حماية المحتوى الرقمي الفلسطيني... مبادرة بلا دعم رسمي

حماية المحتوى الرقمي الفلسطيني... مبادرة بلا دعم رسمي

19 نوفمبر 2019
وصل الحظر إلى واتساب (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -
استفاق الصحافي الفلسطيني مجاهد مفلح، يوم الجمعة الماضي، وتوجه إلى مجموعات انضم إليها على "واتساب" لمتابعة آخر الأخبار، لكنه فوجئ بحظر رقم هاتفه من استخدام التطبيق، ما أثار مخاوف من وصول التضييق على المحتوى الرقمي الفلسطيني إلى تطبيق الرسائل الفورية، بعد دخول موقع "تويتر" على الخط، وقبله موقع "فيسبوك" صاحب حصة الأسد في الإجراءات الرقمية ضد الناشطين الفلسطينيين، وإجراءات أخرى على منصة "يوتيوب".

ويقول الصحافي مجاهد مفلح، لـ "العربي الجديد"، إن "الرسالة التي وصلتني الجمعة لا تحمل الأسباب، لكنها تسمح فقط بالتواصل مع فريق الدعم الخاص بالتطبيق"، علماً أن شركة "فيسبوك" استحوذت على "واتساب" عام 2014 بـ 19 مليار دولار أميركي.

ويشير مفلح إلى أنه يستخدم حسابه في "واتساب" منذ سنوات للعمل والنشر على مجموعات خاصة بوسيلة الإعلام التي يعمل فيها، ويرجح أن حظره متعلق بنشر أخبار الأحداث في قطاع غزة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير.

الاستهداف للمحتوى الفلسطيني بدأ بحظر حسابات ومنشورات على "فيسبوك"، ثم "تويتر"، والآن على "واتساب". ويقول الصحافي الفلسطيني: "يضيقون علينا، لا أعلم إلى أين سيصل الأمر؟ لكن يبدو أنه لا يراد أن يبقى لنا متنفس ننشر فيه أخبارنا ومحتوانا الفلسطيني".

البحث عن جسم يحمي الحقوق الرقمية الفلسطينية
تبرز الأهمية هنا بالنسبة للناشطين والصحافيين الفلسطينيين بالالتفات إلى ما يمكن أن يصبح عليه المحتوى على تلك المواقع الأكثر انتشاراً، في ظل وجود احتلال ومقاومة مشروعة لذلك الاحتلال، وما يرافقه من حق في التعبير عن رفض الاحتلال ونقل انتهاكاته.

منذ فترة مبكرة، تنبهت "مبادرة شبابية" إلى هذا الأمر، ففي عام 2015، عقب حراك شعبي سمي بـ "انتفاضة القدس"، نظم الناشطون حملة لمقاطعة "فيسبوك" لمدة محددة، احتجاجاً على استهداف الصفحات الفلسطينية بالحذف أو حظر النشر. وفي 2017 انطلقت المبادرة تحت اسم "صدى سوشال" التي رصدت أخيراً حظر عشرات الحسابات الفلسطينية على "واتساب" في الضفة وغزة، عقب تداولها الأخبار الميدانية في غزة.

دفعت الحاجة إلى جسم فلسطيني يدافع عن الحقوق الرقمية الفلسطينية ويتواصل مع إدارات مواقع التواصل الاجتماعي لحماية الحقوق الرقمية الفلسطينية وحريات التعبير عن الرأي وحريات العمل الصحافي، إلى إطلاق مبادرة "صدى سوشال"، وفق ما يؤكده أحد مؤسسي المبادرة، إياد الرفاعي، في حديث لـ "العربي الجديد".


الدور الهام بالتواصل مع إدارات مواقع التواصل
استطاعت مبادرة "صدى سوشال" القيام بما لم يستطع آخرون فعله، فخلال الشهرين الماضيين، كما يؤكد الرفاعي، استرجع أكثر من 50 حساباً على منصة "فيسبوك"، وقبلها إعادة جزء كبير من الحسابات.

بداية العام الحالي، اعترف موقع "فيسبوك" بالمبادرة كشريك موثوق له في فلسطين، ما يسهل التواصل والاعتراض على حملات الحظر ومنع النشر والحذف، فيقوم طاقم المبادرة بمراسلة إدارات المواقع بطرق رسمية، عير مديري المكاتب أو مسؤولي الأقسام، لتوضيح بعض الأمور التي لها علاقة بالقضية الفلسطينية وكيفية تداولها على تلك المواقع، وتقديم الحجج بأن هذا المحتوى لا يخالف السياسات.

بالرغم من ذلك، تبقى منصات أخرى تنتظر المبادرة ردودها، وهي التي دخلت على خط استهداف المحتوى منذ فترة ليست بالبعيدة، كـ "واتساب" و"تويتر" الذي حذف حسابات صفحات كبيرة كشبكة "قدس". وفي بعض الأحيان تصر المنصات على إجراءاتها، ويذكر الرفاعي مثالاً الصور والأخبار حول تسلل وحدة من الموساد الإسرائيلي إلى غزة العام الماضي، حتى إن حذفها تم من داخل الرسائل بين الأشخاص، ما يدل برأيه على مدى التعاون الكبير بين منصة "فيسبوك" وحكومة الاحتلال، وهو ما يدفع المبادرة إلى الاستمرار في المطالبة من المستوى الرسمي الفلسطيني التفاعل الجاد مع قضايا حماية الحقوق الرقمية والمحتوى الفلسطيني.


غياب الدور الرسمي
يقوم طاقم مبادرة "صدى سوشال" على أفراد متطوعين، للرصد والاستشارات التقنية، وإصدار المواقف والتقارير الدورية حول استهداف المحتوى الفلسطيني، وقريباً ستعلن عن نظام برمجي يعتمد على خوارزميات ترصد حذف الصفحات والمنشورات، ليكون الرصد والتقارير الصادرة عن المبادرة أكثر دقة.

وتأمل "صدى سوشال"، كما يؤكد الرفاعي وكرره أكثر من مرة؛ في دور رسمي فلسطيني يكاد يكون معدوما برأيه، رغم التواصل الدائم مع الجهات الحكومية، مشيراً إلى ما فعله الاحتلال من إفراز لجنة وزارية مختصة للتواصل مع إدارات مواقع التواصل الاجتماعي، لإدراك دولة الاحتلال أهمية المحتوى الرقمي.

يتقاطع رأي الناشط على مواقع التواصل حسين شجاعية، في حديثه لـ "العربي الجديد"، مع ذلك الرأي، مشيراً إلى أن أي جهد يبذل حالياً لحماية المحتوى الرقمي الفلسطيني يعد متواضعاً وتطوعياً حتى اللحظة، مقارنة بحجم الهجمة. فيما يشير شجاعية إلى أن الاستهداف وصل إلى منصات كـ "تويتر" كانت تعتبر نفسها مساحة لحرية التعبير.

ويشدد شجاعية على وجود تقصير رسمي حكومي فلسطيني، وصل إلى الإضرار بمحاولات حماية المحتوى الفلسطيني، بخطوات مثل حجب 59 موقعاً وصفحة إلكترونية الشهر الماضي، استناداً إلى قانون الجرائم الإلكترونية.

دلالات