رشيد مشهراوي: حكايات غزة "من مسافة الصفر"

رشيد مشهراوي: حكايات غزة "من مسافة الصفر"

03 يناير 2024
في رفح (سعيد الخطيب/ فرانس برس)
+ الخط -

أطلق المخرج السينمائي الفلسطيني، رشيد مشهراوي، "مؤسسة مشهراوي لدعم السينما والسينمائيين في غزة"، وهدفها الأساس تقديم المساعدة للفنانين في غزة، وخاصة السينمائيين منهم، في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يواجهها القطاع جرّاء حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لقناعته بقوة هذا الفن وأهميته في خدمة الإنسانية والدفاع عنها.
وتحت مظلة المؤسسة الحديثة المولد، أطلق رشيد مشهراوي برنامجاً عنوانه "من مسافة الصفر"، تقوم فكرته الأساسية على إتاحة الفرصة للفنانين، وخاصة الشباب من صانعي الأفلام الموهوبين والمبتدئين في غزة، للتعبير عن أنفسهم بإنتاج أفلام قصيرة (روائية أو وثائقية أو تجريبية)، مدتها ثلاث دقائق.
ويرمي المشروع إلى إنتاج عشرين فيلماً، تصلّ مدتها الإجمالية إلى 60 دقيقة تقريباً، يمكن تقديمها في عروض فردية أو جماعية، حسب ما أوضح مشهراوي في حديثه لـ"العربي الجديد". وأضاف: "يهدف المشروع إلى سرد قصص لم تُحكَ من قبل، خاصة القصص الشخصية، وتقديمها بطريقة تحترم الجودة الفنية والتقنية، لإتاحة الفرصة للمشاركة في مهرجانات فنية هامة والانخراط في فعاليات على مستوى عال، فمن بين تلك القصص على سبيل المثال حكاية شاب صنع فيلماً عن محبوبته التي فقدها تحت أنقاض قصف طائرة لجيش الاحتلال".
وقال المخرج السينمائي الفلسطيني: "أردت أن يقدّم الشابات والشبّان في غزة حكاياتهم في فيلم قصير من ثلاث دقائق. نحن نقوم بالمساعدة إنتاجياً، وتقنياً، وفنيّاً، ونقدم المشورة والدعم على كافة المستويات... بدأ المخرجون الشباب، وبعضهم إن لم يكن جلّهم من الهواة، العمل على الفور من داخل غزة التي لا تزال تعاني منذ قرابة التسعين يوماً من حرب بشعة. يعملون على مضمون مغاير لما يُنشر عبر وسائل الإعلام، من دون خدش السينما كفن راق له لغته الخاصة، ومن واقع تجاربهم الشخصية، أي من المسافة صفر".
ولم يعلن رشيد مشهراوي عن تاريخ محدد للانتهاء من تحضير هذه الأفلام، لكنّه أكّد أن العديد من "كوادر المشروع" بدأوا بالكتابة والتصوير والمونتاج، بإشراف مستشارين ومساعدين "من الأصدقاء ذوي الخبرة في غزة".
وشدّد مشهراوي، متحدثاً لـ"العربي الجديد"، على أنه "بموازاة تداعيات حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، والتي لا يمكن استبعاد قدر بشاعتها، ثمة حرب على الصورة، فالاحتلال ومناصروه يقدّمون صورة تمنحه شرعية قتلنا عالمياً، وما نسعى للقيام به هو إيقاف القتل عبر الصورة أيضاً من خلال أفلام مشروع من نقطة الصفر".
وأكد أنه لم يكن ليقف متفرجاً أمام ما يحصل في غزة، لذا قرر عبر إطلاق "مؤسسة مشهراوي لدعم السينما والسينمائيين في غزة"، ومشروعها "من نقطة الصفر"، استثمار تجربته السينمائية الطويلة وذات الشهرة العالمية في حرب الصورة الطاحنة هذه الأيام من جهة، ومن جهة ثانية تقديم فرصة للمبدعين السينمائيين الشباب في غزة، والمحبطين بعد سنوات من الحصار، وفي ظل الحرب التي تستهدفهم كما غيرهم.
ومنذ السابع من أكتوبر، يجوب رشيد مشهراوي العالم، ناقلاً قضية غزة التي أنشأ المؤسسة السينمائية التي تحمل اسمه لدعمها، ما بين باريس، وبرلين، والقاهرة، وعمّان، وغيرها من العواصم العربية والعالمية، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "غزة هي من صنعتني سينمائياً، كما أنني ابنها الذي قضيت طفولتي وشبابي فيها، وأقل ما يمكنني أن أقدمه من أجلها هو دعم السينمائيين الذي يعملون الآن في ظل ظروف مُرعبة فعلاً، فأحدهم ينام داخل الأكفان لعلها تقيه البرد ولو قليلاً، وآخر يستحم في غرفة غسيل الموتى في أحد مشافي قطاع غزة بعد أيام عديدة من عدم إيجاد مساحة للاستحمام، علاوة على المشكلات التقنية... هذه حكاياتهم. هم صنّاع الأفلام، وليست حكايات الأفلام نفسها، وأنا أعيش الحالة من خلالهم في المكان الذي أنا ابنه وعشت فيه أكثر من حرب".
وكان مشهراوي أطلق في مهرجان الجونة السينمائي الدولي في مصر، أخيراً، دعوة لدعم إنتاج وتطوير مشاريع أفلام من غزة، من قبل شركات إنتاج وسينمائيين من كافة أنحاء العالم. وأكد المخرج الفلسطيني أن "الحرب على فلسطين بدأت منذ أكثر من 75 عاماً، ولم تبدأ يوم السابع من أكتوبر. لا أريد أن يتسلل الإحباط إلى الناس جرّاء مشاهد قتل الأطفال وأعداد الشهداء غير المسبوقة، لكن علينا خاصة نحن العاملين في قطاعي السينما والإعلام نقل هذه الجرائم إلى العالم".
وكانت المهرجانات السينمائية والفنية في العالم العربي قد أثارت انقساماً منذ بدء العدوان على قطاع غزة، إذ أيّد البعض تأجيلها أو إلغاءها من أجل التضامن مع الفلسطينيين، في حين نادى آخرون بجعل هذه الفعاليات منبراً لرفع الصوت وتسليط الضوء على حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي.

نجوم وفن
التحديثات الحية

ويبدو أن رشيد مشهراوي من أصحاب الرأي الثاني، إذ قال في حديث سابق مع "العربي الجديد" إنه سيشارك في أنشطة فنية مختلفة خلال الفترة المقبلة، مشدداً على أهمية أن يكون لهذه الفعاليات موقف من القضية الفلسطينية "حتى تصل أصواتنا كعرب إلى كل أنحاء العالم، فقد تساهم السينما في وقف الدمار الذي تشهده غزة، لأن السينما هي اللغة التي نفهمها جميعاً". وأضاف: "علينا الرد من خلال أفلامنا، سواء الوثائقية أو الروائية، أو من خلال أي شكل من أشكال الفنون، على الأكاذيب التي يروج لها العدو الصهيوني، فالصورة لا تكذب أبداً".

المساهمون