برلمانيون مصريون يتهمون حكومة السيسي بـ"إغراق البلاد في الديون"

برلمانيون مصريون يتهمون حكومة السيسي بـ"إغراق البلاد في الديون"

04 يونيو 2018
+ الخط -
اتهم عدد من أعضاء مجلس النواب المصري، الإثنين، حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بإغراق البلاد في المديونية، بعد وصول فوائد الدين العام إلى 541 مليار جنيه في موازنة الدولة الجديدة، مطالبين الحكومة بتقديم دراسات جدوى وافية عن المشروعات "القومية" الجاري تنفيذها، ومنح أولوية في الإنفاق لقطاعات التعليم والصحة والصناعة والزراعة.

وقال عضو تكتل (25-30)، النائب أحمد الطنطاوي، في جلسة مناقشة موازنة العام المالي (2017/2018)، اليوم، إن الشعب المصري ما زال يدفع فاتورة فشل الحكومة وإصلاح مالي "ظالم" يحمل الفئات الأقل دخلاً مزيداً من الأعباء، مشيراً إلى أن موازنة السنة المالية الجديدة (2018/2019) تعد الموازنة الثالثة التي تعرض على البرلمان، وكل واحدة فيها "أسوأ من سابقاتها"، بحسب تعبيره.

وأضاف: "الموازنة العامة مرآة تعكس أوضاع الدولة، ونحن نحتاج 100 عام لتحقيق الإصلاح الاقتصادي، والذي لا يرى الشعب ثماره إلى الآن.. وهناك انتقائية شديدة من الحكومة في استخدام الأرقام، وليس النسب، وهو يؤكد بنفس الرتابة في إعداد الموازنة، والإبقاء على بنودها ذاتها كل عام، مع تغيير الأرقام فقط".

وحذر من تداعيات تفاقم فوائد الدين، التي ارتفعت من 193 مليار جنيه في موازنة السنة المالية (2014/2015) إلى 541 مليار جنيه في موازنة (2018/2019)، مستطرداً: "حذرنا كثيراً من التوسع الشديد في الإقراض من الخارج، باعتبار أنه يخرب الحاضر قبل المستقبل، كونه يمثل زيادة مريعة في خدمة الدين وأقساطه".

وتابع مطالباً الحكومة بتقديم دراسات جدوى وافية عن المشروعات "القومية" الجاري تنفيذها، ومن المخطط أن تصرف الدولة عليها مئات المليارات من الجنيهات خلال السنوات المقبلة، في إشارة منه إلى العاصمة الإدارية الجديدة، وغيرها من المشروعات التي يشرع نظام السيسي في تدشينها من دون دراسة جدوى.

وختم الطنطاوي بالقول: "أثبتت الأيام أن رفضنا جميع موازنات الحكومة كان صحيحاً، في ضوء تردي مستوى معيشة المواطنين"، مقترحاً إرجاء التصويت النهائي على الموازنة إلى نهاية يونيو/حزيران الجاري، مع إعادة مشروع الموازنة إلى لجنة الخطة والموازنة المختصة لمزيد من الدراسة، وإعادة النظر في ضريبة الأرباح الرأسمالية على البورصة، وإصلاح هيكل الضريبة العقارية التصاعدية.

بدوره، قال عضو التكتل، النائب هيثم الحريري، إن الموازنة الجديدة هي الرصاصة التي ستخرج من البرلمان إلى المواطن، كونها ترسم طريق مجلس النواب كتابع للحكومة، وقال: "لا أحد من النواب يلوم الحكومة لاحقاً في حالة الموافقة على الموازنة، أو التقدم بطلبات الإحاطة أو غيرها من الأدوات الرقابية ضدها".

وأضاف الحريري: "لدينا اختلاف مع الحكومة والنظام السياسي على فقه الأولويات، فنحن نريد الاستثمار في البشر، ومنح أولوية للتعليم والصحة والصناعة والزراعة، وليس الاستثمار في الحجر"، مستطرداً "نحن متمسكون بالدعم العيني، ونرفض بيع شركات الحكومة، والخصخصة التي لن تدر سوى 80 مليار جنيه خلال العامين المقبلين".

