مصطفى قمر مرّة أخرى: لمن يهمّه الأمر

مصطفى قمر مرّة أخرى: لمن يهمّه الأمر

14 أكتوبر 2020
العمل هو جزء ثان لإصدار طُرح قبل 25 عاماً (فيسبوك)
+ الخط -

مطلع الشهر الماضي، أطلق مصطفى قمر ألبومه الجديد "لمن يهمه الأمر 2"، ليعود بذلك الفنان المصري إلى الساحة مجدداً بألبوم يحمل نكهة وذائقة التسعينيات. بدا خيار قمر شجاعاً، خصوصاً أن كل أغاني الألبوم تتحدى التطورات التي طرأت على شكل الأغنية المصرية في السنوات العشر الأخيرة. 

قبل الغوص في تفاصيل العمل الجديد، لنعد 24 عاماً إلى الوراء، أي إلى سنة 1996، عندما أصدر مصطفى قمر ألبوماً يحمل عنوان "لمن يهمّه الأمر". وقتها، كان الفنان المصري في قمة تألّقه، محققاً نجاحات جماهيرية كبيرة بالتعاون مع أستاذ المرحلة وصديقه حميد الشاعري، وعدد من الملحنين وشعراء الأغنية.

كانت تلك الفترة ذهبية بالنسبة لقمر ورفاقه، إذ عرفوا الطريق الأفضل لتلبية متطلبات السوق التجاري، وعالم البوب المصري والعربي. لكن في زحمة الأغاني الخفيفة الفرحة، أطلّ مصطفى قمر في شتاء عام 1996 (موعد مستغرب للإصدارات الفنية التي تتركز في الصيف) على جمهوره، بميني ألبوم يحتوي على خمس أغان فقط، كان قد احتفظ بها في الدرج. حمل الألبوم اسم "لمن يهمّه الأمر"، وكان بعيداً تماماً عن اللون الذي اشتهر به الفنان المصري منذ ظهوره على الساحة الفنية عام 1989.

حمل هذا الألبوم المفاجئ تعاون أصدقاء الرحلة، أي الشاعرين سامح العجمي ورضا زايد، والملحن أشرف السرخوجلي.
وكانت الأغاني الخمس هي التالية: "أهل الغرام"، و"سلمولي" (صورت على طريقة فيديو كليب تحت إشراف المخرج خيري بشارة)، و"جحا" (عكست تأثراً واضحاً بأغنية إيمان البحر درويش "أنا طير في السما")، و"نامت المدينة".

أما الأغنية الأخيرة في الألبوم، فهي "كان ليّ يوم حبيب" التي سجلها قمر أثناء سنواته الجامعية، لكنه لم يصدرها أو ينشرها وقتها. وقد نجحت واشتهرت الأغنية بشكل أكبرعندما أعاد غناءها في فيلم "حريم كريم" (2005). من خلال أدائه في هذه الأغنية، يمكن ملاحظة التأثر الكبير لمصطفى قمر بمحمد منير خلال سنواته الجامعية، خصوصاً عند نطقه كلمة "قمر" بالجيم بدل القاف، وهو التأثر الذي خرج منه مصطفى سريعاَ مكتشفاَ صوته وطريقته الخاصة.

مع الألبوم، صدر كتيّب خاص يحمل العنوان نفسه "لمن يهمه الأمر"، يسرد رحلة مصطفى قمر، ليصبح العمل كله، تجربة خاصة في مسيرة صاحب "سكة العاشقين".
كل ما سبق كان ضرورياً للحديث عن الألبوم الجديد، وهو الجزء الثاني من "لمن يهمه الأمر" الذي يتضمن سبع أغان فقط، أغلبها قصيرة، لا تتعدى مدة الواحدة منها 4 دقائق، وجميعها سبق أن غناها قمر في برامج تلفزيونية أو جلسات خاصة خلال العقدين الماضيين.

مغامرة أخرى إذاَ اختار أن يخوضها مقدماً أغاني عمرها 25 عاماً، في رسالة واضحة أنه يريد أن يكون إنتاجه الجديد عام 2020 بعيداً عن الإنتاجات الحالية، بكل ما فيها من تغيرات وتطورات و"ترندات". وفي الإطار نفسه، اختار توزيعات بسيطة لأغاني الألبوم، فلا عاد وصنع توزيعات تسعينية تناسب الوقت الذي كتبت ولُحّنت فيه الأغاني، ولا حاول تقديم توزيعات عصرية، بل اختار ثيمة بسيطة قام بها بنفسه، بوتريات وإيقاعات خفيفة، ليخلق عالما من الحميمية والخصوصية بينه وبين المستمع، وكأنها نسخة خاصة بالبروفات.

شارك ياسر قمر، شقيق مصطفى، في أغنية "مسافر". وكان لياسر تجربة وحيدة في التسعينيات، قبل أن يقرر الابتعاد عن الغناء. وقتها، انتشرت أخبار في الصحف والمجلات الفنية تتهم مصطفى بالوقوف خلف إبعاد شقيقه عن الساحة، خصوصاً أن صوتيهما متشابهان، لكن جاءت أغنية "مسافر" لتؤكد حسن العلاقة بين الشقيقين.


كذلك في أغنية "حنونة"، يعود نجم الثمانينيات والتسعينيات في مصر، الفنان الليبي ناصر المزداوي، الذي شارك في أغلب تجارب تلك المرحلة، كان أشهرها، لحن "نور العين" لعمرو دياب.

بينما جاءت أغنية "عجوز في المدينة" على رأس الألبوم، كما كانت "نامت المدينة" في الجزء الأول. أما "دقي العود" فميزها لحنها المبهج والجميل، والإيقاع المناسب للكلمات.
نجح مصطفى قمر في رهانه، فقدّم في الألبوم الجديد تجربة لطيفة، بعيدة عن كل ما هو مطروح على الساحة الفنية. ربما كان ينقص الألبوم دعاية أكبر، لكن الأكيد أن العمل سيدخل في أرشيف مصطفى قمر الناجح والمختلف.

المساهمون