مستقبل الكرة بين قدميه.. الكل ينتظر خطوة مبابي المقبلة

مستقبل الكرة بين قدميه.. الكل في انتظار خطوة مبابي المقبلة

21 مايو 2017
مبابي تألق مع موناكو ويجذب أنظار الكبار (Getty)
+ الخط -

حقق موناكو بطولة الدوري الفرنسي هذا الموسم بجدارة، بعد أداء استثنائي ونتائج مبهرة أمام الجميع، وعرف المدرب ليناردو جارديم الإجابة جيدا بتحويل فريقه من نسخة دفاعية متوازنة سابقا إلى فريق هجومي على طول الخط، بخطة لعب جريئة واكتشاف مواهب عديدة، أهمها وأبرزها على الإطلاق، جوهرة فرنسا الجديدة كيليان مبابي، اللاعب الأكثر تمييزاً بين أقرانه، سواء في الدوري المحلي أو عصبة الأبطال.

باع الفريق كاراسكو ومارسيال، لكنه لا يعاني أبدا بعد التفريط في أي نجم، لأنه يراهن على جواهر جديدة كما هو الحال مع مبابي، بعد تألقه مع فريق غارديم وإحرازه أهدافا مؤثرة جعلت موناكو ضمن كبار القارة الأوروبية، بعد تخطي السيتي ودورتموند في الطريق نحو نصف نهائي "التشامبيونزليغ".

الجناح المهاجم
يلعب موناكو بمنظومة هجومية جعلته يسجل أمام الجميع، ويضغط لاعبوه باستمرار في المناطق الأمامية، من أجل قطع الكرة مبكرا قبل أن تصل إلى نصف ملعبهم. ويعرف فريق الإمارة كيف يخترق الدفاعات المتكتلة، نتيجة تميزه في التمريرات القصيرة وتمتع لاعبيه بمهارة فائقة، لذلك هو فريق يجيد التلون وفق ظروف كل مباراة، ويجيد بشدة استغلال المواهب الصغيرة، من خلال الدفع بهم دون خوف، كما حدث في حالة مبابي، اللاعب الذي بدأ الموسم بديلا قبل أن يصبح أحد أفضل نجوم أوروبا في فترة زمنية وجيزة.

يراهن ليوناردو على خطة 4-4-2 الهجومية التي تتحول إلى 4-2-4 بالكرة، بصعود ثنائي الأطراف إلى الثلث الهجومي الأخير، وتحول ثنائي الوسط المهاجم إلى منطقة الجزاء رفقة المهاجمين. ولعب كيليان دور المهاجم المتأخر في هذا الرسم، رغم أنه جناح صريح من الأساس، يبدأ المباراة على الخط ويحصل على الكرة ليقطع في العمق بالتبادل مع صناع اللعب. ونتيجة قوته التهديفية وسرعة قراره أمام المرمى، اشترك الصغير مع زميله فالكاو في ثنائية الهجوم داخل وخارج منطقة الجزاء، ليكون هو المهاجم الحر أمام الوسط مباشرة.

مبابي سريع بالكرة ومن دونها، يمتاز بالمهارة والقدرة على هزيمة المدافعين، وبارع جدا في التمركز بين الخطوط وداخل القنوات الدفاعية، لذلك يمتاز بالذكاء في التمركز مع الخفة في أخذ مكان أفضل بالقرب من المرمى. يملك الشاب حساسية المهاجم الهداف، ليجبر مدربه على أمرين، الأول وضعه كمهاجم بدلا من جناح تقليدي، والثاني الدفع به أساسيا خلال مباريات الحسم في النصف الثاني من الموسم، ليرد الجميل سريعا للجهاز الفني ويقود فريقه إلى المسابقة الأهم محليا على حساب سان جيرمان.

العقلية
تشبه حالة مبابي الحالية عملية تألق عثمان ديمبلي مع رين بالموسم الماضي، حيث لعب الفرنسي الآخر دورا محوريا مع فريقه بعد حصوله على الفرصة، مسجلا 12 هدفاً مع 5 "أسيست"، ليلفت نظر عمالقة القارة ويقرر الانتقال إلى دورتموند، أملا في النضج وتكوين شخصية قوية، قبل الخطوة الأهم باللعب مع عمالقة إسبانيا أو فرق البريمييرليغ. ويتفوق مبابي على ديمبلي على مستوى الأرقام، فنجم موناكو سجل هذا الموسم 14 هدفاً وصنع 8 في 27 مباراة بالدوري المحلي، بالإضافة إلى ميزة التألق قاريا في دوري أبطال أوروبا.

وبعيدا عن لغة الأرقام، يجب الحديث عن اختلاف طفيف في التمركز بين النجمين، فديمبلي يلعب أكثر كجناح وصانع لعب طرفي على الخط، يطلب الكرة بنفسه ليراوغ ويمرر إلى زملائه، بينما يتمحور دور مبابي في تمركزه المثالي بالثلث الأخير، ووقوفه في المنطقة المناسبة مع التوقيت المثالي لترجمة الفرص إلى أهداف، وبالتالي يجب تصنيف الأول كجناح مركزي بينما الآخر مهاجم إضافي يستغل الفراغات خلف المدافعين.

