ظهير الارتكاز..هل يخطف الأضواء من صناع اللعب هذا الموسم؟

ظهير الارتكاز..هل يخطف الأضواء من صناع اللعب هذا الموسم؟

12 اغسطس 2016
نجوم صناعة اللعب الجدد في عالم كرة القدم (Getty)
+ الخط -


القاعدة الأولى في ذاكرة المدرب، تقول إن لاعب كرة القدم يجب أن يكون مجتهدا، ومن دون هذه الصفقة لن يصل إلى أي شيء. يعني الاجتهاد أن تكون متواضعا، لديك القدرة لكي تتعلم، تقدم التضحيات، تسمع الغير وتفهم ما يريدون منك، وبالتالي يستطيع المدير الفني الدخول إلى التجارب الجديدة من هذا الباب، لأن لاعبه يكون على استعداد تام لتقبّل الابتكار، إنه الأساس في صناعة تكتيك غير متوقع على الإطلاق.

صناع اللعب الجدد
مع تغيّر خطط اللعب، أصبحنا نرى معظم الفرق تلعب بمهاجم وحيد، وخماسي في خط الوسط، انتشرت بشدة خطة 4-2-3-1 وعادت 4-3-3 إلى سابق عصرها الذهبي، مع ميل البعض - خصوصا المنتخبات - إلى 3-5-2، مع التأكيد على وجود لاعب واحد فقط في المركز 9 في الهجوم، بينما الآخر يعود باستمرار إلى الوسط ليصبح لاعب ارتكاز إضافي عند الحاجة.

ومن زيدان وروي كوستا وأقرانهم، إلى أوزيل وماتا، ودي ماريا، ومورديتش والبقية، هؤلاء هم أباطرة الكرة الجدد الذين نقلوا السطوة من جيل الخبرة إلى ريعان الشباب وتأتي الملاحظة الأهم التي تخص صناع اللعب الجدد، أن معظمهم بدأ مسيرته الكروية كلاعب جناح على الطرف، أو كساعد هجومي ينطلق كثيراً على خط الملعب وليس في العمق.

صانع اللعب الكلاسيكي القديم لا يدافع ولا يعود أبدا إلى الخلف، إنها النوعية التي ندرت بعد اعتزال خوان رومان ريكلمي، آخر الصناع القدامى في التكتيك، وبدأ عصر المسعود أوزيل، النجم الذي بدأ مسيرته في البوندسليغا كجناح صريح، لكنه تحول مع الوقت إلى قلب الملعب، في المركز 10 بين الجناحين وخلف المهاجم، لتصبح هذه اللعبة هي الأشهر في السنوات الأخيرة.

عصر الظهير
لا يتعلق الأمر فقط بلاعبي الأجنحة، بل أصبح دور الظهير أو الـFull Back مهما جدا بالنسبة للمدربين. تعود الفكرة إلى حقبة السبعينات ومدرسة الكرة الشاملة في هولندا، حيث تألق رود كرول في مركز الظهير العصري. إنه اللاعب الذي يبدأ في الخلف لكنه يزيد كثيرا تجاه الهجوم، مع تغطية مستمرة من جانب لاعب الوسط الذي يميل قليلا إلى الرواق، حتى يحمي ظهر زميله المتقدم إلى الأمام، هكذا ساهمت فلسفة الفراغات في بزوغ نجم مركز الظهير منذ سنوات قديمة.

الخط الجانبي هو أفضل مدافع ممكن، لأن اللاعب الذي يتمركز دائما على الطرف، يجد نفسه محاصر في أكثر من اتجاه، أمامه أو خلفه لاعب من الخصم، وعلى أحد جانبيه حكم الراية الذي يأمره بالتوقف في حالة عبور الكرة الخط، لذلك يتدرب باستمرار على كيفية الاحتفاظ بالكرة تحت ضغط، مع تنوع مهارات التمرير لديه، إما عن طريق التمريرات العمودية الماكرة، أو الكرات الطولية الفعالة، بالإضافة إلى التحرك القطري من الطرف إلى العمق.

