آخر، يحصل الممثل الفرنسي على نسبة بسيطة من قيمة الصفقة.

يقول أحد كشافي النادي، ويدعى هيرفارد: "نحن في هافري نعرف كيف نصنع الأبطال. نملك ميزانية ضعيفة، لكننا نمتاز بوجود مدربين على أعلى مستوى، لذلك تفوز الفرق الكبيرة بالبطولات، أما نحن فالبطولات بالنسبة لنا تعني تألق أحد لاعبينا القدامى في الدوريات الكبيرة. إنه النجاح الحقيقي".

باييت
اسم آخر قادم من فرنسا، ديمتري باييت، نجم ويستهام، وواحد من أفضل صنّاع اللعب في أوروبا. يقدم العازف الفرنسي مستوى استثنائياً خلال المواسم الأخيرة، ويعتبر من أبرز الأسماء التي ينتظر منها الكثير في بطولة يورو 2016. وتعود بدايات باييت أيضاً إلى منبع رياض محرز نفسه، حيث الأندية المغمورة في دوريات فرنسا.

ولد باييت في ريونيون، وهي جزيرة فرنسية تقع في المحيط الهندي، شرق مدغشقر، وبدأ ممارسة اللعبة في نادي سانت فيلبي بالجزيرة، قبل أن تلتقطه أعين نادي هافري، ويتعلم أصول الكرة في أكاديميته لفترة طويلة، قبل أن يعود مرة أخرى إلى جزيرته البعيدة، ومنها إلى مدرسة نانت، ليبدأ مرحلة جديدة من التألق في نانت، سانت إتيان، ليل، مارسيليا، وأخيراً ويستهام.

فرنسا دولة جاذبة لكل الجنسيات، وكرتها أيضاً كذلك، فالأندية الفرنسية منفتحة للغاية على مدارس الشبان في أفريقيا والجزر البعيدة، ويوجد في جزيرة ريونيون وغيرها عشرات بل مئات الكشافين، الذين يعملون بالتوازي مع مختلف أندية فرنسا، من أجل جذب المواهب المميزة، وتحويلها سريعاً إلى الأندية الفرنسية، ليتم صقل موهبتها والاستفادة منها، ومن ثم بيعها إلى أندية أخرى أكبر.

يدين باييت بالكثير إلى ريونيون، وتضع الفرق الفرنسية استثمارا كبيرا في مختلف البلاد، لذلك فإن مرحلة تألق أي لاعب تمر بمنحنيات عديدة، حتى تصل إلى قمتها في أحد ممثلي الدوري الإنجليزي، كما حدث مع ديمتري، صانع اللعب الذي يتحدّر من أصول ما وراء البحار قرب المحيط.

كانتي
لاعب آخر يعيش فترة مميّزة، نجولو كانتي، متوسط ميدان فريق ليستر سيتي، وأحد نجوم تشكيلة رانييري. وتؤكد لغة الأرقام أن هذا اللاعب هو أفضل ارتكاز دفاعي بالبريمييرليغ، من خلال قيامه بـ66 افتكاك سليم، و44 عرقلة مشروعة، وبالتالي يعتبر هذا اللاعب أقرب إلى الصخرة التي تنكسر أمامها كل هجمات الفرق المنافسة.

وبالرجوع إلى تاريخه الكروي القديم، فإن كانتي منذ خمس سنوات فقط، كان يلعب مع أحد فرق الهواة في فرنسا، سوريسنيس، وهو نادٍ لا يعرفه الكثيرون في أوروبا والعالم، لكنه يستمر مثل غيره في تقديم مواهب كروية جديرة بالاحترام. وبعد بداياته مع هذا الفريق، انتقل إلى نادي بولون، الذي يلعب ضمن فرق دوري الدرجة الثالثة في فرنسا حاليا، ليحصل على فرصة عمره بالذهاب إلى كان، وتمر سنتان فقط حتى يحصل على فرصة عمره باللعب في الدوري الإنجليزي.

يتحدث مدربه السابق في كان، السيد باتريس غاراندي، عن نجولو كانتي، مؤكداً أنه عملة نادرة هذه الأيام، حيث إنه من النادر إيجاد لاعب ارتكاز قوي في قطع الكرات ولا يفقدها بسهولة، ويحقق هذا النجم هذه المعادلة الصعبة، خصوصاً مع امتلاكه لشخصية قوية، رغم أنه لعب في فئات أقل قبل قدومه إلى كان، لذلك سيواصل التألق في ليستر، وسينتقل إلى نادٍ أكبر خلال سنوات قليلة.

يُكمل غاراندي حديثه قائلاً: "الموهبة وحدها ليست كل شيء، فتّش عن الشخصية، وضع تحتها أكثر من خط، لأن كرة القدم تدور حول هذه الملكة خلال السنوات الأخيرة، لذلك نحاول في فرنسا زرع الثقة في كل المواهب الصغيرة، حتى تصبح قادرة على اللعب تحت أي ضغط". وإذا ترجمنا هذه العبارات جيداً، ستقودنا حتماً إلى أسباب تألق هؤلاء النجوم الصاعدين في الدوري الإنجليزي الممتاز.

اقرأ أيضا..
بالفيديو.. لاعب تشيلي يُهدي الشعب الفلسطيني.. هدفاً ثميناً

المساهمون