هل يحمي الاتحاد الأوروبي انتخاباته من الأخبار الكاذبة؟

هل يحمي الاتحاد الأوروبي انتخاباته من الأخبار الكاذبة؟

22 مايو 2019
751 نائباً سيُنتخبون الأحد (فريديريك فلورين/فرانس برس)
+ الخط -
يتوجّه قرابة 400 مليون مواطن أوروبي من 28 بلداً يتحدثون 24 لغة مختلفة إلى مراكز الاقتراع، الأحد المقبل، لانتخاب 751 نائباً يمثلونهم في البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ. إلا أنّ الأخبار الكاذبة وتضليل الناخبين يبقيان من أكثر المخاوف التي تعتري الأحزاب والجمهور معاً. 

وتتكرّر المزاعم عن أن منصات التواصل الاجتماعي لا تحارب الدعاية الكاذبة بالسرعة الكافية، ما حتم في بعض الحملات الانتخابية على مستوى العالم (مثلاً في أميركا أو البرازيل أو استفتاء بريطانيا) التشكيك بمدى تأثيرها السلبي على توجهات الناخبين، ما قد يقلب المعادلة في صناديق الاقتراع. وقد ينسحب ذلك على الانتخابات الأوروبية التي تعد مفصليّة لخيارات أوروبا المستقبلية مع تمدد الأحزاب اليمينية المتطرفة والشعبوية المناهضة للاتحاد، والتي عمدت إلى توحيد صفوفها للمنازلة الكبرى يوم 26 مايو/أيار الحالي. هذا الأمر حاول تبديده المدير في "فيسبوك"، مارتن أوت، خلال نقاشات في البوندستاغ، لافتاً إلى أنّ للانتخابات الأوروبية اعتبارات خاصة ولها أولوية مطلقة.

رغم ذلك، ازدادت في أوروبا الأصوات المطالبة بضرورة التنبّه لهذا الأمر، قبل أن يتجرّأ أحد على القول في ما بعد إنه فوجئ بمحاولات التأثير على الرأي العام. لغاية اللحظة، يقول المعنيون والمسؤولون إنّ منصات التواصل، وبينها فيسبوك التي تملك "واتساب" و"إنستغرام"، اتخذت التدابير والاحتياطات اللازمة، ومن بينها ترصّد أصحاب الحسابات المزيفة لكي توقع بأولئك الذين يريدون التأثير في الانتخابات الأوروبية من خلال مزاعم معينة، والتدقيق بها، والمعلومات المضللة، وهي على تنسيق تام مع مكاتب بروكسل. علماً أنّ وكالة الأنباء الألمانية ذكرت أخيراً أنّ أجهزة استخبارات أوروبية رصدت جهوداً من قبل بعض شبكات التواصل ووسائل الإعلام المناهضة لفكرة الاتحاد الأوروبي، والمقربة من روسيا، تسعى لمحاولة التأثير على جيل الشباب بوجه خاصّ، والتشكيك بأهمية التكتل والتصويت في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، ما يُبرهن الصعوبات التي تعانيها تلك الأجهزة لكبح دور تلك المنتديات على فيسبوك وتويتر. ووفقاً لتقارير صحافية سابقة، فإنّ من بين المؤسسات التي لها تأثيرها في هذا المضمار، جهاز الأمن الفدرالي الروسي والاستخبارات الداخلية والعسكرية إلى وكالة أبحاث الإنترنت في سان بطرسبرغ.

في المقابل، يعتبر خبراء في علم التكنولوجيا الرقمية أنّ مخاطر التأثير الروسي على الانتخابات الأوروبية باتت أقل، لاعتبارات عدة، بينها اليقظة التي استجدّت في العالم الرقمي عمّا كان عليه الوضع قبل عامين. وذلك بعد أن انكبت الشركات على مكافحة هذا النوع من الجريمة ورصد وتتبع مطلقيها وكشفهم، إلى الخوف من إجراءات انتقامية، وخصوصاً من الجانب الروسي، مذكّرين بما حصل عند محاولة تسميم عميل روسي مزدوج في روسيا نتج عنه طرد لدبلوماسيين من الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية. ناهيك عن القناعة الراسخة أنّ السيطرة على هذا النوع من "البوتات" (حسابات آلية) بات أكثر سهولة عما قبل بفعل التقنيات المتبعة، والنتيجة ستكون فقط خسارة الكثير من الأموال، مبرزين الرد الروسي على ذلك، بأنّ موسكو لا تعتزم التدخل في الانتخابات الأوروبية أو أي انتخابات أخرى.

من جهة أخرى، بيّنت شركة "فيسبوك" أخيراً، وفق "فرانكفورتر الغماينه تسايتونغ"، إنها تسعى جاهدةً لتضييق نطاق المشكلة والتعلم من الأخطاء التي وقعت بها سابقاً. واعتبرت المديرة في فيسبوك، تيسا ليونز، التي ترعى الأخبار، أنّ الشركة حققت خلال العامين الماضيين خطوات كبيرة في هذا المجال. إذ تم حذف 750 مليون حساب مزيف، كما تمت زيادة عدد الموظفين المشاركين في تأمين الأمان والسلامة على الشبكة، ومن المتوقع بحلول نهاية هذا العام أن يصل عددهم إلى 30 ألفاً. وكإجراء إضافي حدّثت الشركة، أخيرًا، قاعدة بياناتها للإعلان السياسي في أوروبا، وهو ما سيُمكّن المستخدمين من معرفة من يقف وراء الإعلانات السياسية، ومقدار الأموال التي ينفقها المعلنون، وأي فئة من السكان يتم توجيه الإعلان إليها. وبخصوص "واتساب"، فلم يعد يتمكن المستخدم من إعادة توزيع الرسائل سوى خمس مرات، فيما يتم الإشارة إليها بأنها رسائل معاد توجيهها. كما أنّ "فيسبوك" تتحقق حالياً من صحة المنشورات من قبل شركة كوركتيف ووكالة الأنباء الألمانية، وهما الشركتان الناشطتان من ضمن 40 شركة يتم التعاون معهم في أوروبا للتحقق من دقة المحتوى المعروض على الشبكة.

المساهمون