وتابع: "لو بعنا كل أصول الدولة لن نستطيع سداد الديون عليها، ولماذا لا تستجيب الحكومة لطلب وزير التعليم بمنح الوزارة 62 مليار جنيه، لإحداث قفزة إلى الأمام في التعليم تعادل 10 سنوات"، مستنكراً تخصيص 7 مليارات جنيه لهيئة الأبنية التعليمية عوضاً عن المبلغ الذي طلبته بقيمة 13 مليار جنيه، لإنشاء فصول جديدة، واستيعاب تكدس الطلاب.

أما النائب ضياء الدين داوود، فتهكم على انتقاد نواب الغالبية في البرلمان لبنود الموازنة، ثم التصويت لمصلحتها في النهاية، رغم ما تحويه من تشوهات كبيرة، في ضوء تفاقم الديون، قائلاً إن "الحكومة أغرقت البلاد في الديون، بعدما بلغت فوائد الدين 38% من إجمالي المصروفات، و70% من إجمالي الإيرادات الضريبية، و9 أضعاف الإنفاق على الصحة، و5 أضعاف الإنفاق على التعليم".

وأشار داوود إلى أن الموازنة الجديدة هي ترجمة لموافقة غالبية البرلمان على برنامج الحكومة، والتي تشهد اختلالاً كبيراً في هيكل الأجور، بما يتعارض مع مبادئ العدالة الاجتماعية، مستشهداً باستحواذ قطاع النظام العام وشؤون السلامة العامة (يضم العاملين في وزارات الداخلية، والعدل، ومصلحة السجون، والمحكمة الدستورية) على 18.8% من بند الأجور، رغم أنه يمثل 1.5% من العاملين في الدولة.

وأثار حديث النائب غضب رئيس البرلمان، علي عبد العال، الذي قال معقباً: "الحكومة الحالية لم تغرق مصر في الديون، ولكنها تراكمات حكومات سابقة"، مدعياً أن هذه الديون مورثات من أنظمة سابقة، وأن البلاد لم تشهد في تاريخها هذا الحجم من المشروعات "القومية" والتنموية.

من جهته، انتقد رئيس لجنة الشؤون الدينية في البرلمان، أسامة العبد، غياب الأزهر عن خطة التنمية المستدامة للدولة، رغم أن جامعة الأزهر تضم ما بين 500 ألف إلى 600 ألف طالب. وهاجم النائب مصطفى بكري، رضوخ الحكومة لاشتراطات صندوق النقد الدولي، بالقول: "صندوق (النكد) الدولي يستمر في إفقار الشعوب"، بحد قوله.

وحذر بكري من استمرار الضغط على الفقراء، ومحدودي الدخل، قائلاً: "حذار من الضغط على هذه الطبقات، ولا بد أن تكون هناك معدلات نمو بشكل أكبر، بهدف توجيهها إلى الفقراء"، منبهاً إلى تسبب الديون في أزمة كبيرة لمصر، لا سيما بعد أن تجاوز الدين الخارجي 82 مليار دولار، علاوة على ديون داخلية تتجاوز الثلاثة تريليونات جنيه.

وطالب النائب يوسف القعيد، بإعادة النظر في ميزانيات التعليم والثقافة والصحة والإعلام، حتى لو تطلب الأمر تأجيل التصويت على الموازنة، مشيراً إلى استبعاد مكتبة الأسرة تماماً من أي مخصصات في الموازنة، وإلغاء الاعتماد المخصص للإنتاج السينمائي، على غرار المركز القومي للسينما، وكذلك هيئة المسرح، من ميزانية وزارة الثقافة.

وقال ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، النائب محمد أبو هميلة، إن الشعب المصري هو من تحمل عبء إجراءات الإصلاح الاقتصادي، ويريد أن يطمئن إلى النتائج الإيجابية لهذا الإصلاح، وأن صبره لم يذهب هباء، داعياً الحكومة إلى استبدال الدعم العيني بآخر نقدي، ودعم أجهزة الرقابة على الجهاز الإداري للدولة.

وقال النائب إبراهيم القصاص: "الحكومة لديها الكثير من الإيرادات، ومن بينها أموال بيع أصول الدولة، التي يجب أن تصرف على المواطنين، بغرض توفير عيشة كريمة لهم"، بينما طالب رئيس لجنة الإعلام في البرلمان، أسامة هيكل، بضرورة إصدار البرلمان توصية موجهة للحكومة بشأن خفض حجم الدين الخارجي، الذي يزيد يوماً بعد يوم، وبات مقلقاً بدرجة كبيرة.