فساد كرة أميركا (1)...الرأس الجميل يُخفي أقداماً قبيحة

فساد كرة أميركا (1)...الرأس الجميل يُخفي أقداماً قبيحة

01 أكتوبر 2015
مفوض اتحاد الكرة الأميركية والفساد المالي (العربي الجديد)
+ الخط -
يبدأ "العربي الجديد" سلسلة من التحقيقات التي تلقي الضوء على الفساد الذي يضرب رياضة كرة القدم الأميركية المعروفة بالـ"NFL"، حيثُ سيتم نشر عدد من التحقيقات حول قضايا حساسة تتعلق بإصابات الدماغ الناتجة عن الارتجاج الدماغي والمخدرات، والمراهنات والتهرب الضريبي، تحت عنوان "فساد كرة أميركا". 

تُعتبر رياضة "كرة القدم الأميركية" من أكثر الرياضات شهرةً في الولايات المتحدة الأميركية، حتى قبل كرة السلة الشهيرة المعروفة بالـ"NBA". كرة القدم في أميركا المعروفة بأنها من أكثر الألعاب خشونة وشراسة على أرض الملعب، لديها شعبية كبيرة تصل إلى حوالى 32% من الشعب الأميركي، بحسب إحصائية سنوية تجريها صحيفة "Business insider" الاقتصادية، أي أن هذا الرقم يُشير إلى مدى اهتمام الشعب الأميركي بهذه الرياضة المُميزة.

لكن بعيداً عن جمال الرياضة وشعبيتها الكبيرة التي تكبر في كل موسم، فإن هذا الرأس الجميل المُتمثل في الكرة الأميركية "NFL" يُخفي الكثير من الأشياء القبيحة التي لا يعرفها الكثير من المتابعين لهذه الرياضة. لذلك قررت "العربي الجديد" فتح ملف يتناول الخفايا السيئة لهذه الرياضة تحت عنوان "فساد كرة أميركا"، حيثُ سيتم تداول هذا الملف على أجزاء عديدة بدايةً من المشاكل إلى معاينة كل مشكلة، وبشكل خاص قضية "الارتجاج الدماغي" التي تسببت في أمراض مُزمنة في الدوري، ووفاة الكثير من اللاعبين بسببها.

الحلقة الأولة: الضرائب والفساد المالي
يعتمد الـ"NFL"، كمعظم الاتحادات التي تتعاطى الشأن الرياضي، على الأرباح المالية من بيع تذاكر المباريات والرعاية الدعائية والتلفزيونية، ولس غريباً أن تُحقق هذه الاتحادات أرباحاً مالية ضخمة، فمثلاً الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يحصد مبالغ مالية ضخمة من بطولتي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي.

لكن مؤسسة كبيرة، مثل الـ"NFL"، تحقق أرباحاً مالية طائلة وتُدير اللعبة الشعبية الأولى في أميركا، حيث إنها تُنافس "الفيفا" من حيثُ السلطة والنفوذ، لم تدفع الضرائب على مدى 73 سنة، أي أنها تحقق أرباحاً مالية تصل إلى حوالى عشرة مليارات دولار سنوياً، وكلها معفاة من الضرائب. لماذا؟ لأن هذه المؤسسة الرياضية يتم تصنيفها حتى عام 2015 كمنظمة لا تبتغي الربح المادي.

وهنا يتوقف كل شيء، فكيف لمنظمة مثل "NFL" هي مؤسسة لا تبتغي الربح المادي، وفي النقيض تربح أموالاً سنوية تُقدر بحوالى عشرة مليارات دولار أميركي؟ وبالطبع فإن "NFL" ليست منظمة خيرية توزع أموالها على الفقراء، أو تساهم في إعانة جمعيات خيرية من الأموال التي تحصدها خلال موسم رياضي واحد.

من يقف وراء هكذا قرار ضخم لمدة 73 سنة؟ الجواب سهل ولا نقاش فيه، "الضغوط السياسية"، التي تُمارس على مصلحة الضرائب، بغية إعفاء هذه الرياضة الأكثر شعبية والتي تحقق إيرادات مالية للدولة، بغية تنشيط الاقتصاد مع كل نهاية أسبوع، وعدم انهيار الاقتصاد الأميركي. منذ عام 1940 اعتمدت "NFL" سياسة مُحنكة لم تتحدث عنها وسائل الإعلام ولم تتناولها الصحافة الأميركية قبل عام 2013، أي أنه وخلال 73 سنة هناك عشرة مليارات دولار معفاة من الضرائب المنصوص عليها في القوانين الأميركية.

وتتمثل هذه الطريقة المُحنكة المُستعملة في دفع رواتب ضخمة للمسؤولين وكبار اللعبة، بغية التخفيف من حجم الإيرادات المالية، وبالطبع مع الضغط السياسي الذي يتم ممارسته من تحت الطاولة، من أجل إبقاء العيون مغلقة على هذه المؤسسة الرياضية التي تتوخى الربح المادي، بحسب السجلات في الاقتصاد الأميركي، لكن بحسب القانون فهي أكبر مؤسسة اقتصادية في أميركا، وإن لم يكن في العالم.

في المقابل، الأمر المستغرب أن "NFL" تدفع للمشرفين على الرياضة مبالغ مالية ضخمة، خصوصاً الرجل الذي أثيرت حوله الكثير من قضايا الفساد، وهو المفوض الحالي للعبة، روجير جوديل، الذي تقاضى- بحسب تقارير اقتصادية رسمية- حوالى 44 مليون دولار سنوياً لإدارة اللعبة، وهو الرقم الأعلى الذي يتقاضاه مسؤول نافذ داخل الـ"NFL". يُذكر أن روجير جوديل من وجوه الفساد الذي سيتم تناولها في الأجزاء القادمة من تحقيق "فساد كرة أميركا".

اقرأ أيضاً: دراسة طبية مُرعبة...96% من نجوم الـ"NFL" مصابون بمرض مزمن! 

المساهمون