"ميتا" وتقييد المحتوى الفلسطيني: ماذا حذفت بعد 7 أكتوبر؟

"ميتا" وتقييد المحتوى الفلسطيني: ماذا حذفت بعد 7 أكتوبر؟

29 مارس 2024
خلال تظاهرة مناصرة للفلسطينيين في سان فرانسيسكو الأحد الماضي (طيفون كوسكون/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- إليزابيث وارن وبيرني ساندرز وجها كتابًا لمارك زوكربيرغ يطالبانه بالرد على اتهامات بانحياز ميتا للرواية الإسرائيلية وممارسة الرقابة على المحتوى المؤيد للفلسطينيين، مع تجاهل ميتا لتقديم تفاصيل محددة حول سياساتها.
- منظمات حقوقية وناشطون رقميون انتقدوا ميتا لانحيازها ورقابتها ضد المحتوى المؤيد لفلسطين، مع دعوات من تحالف يضم 73 منظمة دولية للشركة بالامتناع عن فرض رقابة على انتقاد الصهيونية.
- مجلس الرقابة في ميتا دعا الشركة لإنهاء الحظر الشامل على استخدام كلمة "شهيد"، مشيرًا إلى أن قواعد الشركة أخفقت في مراعاة تنوع معاني الكلمة وأدت إلى إزالة محتوى غير مؤذٍ، مع وعد ميتا بمراجعة تقييم المجلس.

أرسل عضوا الكونغرس الأميركي، إليزابيث وارن وبيرني ساندرز، الاثنين الماضي، كتاباً إلى المدير التنفيذي لشركة ميتا، مارك زوكربيرغ، يطالبانه فيه بالردّ على الاتهامات بالانحياز إلى سردية الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، وبممارسة الرقابة على المحتوى المؤيد للشعب الفلسطيني، وفقاً لموقع ذي إنترسبت الإخباري الأميركي.

وكانت إليزابيث وارن قد وجّهت كتاباً، في ديسمبر/ كانون الأوّل الماضي، إلى زوكربيرغ، يحتوي عشرات الأسئلة المحددة عن سياسة الإشراف على المحتوى المتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة.

وقالت وارنر، وهي ممثلة ماساشوستس في الكونغرس الأميركي، لـ"ذي إنترسبت"، آنذاك، إن "ميتا" تصرّ على عدم وجود تمييز ضد المحتوى المؤيد للفلسطينيين على منصاتها، لكنّها ترفض تقديم أي أدلة أو بيانات تدعم هذا الادعاء.

وجاءت رسالة وارن إلى زوكربيرغ في ديسمبر بعد نشر عشرات التقارير الصحافية التي توثّق إزالة وإخفاء فرق الإشراف على المحتوى في "فيسبوك" و"إنستغرام"، المملوكتين لـ"ميتا"، العديد من المنشورات المتعاطفة مع الفلسطينيين في قطاع غزة، بشكل متكرر، ومن دون تفسير.

وردّت "ميتا" على وارن بعد شهر برسالة من ست صفحات، قدمت من خلالها صورة عامة عن كيفية إدارتها لعملية الإشراف على المحتوى المتعلق بالعدوان، إلّا أنّها خلت من المعلومات والتفاصيل الجديدة. واعترفت "ميتا" في ردها بممارسة الرقابة، مشيرةً إلى أنّها أزالت أو وضعت علامات تنبيهية على أكثر من مليونين ومئتي ألف منشور باللغتين العربية والعبرية في الأيام التسعة التي تلت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لكنها رفضت تقديم بيانات تفصيلية حول المحتوى الذي طاوله الحذف.

وقالت المستشارة في المركز العربي لتطوير وسائل التواصل الاجتماعي، منى اشتية، لموقع ذي إنترسبت، إنّ "افتقار ميتا إلى الاستثمار في حماية مستخدميها يُساهم في تدهور الوضع السياسي في فلسطين بشكل كبير ويديم الأضرار التكنولوجية على الحقوق الأساسية في فلسطين، كل ذلك مع التهرب من المساءلة القانونية ذات المغزى". وأضافت اشتية: "لقد حان الوقت لكي تكشف شركة ميتا، من بين عمالقة التكنولوجيا الآخرين، علناً عن التدابير والاستثمارات التفصيلية التي تهدف إلى حماية الأفراد وسط الإبادة الجماعية المستمرة، وأن تكون أكثر استجابة للخبراء والمجتمع المدني".

وانضم ممثل ولاية فرجينيا في الكونغرس والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية، بيرني ساندرز، إلى وارن في الكتاب الجديد الموجّه إلى زوكربيرغ، الذي يطالب الشركة بتقديم "المعلومات المطلوبة اللازمة لفهم معاملة ميتا للغة العربية أو المحتوى المتعلق بفلسطين مقابل أشكال المحتوى الأخرى".

ودعت وارن وزميلها ساندرز "ميتا" إلى الردّ مرة أخرى على الأسئلة التي تضمنتها الرسالة الأولى عن مدى الاختلاف في التعامل مع المنشورات العربية مقارنة بالعبرية عن العدوان، وكيفية استخدام الشركة لأدوات الرقابة الآلية.

وكانت شركة ميتا قد تعرّضت لانتقادات واسعة من قبل مؤسسات حقوقية وناشطين في المجال الرقمي، منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، بسبب انحيازها الممنهج لرواية الاحتلال واتخاذها إجراءات رقابية تحاصر المحتوى المؤيد للفلسطينيين.

