هل أضاعت الدراما المشتركة اللهجات العربية؟

هل أضاعت الدراما المشتركة اللهجات العربية؟

16 سبتمبر 2022
الممثلة اللبنانية ندى أبو فرحات (مايكل بكنر/Getty)
+ الخط -

عندما بدأت شركات الإنتاج بالعمل على ما يُعرف بالدراما العربية المشتركة، كان كل من الكاتب والمخرج يحرص على إيجاد أسباب درامية منطقية، تستدعي وجود ممثلين وممثلات من جنسيات مختلفة، مثل سورية ومصر ولبنان. ويدل الأمر على اهتمام صنّاع هذه الأعمال بإقناع المشاهد.

يُساهم تنوّع الجنسيات واللهجات في مسلسل واحدة بجذب شريحة أكبر من الجمهور. لكن، يمكن للعكس أن يحدث في حال لم يستطع صنّاع العمل إيجاد أسباب ومبررات درامية مقنعة لجمع ممثلين وممثلات من جنسيات عربية مختلفة في مسلسل واحد.

قامت الدراما السورية منذ الستينيات على انتهاج أنماط معينة، سواء في ما يتعلق باللغة، أو برسم الشخصيات. وفعلاً، حققت اللهجة السورية حضوراً لافتاً في الدراما العربية، وصل منتصف التسعينيات إلى عالم الدوبلاج الذي يعتمد بالدرجة الأولى اليوم على اللهجة السورية التي تنقل عشرات المسلسلات التركية والإسبانية، وحتى الكورية أو الهندية، إلى العربية المحكية.

في هذا السياق، يُعرض، منذ أسبوعين، مسلسل "ستيلتو" على منصة شاهد. عمل من بطولة كاريس بشار، وديمة قندلفت، وقيس الشيخ نجيب، وندى أبو فرحات. يدور العمل حول صداقة تجمع أربع نساء، يلتقين في مجمع سكني واحد، وسط مكائد تصل إلى حد القتل. اللافت أن البطولة لممثلتين سوريتين، هما كاريس بشار وديمة قندلفت، في مواجهة اللبنانيتن ريتا حرب وندى أبو فرحات. لا مبرر درامياً لزواج نايلة (أبو فرحات) من لؤي (سامر المصري)، وإتقان طفليهما للهجة اللبنانية. في حين أن ابنة "فلك" (قندلفت) المتزوجة من "نبيل" (قيس الشيخ نجيب)، لا تتكلم إلا باللهجة السورية، رغم سكن العائلة في بيروت ودراسة الطفلة في مدرسة لبنانية.

سينما ودراما
التحديثات الحية

لا تقف اللهجات في المجمع السكني عند هذا الحد. محيط العائلة هو عبارة عن شخصيات تتحدث بلهجات مختلفة، السوري واللبناني في دائرة واحدة من دون مبرر، وغياب تام لمنسقي هذا التجاذب في اللهجات.

قبل عامين، عبر بعض الممثلين السوريين إلى الدراما المشتركة، عن طريق الشركات اللبنانية، واختيرت مجموعة من القصص والروايات الخاصة بالمنصات، لكن من دون تنبه يقع هؤلاء في فخ "ثقافة" السيناريو اللبناني التي تقوم على بعض المفردات الأجنبية، وهو لسان حال اللبنانيين في يومياتهم. هكذا، تظهر هذه المرة بشكل منفر مع الممثل السوري. بعضهم لا يتقن اللهجة الإنكليزية. وتخرج المفردات في المشهد بشكل خاطئ.

يحصل هذا كله مع تحوّل ورش التصوير إلى تعريب الدراما التركية وتنفيذها في تركيا عن طريق ورش كتاب سيناريو ينقلون النص التركي بصبغة لبنانية، من دون مراعاة للجنسيات المشاركة في المسلسل، وهذا ظهر جلياً في "ستيلتو".

تأتي محاولات المزج بين ثقافات فنية، أو خطوط درامية موازية، فاشلة بعض الأحيان. ليس السبب في القصة، أو دفع المبرّر لإقناع المشاهد بواقعية ما يشاهد، بل بسبب استسهال بعضهم، وقلة العناية في تفصيل الثوب على مقاس الممثل، بحسب ثقافته، من دون إجباره على التكلف واعتماد الخطأ كمسار آخر في مسيرة الإنتاج الدرامي المشترك.

المساهمون