فساد كرة أميركا(13)... خوف الصغار وانتحار الكبار

فساد كرة أميركا(13)... خوف الصغار وانتحار الكبار

06 نوفمبر 2015
الخطر يدهم الأطفال بعد الكبار (العربي الجديد)
+ الخط -
في الجزء السادس وما قبل الأخير من تحقيق فساد كرة أميركا، وصلت الاكتشافات الطبية إلى مرحلة متقدمة جداً بسبب انتشار المرض لدى الصغار وخطورته في المستقبل، في وقت ينتحر اللاعبون الكبار بسبب الآثار السلبية الناتجة عن هذا المرض، والتي تؤدي إلى تغير كبير في تصرفاتهم الحياتية.

يبلغ من العمر 21 سنة فقط. لاعب كرة قدم أميركية. شنق نفسه في غرفته الجامعية لسبب غريب. اكتشافات طبية مُرعبة بثت الخوف لدى العائلات الأميركية. انتشر الخوف لدى الأطفال والأهل. إصابات اللاعبين الصغار آخر أمر كان متوقعاً. فبعد اكتشاف مرض "الالتهاب الدماغي" ووفاة لاعبين كبار، جاء الدور على سقوط الصغار أيضاً، لتتسع رقعة هذا المرض المُزمن الذي يستمر الـ "NFL" في إنكاره. 


الحلقة 13: الصغير يموت باكراً 
في العام 2010 أجرت الطبيبة آن ماكي دراسات على 20 لاعباً لكرة القدم الأميركية، عبر دراسة أدمغتهم وتشريحها، ومن بينها أدمغة لاعبين صغار السن، لتكشف ماكي أن 19 لاعباً من أصل 20 مصابون بمرض "التهاب الدماغ المُزمن". دفع هذا الاكتشاف ماكي لإعلان حالة الطوارئ وتغيير نظرتها في الرياضة التي تُحبها وتُشجعها منذ الصغر، حتى إنها في المقابلة الشهيرة مع صحيفة فرونتلاين الأميركية قالت: "من غير المسموح مشاركة أطفال بعمر 9 و10 و12 في هذه الرياضة الخطيرة.

لكن آخر أمر كان الجميع يتوقعه وأولهم الطبيبة ماكي هو وفاة اللاعب الصغير السن أوين توماس (21 سنة)، وطريقة الوفاة أثارت دهشة العائلة وجميع أصدقائه وحتى الأطباء، لأنه شنق نفسه داخل غرفته في حرم الجامعة. لماذا فعل ذلك؟ ما الذي دفعه للقيام بهذه الخطوة؟ الانتحار عملية ليست سهلة وتحتاج إلى قلب قوي لكنها في نفس الوقت تكشف عن عدم اتزان الدماغ ووظائفه العصبية، وهو الأمر الذي أكدته الطبيبة ماكي في تحليلها لدماغ توماس بعد وفاته.

كشفت ماكي بعد عملية التشريح عن وجود حالة "التهاب دماغي" متطورة لم يسبق أن كشف عنها أي طبيب منذ نشأة مشكلة ضربات الرأس في الدوري الأميركي، حتى إن ماكي وجدت انتشار المرض في 20 مكاناً في دماغ توماس. بعد ذلك وجدت ماكي أن نظرتها إلى هذه الرياضة اختلفت تماماً، وأكدت أن توماس أصيب بهذا المرض نتيجة الضربات المتكررة في التدريبات والمباريات من بداية مسيرته.

ولأن توماس يلعب في مركز دفاعي فهذا يعني بحسب المحللين الرياضيين أن اللاعب المدافع هو عرضةً للضربات الدماغية المتكررة أكثر من أي لاعب أخر، خصوصاً أن تدخلاته لمنع المهاجمين من التقدم تكلفتها باهظة على الجسم والدماغ بسبب الاحتكاكات المتكررة بطريقة قاسية.

والأمر المخيف الذي بث الرعب عند جميع الأطفال الذين يلعبون الكرة الأميركية هو ما كشفه هاري كارسون اللاعب السابق الذي اعتزل ومنذ ذلك الحين يدرسُ كل الظواهر التي تؤدي إلى الأمراض الدماغية. ويؤكد كارسون في أحد أبحاثه أن هذا المرض لا يأتي نتيجة ضربة واحدة بل عدد كبير من الضربات، فكيف لو كان اللاعب يتعرض لأكثر من 15 ضربة في مباراة واحدة، فكيف ستكون النتائج؟

بعد كل هذه النتائج الطبية المثيرة والمُرعبة كيف سيتقبل الأهل مشاركة الأطفال في رياضة الكرة الأميركية، حتى إن الطبيب روبيرت كانتو أخصائي الأمراض العصبية الدماغية، شدد على حماية الأطفال من هذه الرياضة التي أصبحت خطيرة بفعل ضربات الرأس، وذلك لأن دماغ الرجل يكون أكثر تماسكاً من طفل عمره عشرة أو 14 سنة، إذ إن الأخير عندما يتلقى ضربة على رأسه، سيؤدي ذلك إلى تحرك في دماغه وهو أمر خطير جداً.

وفي النهاية في حال لم يتنبه الأهل الذين يُسجلون أطفالهم في أندية كرة القدم لخطورة ما يحصل على أرض الملعب، فإن أطفالهم سيعانون كثيراً في المستقبل من المرض الدماغي المُزمن، وهذا الأمر لن يكون بعيداً لأن المرض بدأ ينتشر عند اللاعبين الصغار بحسب الدراسات الطبية التي أعدتها آن ماكي.

اقرأ أيضاً: فساد كرة أميركا (12)... الحرب القانونية والطبية

المساهمون