Twin Atlantic... شفافية صنعتها العزلة

مع بداية العام الجديد، أصدرت فرقة الروك البديل الإسكتلندية، Twin Atlantic، ألبوماً جديداً يحمل عنوان Transparency، وهو الإصدار السادس في مسيرة الفرقة، التي مضى على تأسيسها ما يقارب 14 عاماً، حافظت خلالها على قوامها الثلاثي الرئيسي حتى العام الماضي، حين انفصل كريغ نيال عن الثنائي سام ماكتراستي وروس مِكنا.

يستمد الألبوم الجديد أولى الخصائص التي تميزه من خلال الآلية الخاصة التي اتبعت بإنتاجه، والظروف الخاصة التي أنتج خلالها؛ إذ سُجِّل العمل عن بعد، خلال فترة الحجر الصحي، حين كان سام ماكتراستي (المغني الرئيسي في الفرقة) يقضي فترة العزلة في المنزل وهو يعتني بابنته الرضيعة، بينما كانت زوجته تذهب إلى عملها، ممرضة تعتني بالمصابين بفيروس كورونا. هذه الأجواء التي شكلت فضاء مكان العمل الخاص، استثمرها ماكتراستي ليصنع أجواءً صوتية خاصة، يستخدم فيها صوت ابنته وصوت زوجته، لترسما ملامح العالم، كما كان يدركه في لحظة إنتاج الألبوم.

قد تكون السمة الرئيسية التي يمكن أن نصف بها العمل، تتلخص بأنه لا يمكن أحداً أن يتوقع أن تقدمه فرقة مثل Twin Atlantic. فمن خلال التجارب المتباينة التي يعيشها أعضاء الفرقة عن بعد، وما بين تجربة كاكتراستي كوالد جديد، وتجربة مكنا للعمل بشكل أكثر فردانية؛ بدت النتيجة وكأنها موسيقى تلتقط الفوضى المضطربة.

وعلى عكس أي عمل أطلقته الفرقة من قبل، فإنها الكلمات تأتي كمكاشفة تفتح الباب لسلسلة من التصريحات والملاحظات والتأملات الشخصية، التي تبدو بدورها تعكس تجربة كثيرين ممن عاشوا ظروفاً مشابهة؛ فالألبوم يبدو وكأنه يلامس كل شيء ضمن المحيط الاجتماعي الذي صُنع فيه، ويتطرق إلى كل الموضوعات والمشاعر والأفكار التي شاعت في فترة صناعته، ابتداءً من الغضب واليأس والاستنكار الذاتي والوحدة ووسائل التواصل الاجتماعي والبريكسيت؛ لتبدأ الشعارات بالظهور مع الأغنية الافتتاحية Keep Your Head Up، التي تبدو كأنها احتفال بالمجتمع، وتشديد على قيمته في ظل التهديد المستمر لترابطه، وتعزز الكلمات التي يغنيها ماكتراستي في أغنية One Man Party القيم ذاتها، ويجعلها أكثر جاذبية وصخباً.

هكذا، تبدو الكلمات وكأنها صرخات بشعارات صريحة وبنبرة حادة في مواجهة صوت خالٍ من الهموم؛ صوت يبدو أنه مصمم لمفاجأة المعجبين القدامى، يعبّر عن التخبط بعد كل ما تمّ تلقينه على مدار العامين الماضيين؛ فهو يعبّر عن جمود المعلومات التي تشاركها الكثيرون على مدار العامين الماضيين. وهذه الكلمات تبدو مثقلة، لا يخفف من وطأتها سوى الموسيقى المستخدمة، التي تبدو بدورها وكأنها اختزال لما نسمعه في جولة بالذاكرة، من موسيقى الفانك في السبعينيات والبانك الروك في الثمانينيات، حتى تنغمس في القصص الشعبية والباور بوب التالية لها.

لذا، إنّ ألبوم Transparency هو ألبوم الشفافية، التي تعكسها الموسيقى مختزلةً دورة حياة أفراد الفرقة، وتبهر المستمع بمدى انسجام الأفكار المتداولة والعالقة بالسطح، التي يمكن أن نصف تأليفها بالسهل الممتنع؛ فهي كلمات متداولة بوفرة ويكثر سماعها، لكنها بالوقت ذاته تخرج عن السياقات الأصلية لتنحت أغاني أكثر شعرية، من شأنها أن تعيد ضبط العقل كلما شرد بأفكاره بعيداً.

قد لا يكون ألبوم Transparency القطعة الفنية الأكثر صقلاً أو جديةً للخروج من الوباء، لكن من المستحيل إنكار القدر الهائل من الشخصية والعبثية التي تنبعث من الألبوم.