مصر تعيد افتتاح جبانة الشاطبي الأثرية في الإسكندرية بعد ترميمها

مصر تعيد افتتاح جبانة الشاطبي الأثرية في الإسكندرية بعد ترميمها

10 مايو 2023
من حفل افتتاح المشروع (جمعية الآثار بالإسكندرية/فيسبوك)
+ الخط -

انتهت مصر من ترميم جبانة الشاطبي، مقابر الرعيل الأول من بناة الإسكندرية، رفقاء الإسكندر الأكبر المقدوني في رحلة تأسيس مدينته التي اختار لها موقعاً مميزاً شماليّ مصر، أواخر القرن الرابع وبداية القرن الثالث قبل الميلاد، والتي شيدت بعد تأسيس المدينة مباشرة عام 332 قبل الميلاد بعد سنوات من المطالبات بإنقاذها.

وأعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، أمس الثلاثاء، افتتاح وزير السياحة والآثار أحمد عيس جبانة الشاطبي رسمياً للجمهور، وذلك بعد أن أنهت جمعية الآثار في الإسكندرية تنفيذ مشروع ترميم وحماية المقابر الأثرية بتمويل من مؤسسة لفنتيس (A. G. Leventis) القبرصية، تحت إشراف المجلس الأعلى للآثار.

وتعتبر جبانة الشاطبي الأثرية التي اكتشفت من طريق الصدفة عام 1893 من أقدم المواقع الأثرية المكتشفة في الإسكندرية، وتضم مقابر الرعيل الأول من المقدونيين والإغريق الذين وفدوا إلى مصر مع الإسكندر الأكبر وبطليموس الأول، حيث تولوا مهام تأسيس المدينة، لتصبح عاصمة لمصر في ظل حكم البطالمة، ومن بعدهم الرومان.

ووفقاً لموقع وزارة السياحة المصرية، تتضمن جبانة الشاطبي أقدم المقابر الأثرية في الإسكندرية، ويبدو أنها شيدت بعد تأسيس المدينة مباشرة عام 332 قبل الميلاد، ويمكن للزائر أن يلمح تطور معمار المقابر في تلك الجبانة بداية من آبار الدفن مروراً بممرات الدفن، وحتى ما يعرف بـ"الهيبوجيوم"، وهي مجموعة من الحجرات الواقعة تحت الأرض والمنحوتة في باطن الصخر تفتح على مساحة مفتوحة حيث كانت تقام الطقوس الجنائزية.

تضم بعض تلك الحجرات توابيت ضخمة على شكل أسرّة تسمى "كليني"، وهي كلمة يونانية تعني سرير، ولكن أغلب المدافن كانت تتضمن "لوكولي"، وهي فجوات مستطيلة منحوتة في الجدران. وكانت أغلب المدافن تتضمن تلك الكوة التي تحتوي على جرار يضم رفات الموتى بعد حرقها، وهي عادة جاءت إلى مصر عبر اليونان.

وعلى الرغم من أنّ مناظر الجدران ليست في حالة جيدة من الحفظ، فإن ما بقي منها يعطينا فكرة عما كانت عليه المناظر من روعة في السابق، حيث كانت أغلب الجدران منحوتة، وتضم أفاريز وأعمدة ونوافذ وهمية مسمطة. أما المناظر فكانت تعلّق بين أعمدة الساحة وتمثل طيوراً محلقة في السماء الزرقاء، في محاكاة للطبيعة المفتوحة. 

وقالت أستاذة الآثار في جامعة الإسكندرية ورئيسة جمعية الآثار في المدينة، وهي أيضاً مديرة مشروع تطوير جبانة الشاطبي، منى حجاج، إنّ المشروع استهدف إنقاذ الجبانة الأثرية، أقدم آثار الإسكندرية وأكثرها دلالة على البدايات الأولى للمدينة التي تعرضت للعديد من التأثيرات السلبية لعوامل البيئة الطبيعية الناتجة من مرور الزمن، إلى جانب ارتفاع منسوب المياه الجوفية بها، وكذلك التعدي والإهمال.

وأكدت حجاج، في تصريحات نقلتها "جمعية الآثار بالإسكندرية"، أنّ جبانة الشاطبي تُظهر أقدم الابتكارات الفنية والمعمارية للإسكندرية التي تُعبّر عن نشأتها كمدينة "متعددة الأعراق" امتد عطاؤها العلمي والفني إلى جميع دول حوض البحر المتوسط وحضاراته.

وأوضحت أنّ الموقع سيكون متاحاً للزائرين بعد انتهاء أعمال التطوير التي شملت ترميم الصخرة الأم والآثار الباقية إلى جانب السيطرة على المياه الجوفية، بتكلفة نحو مليوني جنيه مصري (الدولار= 38.7 جنيهاً).

وقال المدير العام لآثار الإسكندرية، محمد متولي، إنّ المشروع بدأ عام 2020، وشمل أعمال ترميم الجبانة التي تضمنت التحكم في منسوب المياه الجوفية واستكمال الأجزاء المتهالكة منها، بالإضافة إلى أعمال تطوير ورفع كفاءة الموقع عموماً.

وكشف متولي، وفق ما نقلته عنه "جمعية الآثار بالإسكندرية"، عن إنشاء مركز للزوار مزود بوسائط إلكترونية تحتوي على مادة علمية عن تاريخ الإسكندرية عموماً، وجبانة الشاطبي خصوصاً، وإعداد سيناريو عرض لمتحف أثري مفتوح في سطح الموقع، ومدرجات مكشوفة لعروض تثقيفية وترفيهية، ومقهى، ودورات المياه، وإتاحة الموقع للسياحة الميسرة لذوي الإعاقات، بما يضمن توفير سبل الإتاحة كافة، فضلاً عن تطوير مكاتب الأثريين وغرف التحكم والأمن والتذاكر وبيت الهدايا.

المساهمون