"نيودوس بيوتي" وكراهية النساء

"نيودوس بيوتي" وكراهية النساء

18 مارس 2023
تُظهر القناة النساء على أنهن ضعيفات وكثيرات الكلام (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

 

إذا تصفحنا "يوتيوب" بعشوائية، سنصطدم غالباً بفيديوهات التحديات السطحية، أو المقالب، والمقاطع التي تشجع على العنف والإساءة إلى الآخرين. كثير من الفيديوهات التي تعطي مؤشراً على أن التفاهة تسيطر على المحتوى العربي الرائج على المنصة. لكن، قد نصطدم أحياناً بفيديوهات مستفزة حقاً، تتجاوز عتبة التفاهة والرداءة التي اعتدنا استقبالها وتجاهلها، كما هو الحال مع فيديوهات "التجارب الاجتماعية" التي أصدرتها "نيودوس بيوتي" أخيراً، القناة المعنية بمواضيع المرأة والجمال والموضة، والتابعة لمنصة "نيودوس" التي باتت معروفة بمحتواها الذكوري.

في "نيودوس بيوتي" تتغير وجوه المشاركات بتقديم البرامج دائماً، فلا عناصر ثابتة، باستثناء الفكرة، أو بتعبير أدق: الصورة النمطية للمرأة التي ترغب "نيودوس" في تصديرها، والتي يمكن اختزالها بالمرأة السطحية محدودة الإمكانات والقدرات العقلية التي تدرك أن مكانتها أدنى من الرجال وأنها "نكدية". فلا يكاد يخلو أي فيديو تنشره "نيودوس بيوتي" من جملة تؤكد غباء النساء وسطحيتهم، ولا سيما في الفيديوهات التي تجمع نساء "نيودوس بيوتي" برجال "نيودوس"، والتي تبين أن النساء محدودات الإدراك والمعرفة، واهتماماتهن محصورة بالمكياج والجمال والأزياء، ولا يمكن مناقشتهن بأي موضوع أهم.

هذه المنصة أرادت فجأة أن تقدم فيديوهات قيّمة وأن تجري تجارب اجتماعية، بعد أن بات هذا النوع من الفيديوهات رائجاً في سورية، بسبب نجاح سلسلة "كيف الشعب السوري عايش؟" لقناة "ديالا ووارف". على غرار فيديوهات وارف، فإن فيديوهات التجارب الاجتماعية التي تقدمها "نيودوس بيوتي"، تقوم فكرتها على تجربة العمل بمهنة محددة ليوم واحد، لكن الفرق أن وارف كان يخوض التجربة لاختبار حياة الفقراء وقدراتهم الشرائية والصعوبات التي يواجهونها. أما فتيات "نيودوس بيوتي"، فيخضن هذه التجارب لإثبات أن النساء أدنى مكانة من الرجال، وأنهن غير قادرات على العمل بذات الكفاءة.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

الفيديو الأول من السلسلة يحمل عنوان "صرت معلمة غسيل ليوم كامل. بقدر أشتغل متل الرجال؟". وفيه دخلت إحدى فتيات "نيودوس بيوتي" إلى مغسل للسيارات، معلنة نيتها العمل، لتتوالى بعدها سلسلة من المشاهد السخيفة التي تظهر فيها المرأة ككائن عديم النفع، لا يمكن مساواتها بالرجل إطلاقاً. ففي الفيديو، تبدو المرأة ضعيفة جسدياً للغاية، وغير قادرة حتى على احتمال القوة الارتدادية من خرطوم ضخ المياه. وخلال الفيديو، لا تبدو المرأة ضعيفة وحسب، بل هي "نقاقة" كثيرة الكلام، لا يستطيع أن يحتملها رب العمل، وسريعة البكاء وغبية، لا تدرك قدراتها. حتى أن الفيديو يبدو وكأنه يدافع عن قوانين تمييزية ضد النساء انتهت صلاحيتها وزالت، كالقانون الذي كان يحرّم على النساء قيادة السيارات في بعض الدول العربية. وينتهي الفيديو باعترافات المرأة بأنها بلا قيمة، وأنها لا يمكن بيوم من الأيام أن تتساوى بالرجال، وأنها من دون الرجل لا تساوي شيئاً.

تقول حرفياً: "يا رجال نحن بلاكن ولا شي، أنتوا الشيء، ونحن اللا"، لتختزل بجملتها الأخيرة منطق "نيودوس" التي تعرف عن نفسها بأنها أكبر منصة على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي التي ربما يجب أن تضيف إلى تعريفها كلمتين، ليصبح التعريف منطقياً، فمنصة "نيودوس" أكبر منصة كارهة للنساء في العالم العربي.

المساهمون