وأكدت منظمة هيومن رايتس ووتش، في ديسمبر الماضي، أنّ "سياسات ميتا وممارساتها تعمل على إسكات الأصوات الداعمة لفلسطين وحقوق الإنسان الفلسطيني على إنستغرام وفيسبوك، في موجة من الرقابة المشددة على وسائل التواصل الاجتماعي". وأدانت المنظمة "الرقابة المنهجية على الإنترنت"، بعدما راجعت أكثر من 1050 "عملية إزالة وغيرها من أشكال قمع المحتوى" على "إنستغرام" و"فيسبوك" من أكثر من 60 دولة، خلال أكتوبر ونوفمبر/ تشرين الثاني الماضيين. واعتبرت حينها المديرة بالإنابة لقسم التكنولوجيا وحقوق الإنسان في المنظمة، ديبورا براون، أن "الرقابة التي تفرضها شركة ميتا على المحتوى الداعم لفلسطين تزيد الطين بلة، في وقت تخنق أصلاً الفظائع والقمع الذي يفوق الوصف قدرة الفلسطينيين على التعبير".

وفي فبراير/ شباط الماضي، طالب تحالف يضم 73 منظمة دولية شركة ميتا بالامتناع عن فرض رقابة على انتقاد الصهيونية على منصاتها. وتوجّهت الرسالة، التي نشرها موقع ذا واير، إلى زوكربيرغ، وجاء فيها: "نحن نشعر بقلق عميق إزاء المراجعة التي اقترحتها شركة ميتا لسياسة خطاب الكراهية الخاصة بها في ما يتعلق بمصطلح الصهيوني، وإمكانية التعامل معه باعتباره مرادفاً لليهود و/أو الإسرائيليين، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى فرض قيود شديدة على الخطاب والنقاش السياسي المشروع". وذكّرت الرسالة بأنه "لا يمكن فصل الصهيونية عن الأيديولوجية السياسية للصهيونية، وكلا المصطلحين مختلف عن الهويات اليهودية و/أو الإسرائيلية". وذكّرت بأنّ "من شأن السياسة المقترحة أن تسيء وصف المحادثات حول الصهاينة، ومن ثم الصهيونية، على أنها معادية للسامية بطبيعتها، ما يضرّ بمستخدمي ميتا ويقوّض الجهود المبذولة لتفكيك معاداة السامية الحقيقية وجميع أشكال العنصرية والتطرف والقمع". وأكّدت أن هذا التوجه "سيشجع أيضاً على الخلط غير الصحيح والضار بين انتقاد أفعال دولة إسرائيل ومعاداة السامية".

وفي السياق نفسه، دعا مجلس الرقابة في "ميتا"، الثلاثاء الماضي، الشركة إلى إنهاء الحظر الشامل على الكلمة العربية "شهيد"، بعد مراجعة استمرت لمدة عام، وخلصت إلى أن نهج الشركة المالكة لمنصة "فيسبوك" كان "مبالغاً فيه" وحجب من دون داعٍ كلام ملايين المستخدمين. وقال المجلس، الذي تموّله "ميتا"، ولكنه يعمل بشكل مستقل، إن شركة التواصل الاجتماعي العملاقة ينبغي أن تزيل المنشورات التي تحتوي على كلمة "شهيد" فقط عندما تكون مرتبطة بعلامات واضحة على العنف، أو إذا كانت تنتهك بشكل منفصل قواعد أخرى.

ويأتي القرار بعد سنوات من الانتقادات لتعامل الشركة مع المحتوى الذي يتعلق بالمنطقة، بما في ذلك في دراسة أجريت عام 2021 بتكليف من شركة "ميتا" نفسها، التي وجدت أن نهجها كان له "تأثير سلبي في حقوق الإنسان" بالنسبة إلى الفلسطينيين وغيرهم من مستخدمي خدماتها من الناطقين باللغة العربية.

ووجد مجلس الرقابة في "ميتا" أن قواعد الشركة بشأن كلمة "شهيد" أخفقت في مراعاة تنوع معاني الكلمة، وأدت إلى إزالة المحتوى الذي لا يهدف إلى الإشادة بـ"أعمال العنف".

وقالت الرئيسة المشاركة لمجلس الرقابة، هيلي ثورنينث شميدت، في بيان: "كانت ميتا تعمل على افتراض أن الرقابة يمكن أن تحسّن السلامة، لكن الأدلة تشير إلى أن الرقابة يمكن أن تهمّش مجموعات سكانية بأكملها، بينما لا تحسن السلامة على الإطلاق".

وتزيل "ميتا" في الوقت الراهن أي منشورات تستخدم كلمة "شهيد"، في الإشارة إلى المدرجين في قائمتها "للمنظمات والأفراد الخطرين"، والتي تشمل "أعضاء الجماعات الإسلامية المسلحة وعصابات المخدرات والمنظمات التي تناصر تفوّق العرق الأبيض".

ووفقاً للتقرير، تقول الشركة إن الكلمة تشكل مديحاً لتلك الكيانات التي تحظرها. وأفاد المجلس بأن الشركة طلبت المشورة بشأن هذا الموضوع العام الماضي، بعد البدء بإعادة تقييم السياسة في عام 2020، لكنها فشلت في التوصل إلى توافق في الآراء داخلياً.

وقال متحدث باسم "ميتا" في بيان إنّ الشركة ستراجع تقييم مجلس الرقابة وستردّ في غضون 60 يوماً.

المساهمون