نتيجة كل هذه المهارات الخاصة، أصبح اللاعب الظهير بمثابة الكنز لأي مدرب، لدرجة تواجده في مركز المدافع الصريح، كما فعل دافيد ألابا في العام الماضي مع بايرن، ومن قبله أكثر من اسم في أياكس وبرشلونة، حتى تحول هذا المركز إلى أيقونة التكتيك، حيث يمكنه أيضا اللعب في منطقة الارتكاز من الملعب، على خطى الأجنحة التي تحولت إلى مركز صناعة اللعب في العمق.

نجوم المركز 6
قال غوارديولا عن فيليب لام، "إنه أذكى لاعب قمت بتدريبه في مسيرتي"، وضع الفيلسوف كابتن بايرن في منزلة أعلى من تشافي وبوسكيتس والبقية، بعد أن أنقذه في مباريات عديدة حينما حوله من الطرف إلى العمق، ليقوم بدور لاعب الارتكاز الصريح في المركز 6 بالملعب، كحلقة وصل بين الدفاع والهجوم، وناقل رئيسي للكرة في أماكن الضغط.

ليس من السهل أبدا إيجاد صانع لعب يتحكم في الفراغات مثل أوزيل كمثال، كذلك البحث عن لاعب ارتكاز ممرر يحتاج إلى مجهود مضاعف، لذلك وضع بيب ثقته في لام، وأعاد فرانك دي بوير الفكرة نفسها مع بليند في أياكس، حيث جعله المدافع الثالث في التشكيلة، يتحرك بين قلبي الدفاع ويلعب أكثر خلف لاعبي الوسط، من أجل إعطاء البقية أريحية أكبر أثناء التحولات.

يمتاز الظهير بخفة الحركة ودقة التمرير، مع إحساس شديد بالمكان والتمركز، ليلعب داني ألفيش مع برشلونة في منطقة الوسط على مقربة من ميسي وراكيتيتش، في صناعة مثلث هجومي مميز لبارسا لوتشو، ويستطيع البرازيلي تكرار القصة نفسها مع يوفنتوس، حيث يمكنه اللعب كظهير، جناح، ولاعب وسط مائل للطرف إذا تحول أليغري إلى 3-5-2 في بعض المباريات.

دورتموند
قدم توماس توخيل نفسه كواحد من أبرز المدربين الواعدين في ألمانيا وأوروبا، ويبدو أنه قادم على موسم استثنائي، بعد إبرام عدة صفقات، ستساعده حتما في المنافسة القوية مع بايرن محليا وأمام عمالقة القارة بالشامبيونزليغ. واستخدم المدرب الشاب لاعبيه الجدد بطريقة مبتكرة خلال المباريات الأخيرة، وكان أبرزهم على الإطلاق البرتغالي رافائيل غيريرو، الظهير الأيسر القادم من لوريان الفرنسي.

غيريرو ظهير يلعب على الخط مع فريقه السابق ومنتخب بلاده، لكن توخيل استسلم للصيحة الجديدة ووضعه في مركز لاعب الوسط المساند، ليكون قريبا من الارتكاز الأساسي، ويساهم في زيادة الاستحواذ في منطقة الوسط، من خلال التمريرات الإيجابية والتمركز الذكي، ومع خلفيته الدفاعية القوية، يستطيع اللاعب الدخول في صراعات العرقلة والافتكاك، ليصل إلى التمريرة الثانية قبل المنافس في منطقة المناورات.

افتقد دورتموند لاعبا مثل هوميلز المنتقل أخيرا إلى بايرن، هوميلز لم يكن مجرد مدافع بل أقرب إلى اللاعب الهجومي الذي يتمركز في الخلف، وبعد رحيله زادت الحيرة أمام الجهاز الفني، حتى جاء هذا الحل بواسطة رافائيل، لاعب الظهير في منطقة الوسط، يقطع ويمرر ويبني اللعب من اليسار، المنطقة التي كانت ملكا لماتس.

رأينا عددا كبيرا من الأجنحة مكان صناع اللعب في السنوات الأخيرة، والدور قادم على الظهيرين هذه المرة، من خلال تحولهم تدريجيا من الطرف إلى مركز اللعب في خط المنتصف، إنها الملاحظة التكتيكية الأهم في بدايات موسم كروي لن يكون سهلا على الجميع.

المساهمون