من الدوحة الحياة تعود إلى فرقة "زهرة" النسائية الأفغانية

من الدوحة الحياة تعود إلى فرقة "زهرة" النسائية الأفغانية

27 أكتوبر 2021
حُظرت الموسيقى عندما حكمت "طالبان" أفغانستان من 1996 إلى عام 2001 (Getty)
+ الخط -

بعد توقّف لأشهر، عادت بعض أعضاء أوركسترا "زهرة" الأفغانية الشهيرة للعزف من جديد، لكن أمام جمهور محدود في الدوحة وعلى آلات مستعارة بعدما تركن آلاتهنّ خلفهنّ في أفغانستان لدى هروبهن خوفاً من حركة طالبان.

عزفت مرزيا أنوري (18 عاماً) برفقة زميلاتها وموسيقيين أفغان آخرين الأسبوع الماضي أمام دبلوماسيين وسكان مجمّع للاجئين في العاصمة القطرية، وبمشاركة عازفين من أوركسترا الجيش القطري.

وقالت أنوري لوكالة فرانس برس: "معظم فتيات أوركسترا (زهرة) معي هنا في قطر، لكن بعضهن ما زلن في أفغانستان. آمل أن ينضممن إلينا هنا في أقرب وقت ممكن حتى نكون معاً ونعيد بناء الأوركسترا".

تضم أوركسترا "زهرة" التي انطلقت في عام 2016 خمساً وثلاثين فتاة بين سنّ 14 و21 عاماً، بعضهن من أوساط متواضعة جداً.

وقدّمت هذه الفرقة التي كانت تلقى دعماً من البنك الدولي وأطراف أجنبية مانحة، للمرة الأولى عرضاً في الخارج خلال منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا في كانون الثاني/يناير 2017.

وعلى غرار العديد من الفرق الرياضية والثقافية وغيرها، سبّبت سيطرة حركة طالبان على أفغاستان تفكك الأوركسترا النسائية الشهيرة، فيما معظم اللواتي تمكنّ من الهرب تركن أثمن ما لديهنّ خلفهنّ.

تقول أنوري إنّها تشعر بالسعادة لهروبها من بلدها، لكن أيضاً بالمرارة لتركها وراءها عائلتها وأصدقائها وأحد أغلى ممتلكاتها: آلة الكمان الخاصة بها.

في الدوحة، تحاول أنوري التأقلم على العزف على آلة كمان أُعطيت لها، على أمل الحفاظ على موروث بلدها الثقافي مع موسيقيين آخرين هربوا إلى قطر.

قالت الشابة البالغة من العمر 18 عاماً لوكالة فرانس برس: "أنا هنا الآن وسعيدة لأنني بعيدة عن طالبان، لكنني قلقة على الفتيات اللواتي ما زلن في أفغانستان، وحزينة على شعبي وأصدقائي وعائلتي الذين ما زالوا هناك".

وأضافت: "بشكل عام، في أفغانستان يعتبرون كل شيء حراماً بالنسبة إلى النساء، وخاصة الموسيقى". حُظرت الموسيقى عندما حكمت طالبان أفغانستان من عام 1996 إلى عام 2001. ومنذ عودتها إلى السلطة، بدأت الحد من حريات المرأة والتعليم مرة أخرى، ما دفع عشرات الآلاف إلى الفرار، فيما لا تزال أخريات ينتظرن من يخرجهنّ. وكان من الصعب على مرزيا بالفعل العمل في مجال الموسيقى، في مجتمع محافظ لا يزال المتعاطفون فيه مع حركة طالبان يتمسّكون بمعتقدات اجتماعية تقول إنّ الفتيات مكانهن المنزل.

 

وقالت أنوري: "عندما نذهب إلى الخارج، كان الناس يسموننا بالراقصات أو الفاسقات وأشياء أخرى من هذا القبيل". واستولت "طالبان" على السلطة في أفغانستان في آب/أغسطس تزامناً مع إسدال الولايات المتحدة الستار على حرب استمرت 20 عاماً، بانسحاب عسكري تضمّن عملية إجلاء جوية لأجانب وأفغان اتّسمت بالفوضى. وتشتكي الحركة من أن عمليات المغادرة المتواصلة للعديد من مواطني الطبقة الوسطى المتعلّمة وموظفي الحكومة السابقة التي كانت مدعومة من الولايات المتحدة، هي هجرة أدمغة يقوض جهودها في تحقيق الاستقرار في البلاد.

وتسعى طالبان إلى نيل اعتراف دولي بشرعية سلطتها في أفغانستان والحصول على مساعدات لتجنيب البلاد كارثة إنسانية وتخفيف الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها.

وإلى الآن، لم يعترف أي بلد بشرعية حكم طالبان في أفغانستان. وتقول العازفة شغوفا صافي (18 عاماً)، إنّ أحداث هروبها المروع لا تفارق مخيّلتها، وهي تترقّب في الدوحة ما قد يحمل لها المستقبل.

وتضيف لـ"فرانس برس": "كان الوضع في أفغانستان خطيراً حقاً، وكان مخيفاً للراغبين في المغادرة. لم يعرفوا (طالبان) أننا موسيقيون، لو علموا لقتلونا". تستضيف قطر التي باتت تنظّم رحلات إجلاء منتظمة بين كابول والدوحة، نحو 100 طالب ومعلم من المعهد الوطني الأفغاني للموسيقى، بينهن عازفات أوركسترا "زهرة"، حتى مغادرة بعضهم إلى البرتغال.

ومن بين هؤلاء قائد الأوركسترا الوطنية الأفغانية محمد قمبر نوشاد، الذي عبّر عن سعادته بالعزف من جديد أمام الجمهور برفقة موسيقيات "زهرة". وقال لفرانس برس: "لم نتمكن من العزف لمدة ثلاثة أشهر على الأقل منذ أن سيطروا على كابول. لذلك كانت فرصة رائعة... لتحقيق أحلامنا من جديد".

اضطر الشاب البالغ من العمر 25 عاماً إلى ترك زوجته وطفليه في أفغانستان، وقال وهو يبكي: "أحب قطر وأحب شعبها... لكنني لن أحبها أبداً مثلما أحب كابول"، آملاً أن يجتمع بعائلته قريباً في قطر أو في البرتغال.

ووعدت طالبان بحكم أكثر اعتدالاً هذه المرة، على الرغم من أنها أوضحت أنها ستدير أفغانستان ضمن حدود تفسيراتها للشريعة الإسلامية. وتقول أنوري إنها "حزينة" لفقدان آلتها الموسيقية، وتضيف: "حتى عندما كنت أنام، كنت أضعها فوق رأسي تماماً".

وعلى غرار زملائها، أكدت الشابة أنّها ستواصل عزف الموسيقى لتبقي موروث بلدها الثقافي على قيد الحياة ولو "من خارج الحدود".

(فرانس برس)

المساهمون