نقطة أخرى تحسب للمدرب غارديم في طريقة تعامله مع لاعبه، فمبابي بدأ الموسم على الدكة ولعب فقط 4 مباريات كاملة من أصل 27، ليتم استبداله عند حسم النتيجة أو دخوله كورقة رابحة في بعض المباريات، وبالتالي حافظ النجم الصغير على مخزونه البدني حتى نهاية المسابقات، مع صعوده السلم تدريجيا خطوة فخطوة، ليحافظ على عقليته الفائزة ويتحمل الضغوطات، ما جعله يظهر بصورة رائعة في كافة المباريات الكبيرة، إنها الصفة التي تفرق بين لاعب وآخر، وتجعل الأندية الكبيرة في أمس الحاجة إلى إضافة جديدة بهذه المواصفات القياسية.

الخطوة المقبلة
يستطيع مبابي التألق في أي دوري ومع أي فريق كبير، لأنه دخل أجواء المنافسة سريعا هذا الموسم، بوجوده في نصف النهائي بالأبطال، ولعبه مباريات عديدة في فرنسا. ويملك هذا اللاعب قيمة إضافية بتسجيل الأهداف دون خوف، وبالتالي نجح سريعا في تحمل الضغط وإثبات نفسه أمام الجميع، عكس معظم اللاعبين في سنه، فلاعب مثل ديمبلي على سبيل المثال تقل قدراته كثيرا عندما ينفرد بالمرمى، ويتفنن في إضاعة فرص سهلة بسبب اللمسة الأخيرة، وهذا الفارق يصب في مصلحة نجم موناكو بشدة.

صغير
تخطى كيليان سريعا مرحلة المهاجم الصاعد الواعد ليدخل في مستوى اللاعبين الحاسمين، إنه أفضل لاعب في العالم تحت 20 سنة، بسبب ثقته وهدوئه في التعامل مع الهجمات بالثلث الأخير، وتفرده على مستوى ترجمتها إلى أهداف سواء أمام الكبار أو الصغار، وبالتالي يمكنه اللعب في الدوري الإنكليزي أو الذهاب إلى برشلونة ومدريد، إذ إنه تخطى كافة اختبارات التكيف خلال العام الحالي، ونجح في العبور منها بنجاح منقطع النظير.

حالة مبابي الحالية تشبه فترة تألق نيمار بالبرازيل، فاللاعب اللاتيني خطف الأضواء مع سانتوس ليجبر برشلونة على دفع مبلغ فلكي من أجله، وتصب كافة التوقعات في الميركاتو الصيفي بدخول الكبار في منافسة شرسة من أجل الفرنسي الصغير، فلاعب بهذا السن ومع هذه المواصفات من الصعب تركه لموسم إضافي، خصوصاً مع حدة المنافسة وكثرة المباريات محلياً ودولياً، والدليل تألقه اللافت أوروبيا وتسجيله 6 أهداف في 9 مباريات فقط مع موناكو.

نصيحة ديشامب
نصح مدرب المنتخب الفرنسي، ديديه ديشامب، مهاجمه مبابي بالبقاء في موناكو الموسم المقبل، وعدم الانتقال إلى أي فريق آخر خلال الصيف المقبل. وذهب المدرب المخضرم مباشرة إلى كأس العالم 2018 من أجل إقناع لاعبه، إذ إن فرنسا تشارك في مونديال روسيا المنتظر، ويأمل مبابي وغيره بالوجود في الحدث العالمي الذي يتكرر مرة كل أربع سنوات، وبالتالي يفضل المدير الفني استمرار نجمه في الحصول على دقائق عديدة خلال الموسم الأخير قبل البطولة الكبيرة.

يذهب ديشامب في تحليله إلى إمكانية عدم لعب مبابي بانتظام مع فريق آخر بالموسم المقبل، لذلك أفضل له ولمنتخب بلاده الاستمرار في موناكو، حتى ينضج بشكل أكبر ويلعب دقائق أكثر سواء في الدوري أو أوروبا، لذلك يجب أن يستمر في فرنسا حتى عام 2018. وتبدو وجهة نظر القائد منطقية ومتوقعة إلى حد كبير، لكنها لا تناسب لاعباً مثل مبابي حاليا، لأنه وإن حاول البقاء لموسم آخر مع موناكو، لن تتوقف الأندية الكبيرة عن محاولة ضمه بأي رقم فلكي.

يريد فريق مثل مانشستر يونايتد لاعباً إضافياً في خط الهجوم، ومبابي سيوفر لمورينيو كل ما يحتاجه أمام المرمى، كذلك ريال مدريد يفكر سنويا في نجم كبير، ومع اقتراب خاميس رودريغز من الرحيل، فإن الفرنسي سيكون أفضل تدعيم ممكن لأحلام الرئيس بيريز، حتى مانشستر سيتي مع غوارديولا يأمل في لاعب هجومي إضافي لزيادة الغلة التهديفية بجوار جيسوس، مع كثرة إصابات وغيابات أغويرو، كل هؤلاء سيضعون مبابي على رأس قائمتهم بعد أقل من شهر.

المساهمون