مبادرة خوان ماتا... "كرة القدم" في خدمة الأعمال الإنسانية

مبادرة خوان ماتا... "كرة القدم" في خدمة الأعمال الإنسانية

17 مارس 2018
ماتا معروف بنشاطاته الإنسانية (Getty/العربي الجديد)
+ الخط -
تمثل كرة القدم للاعبين شغفاً رياضياً وباباً للثراء ولدخول التاريخ، لكن هناك نموذجاً من مشاهير النجوم اختار أن تكون الساحرة المستديرة وسيلة لتغيير العالم إلى الأفضل، وهو خوان ماتا لاعب مانشستر يونايتد الإنكليزي ومنتخب إسبانيا.

وطرح ماتا مبادرة دعا فيها نجوم كرة القدم حول العالم لتخصيص جزء صغير وثابت من رواتبهم لأعمال إنسانية، وأطلق على الحملة اسم "هدف مشترك"، وقال إن هذا الهدف سيخدم "أكبر فريق في العالم".

ونجحت مبادرة ماتا في إقناع نجوم لامعين للانضمام إليها منذ اللحظة الأولى مثل الألماني ماتس هوملز مدافع بايرن ميونخ، والإيطالي جورجو كيليني مدافع يوفنتوس، والدنماركي كاسبر شمايكل حارس ليستر سيتي الإنكليزي بجانب رئيس الاتحاد الأوروبي للعبة الكسندر تشيفرين.

فكرة خيرية
وتهدف الفكرة لتبرع كل لاعب بقيمة 1% من راتبه لأغراض خيرية، وقرر ماتا أن تذهب نسبتها إلى مؤسسة "أوسكار" ومقرها في الهند من أجل دعم تعليم الأطفال، بجانب مشروع يهدف للمساواة بين الجنسين في كولومبيا إضافة لمشروعات عامة في دول متنوعة.

وجاء الإعلان عن الفكرة بعدما قام ماتا بزيارة مدرستين في منطقة متواضعة شمال غرب إنكلترا بالتعاون مع مؤسسة مانشستر يونايتد الخيرية، لكن الفكرة ظلت راسخة برأسه منذ تأثر بزيارة مع زوجته إلى بومباي الهندية العام الماضي، والتقى فيها مع أطفال فقراء وأشخاص يعانون من ظروف معيشية صعبة.

وقال لاعب الوسط البالغ من العمر 29 عاما إن الفكرة بدأت بشعوره بالفضول والرغبة في إقامة مشروع خيري، ونسق الفكرة مع مؤسسة "ستريت فوتبول وورلد" التي ترعى 120 منظمة إنسانية في 80 دولة، وشعر بالذهول بسبب ردود الفعل السريعة والإيجابية رغم أنه ينتظر دعما وإقبالا أكبر من نجوم عالميين.

وقال ماتا، الذي يدرس التسويق التجاري بإحدى الجامعات، إن كرة القدم تظل مصدر الشغف الأول في حياته، لكنه أراد استغلال الرياضة في سياق اجتماعي لمساعدة الآخرين.

ويملك عدد من النجوم العالميين مؤسسات إنسانية تحمل أسماءهم، وعلى رأسهم كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، ولكن تبدو فكرة ماتا أكثر شمولا وتدعو جميع اللاعبين للاتحاد وراء هدف اجتماعي واحد.

وقال ماتا، الذي يقدر راتبه بنحو عشرة ملايين دولار سنويا، عند إطلاق المبادرة "أحلم بتغيير العالم ولو بشكل بسيط. أطلب من زملائي المحترفين الانضمام للمبادرة. بإمكاننا تشكيل حركة قائمة على المبادئ الرياضية المشتركة. وصناعة كرة القدم يجب أن تساهم في أعمال الخير".

ورغم أن مسيرة ماتا شهدت التتويج بأكبر الألقاب مثل كأس العالم واليورو مع منتخب إسبانيا ودوري أبطال أوروبا مع تشلسي إلا أنه يعتبر هذا الإنجاز الإنساني الأهم في حياته.

