وفاة الفنان اللبناني محمد جمال: مسيرة موسيقية قاطعتها الحرب الأهلية

وفاة الفنان اللبناني محمد جمال: مسيرة موسيقية قاطعتها الحرب الأهلية

26 مايو 2023
محمد جمال وطروب في القاهرة (فيسبوك)
+ الخط -

بعد ظهر أمس، طالعتني على "فيسبوك" صورة للملحن والمغني محمد جمال وقد كسى البياض شعر رأسه ولحيته التي تغطي وجهه. أرفقها ناشرها بتحيات طيبة وتمنيات بطول العمر للمغني المحبوب. نقلت الصورة والكلمات المرفقة إلى ابن خاله الممثل وأستاذ الأداء الإيمائي فائق حميصي. وفي الليل أخبرني فائق أن ابن عمته جمال تفاحة، الشهير بمحمد جمال، قد فارق الحياة في المستشفى في لوس أنجليس عن عمر ناهز الثامنة والثمانين.

لوس أنجليس الأميركية أضحت "الوطن الثاني" لابن طرابلس، وأقام فيها 42 عاماً (ما يقارب نصف عمره)، وكان قد هاجر إليها قرفاً من الحرب المشتعلة في لبنان، قاصداً البعيد البعيد، واستقر فيها منذ 1981، وفيها افتتح مطعماً بالمشاركة مع منتج الأفلام السوري نادر الأتاسي، وغنى فيه كل ليلة، ثم استقل بمطعم آخر، إلى أن اعتزل الغناء قبل سنوات. قطع الإقامة الأميركية مرتين راجعاً إلى لبنان، وبلغ مجمل إقامته في المرتين 3 سنوات.

عندما هاجر محمد جمال إلى الولايات المتحدة كان في أوج شهرته ومجده. كانت أغانيه تنتشر بسرعة فور صدورها. في السبعينيات غنى "آه يا أم حمادة" على لحن أجنبي، و"بدي شوفك كل يوم" بلحنه هو. ومعظم أغانيه من ألحانه، كما قدّم ألحاناً غنتها  صباح ونجاح سلام ومروان حسام الدين. وغنّى هو من ألحان إلياس الرحباني ومحمد سلمان. اشتهر بالألحان الشبابية التي ذاعت، ممهداً الطريق أمام عصام رجي وملحم بركات ثم وليد توفيق.

تزوج المغنية طروب عام 1957، وشكّلا ثنائياً ناجحاً. دامت الزيجة حتى عام 1964، وقد أقاما في مصر بين 1959 و1964، وصفّق لهما الجمهور المصري وهما ينشدان الأغاني الشبابية مثل "من فضلك يا ست البيت"، وأغاني باللهجة المصرية مثل "سامعة قلبي"، وباللهجة اللبنانية مثل "أنا مسكين أنا درويش".

محمد جمال ولد سنة 1934 في طرابلس (شمال لبنان) في بيئة حاضنة للموسيقى. كان والده يملك متجراً لبيع الآلات الموسيقية وإصلاحها، وكان يعزف على بعض الآلات. وكان الطفل جمال الدين تفاحة يملك صوتاً جميلاً ويحفظ الألحان الشهيرة ويغنيها باتقان، ومنها ألحان أجنبية تعلمها من جدته اليونانية. صحبه والده إلى العراق سنة 1949، فأقام سنة تعلم خلالها العزف على العود والمقامات الشرقية.

في منتصف الخمسينيات، قبلته الإذاعة اللبنانية مغنياً وملحناً، ونصحه حليم الرومي باحتراف التلحين، لكنه آثر الغناء من دون أن يهمل التلحين. وكانت بدايته بأغنيتين من تلحينه: "قالوا لي أهل الهوى"، و"أسمر يا شاغل قلبي".

في 1956، سافر إلى القاهرة، وشارك في حفلات غنائية، ومثّل أدواراً في أفلام سينمائية مثل "الأرملة الطروب". وفضلاً عن أغانيه العاطفية الشبابية، قدّم مجموعة من الأغاني الوطنية؛ للبنان غنّى "يا أخضر وبتبقى أخضر"، وللأردن "أردن يا حبيبي"، ولفلسطين "يا قدس"، ولسورية "سورية يا حبيبتي" بالاشتراك مع نجاح سلام ومحمد سلمان (مؤلّف النشيد اللبناني وملحنه)، كما لحّن أغاني للأطفال.

المساهمون