وعلى عكس لاعبين آخرين يقضون أوقات الفراغ والعطلات في الشواطئ والملاهي الليلية، يفضل ماتا زيارة بلدان يعيش معظم سكانها تحت خط الفقر، وخاصة الهند التي ألهمته لبدء المشروع الإنساني. وقال في تصريح شهير في وقت سابق "يعيش لاعبو كرة القدم عادة داخل فقاعة ولا يدركون ما يحدث في العالم الخارجي" مشيرا إلى أنه مستعد للحصول على راتب أقل في سبيل مساعدة المحتاجين.

بدوره قال هوملز مدافع ألمانيا وبايرن، والذي كان من أوائل المنضمين للحملة "فور علمي بالحملة أدركت أنها فرصة استثنائية لتحسين العالم، وأردت المشاركة في هذا الأمر منذ البداية، وأدعو بقية اللاعبين لتوجيه كرة القدم إلى اتجاه آخر أكثر إنسانية".

ووجه ماتا الشكر لهوملز في مقطع فيديو قال فيه "لا أعرف هوملز بشكل شخصي، لذا كانت مفاجأة رائعة عندما قرر الانضمام إلينا، وهو يدرك تماما ما نريد تحقيقه، وأنا واثق من أن وجوده معنا سيحفز الكثير من اللاعبين على الالتحاق بنا".

ولا يقتصر نشاط المؤسسة على مساعدة الفقراء واللاجئين فقط، بل تتنوع أهدافها بين تطوير التعليم والصحة وتوفير فرص عمل والاهتمام بالبيئة ودعم السلام والمساواة وتعزيز الشخصية القيادية لدى الشباب. وتستهدف المبادرة جمع 30 مليار دولار سنويا للإسهام في هذه القضايا بمختلف الدول.

وكان رئيس "اليويفا" تشيفرين من أبرز الوجوه المنضمة للحملة، وسيبذل جهودا دبلوماسية لإقناع الاتحادات والأندية واللاعبين بالمشاركة في تغيير العالم. وقال تشيفرين "بإمكان كرة القدم تغيير العالم بالفعل، وألهمني خوان ماتا للانضمام للحركة، ومن الرائع أن يقود لاعب كرة قدم مشروعا إنسانيا بهذا الحجم، وأناشد اللاعبين لإظهار المسؤولية تجاه المجتمع والتبرع من أجل هذه القضايا الإنسانية".

وبفضل هذه المبادرة نال ماتا تكريما من عدة صحف ومؤسسات، ومنها صحيفة (غارديان) البريطانية التي منحته لقب "لاعب العام" في 2017 بينما وجهت وسائل إعلام إسبانية انتقادات للنجوم الإسبان لعدم الالتحاق بحملة ماتا حتى الآن.

ويزيد عدد اللاعبين المشاركين بالمبادرة على 30 في الوقت الحالي، ومعظمهم من اللاعبين المغمورين أو من الفرق النسائية، ومن الغريب عدم وجود أحد من زملاء ماتا في الفرق التي لعب بها سواء مانشستر يونايتد أو تشلسي أو فالنسيا أو منتخب إسبانيا.

وأضاف ماتا "من المهم أن نتحلى بالصبر. عام 2017 كان عام إطلاق المشروع وفي 2018 ستكون الأوضاع أفضل. انضم إلينا بالفعل لاعبون من أصحاب الرواتب المنخفضة، وهذا مؤشر جيد".

ومع حساب نسبة 1% من راتبي كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي على سبيل المثال فقد يتخطى المبلغ 1.5 مليون يورو، وهو مبلغ قادر على تغيير الكثير من الأشياء، مثل تعليم لاجئ هرب من ويلات حرب أو بناء سقف يقي فقيرا من العواصف أو توفير فرصة عمل لمحتاج أو علاج طفل.

وأضاف ماتا "لا تمكن مقارنة كرة القدم بأي شيء آخر في الحياة. ربما الموسيقى قادرة على ترك تأثير بالمجتمع، لكن ليس بنفس القدر مثل كرة القدم".

دلالات

المساهمون