مصادرة آثار مصرية مرتبطة بعصابة تهريب من متحف متروبوليتان في نيويورك

مصادرة آثار مصريّة مرتبطة بعصابة تهريب من متحف متروبوليتان في نيويورك

02 يونيو 2022
اعتبرت إدارة المتحف أنّها ضحية لمخطّط إجرامي (جويل صمد/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد ثلاث سنوات من استيلاء متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك على تابوت ذهبي بقيمة 3.7 ملايين دولار، أعيد الآن إلى مصر، صودرَت خمس تحف مصريّة أخرى بقيمة تزيد على 3 ملايين دولار من المتحف من قبل مكتب المدّعي العام في نيويورك، بحسب ما أفادت به صحيفة "ذا آرت نيوزبيبر".

تعدّ هذه المصادرة أحدث فصول التحقيق حول عصابة تهريب دوليّة أدّت إلى سلسلة من لوائح الاتهام ضدّ مجموعةٍ من الأشخاص الأسبوع الماضي في باريس، منهم المدير السابق لمتحف اللوفر، جان لوك مارتينيز.

وعلمت "العربي الجديد" أنّ أحد خبراء الآثار المصريّين البارزين من خارج الحكومة، يشارك في لجنة تحقيق أميركيّة تابعة لمكتب المدعي العام بنيويورك بقيادة رئيس وحدة الاتجار بالآثار في المكتب، ماثيو باغونداس، تحقّق في عمليات تهريب آثار مصريّة واسعة المجال.

وقال مصدر من داخل فريق التحقيق الأميركي، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد" إنّ المساهمة المصريّة في التحقيق، تشمل البحث والتقصي وراء القطع المشتبه في تهريبها من مصر، ومدى تورط مسؤولين في قطاع الآثار".

وقال خبير آثاري مصري إنّ "ضبط آثار مصرية مهرّبة بواسطة عصابة تهريب دولية في متحف متروبوليتان بنيويورك، بعد أيام قليلة من اكتشاف لوحة توت عنخ آمون المهربة في متحف لوفر أبو ظبي، يؤكد أنّ هنالك الكثير من القطع الأثرية التي تم تهريبها من مصر خلال العقد الماضي".

وكان المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، قد كشف لـ"العربي الجديد" قبل أيام عن أن "هناك الكثير والكثير من القطع الأثرية التي تم تهريبها من مصر إلى الإمارات، ودول خليجية أخرى، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني، وما تلاها من أحداث أدّت إلى فوضى أمنية وإدارية".

ولفت المصدر إلى أنّ "أكثر القطع التي تم تهريبها إلى هذه الدول، آثار إسلامية، وتحديداُ من القطع غير الموثقة، ولذلك يصعب إثبات سرقتها". موضحاً أنّ "إثبات سرقة هذه الكنوز، يتطلب الكثير من العمل والبحث والتحقيق، الذي يقوم به علماء الأثار لتوثيق تلك القطع وإثبات ملكيتها لمصر".

كان مكتب المدّعي العام في نيويورك قد أكّد لصحيفة "ذا آرت نيوزبيبر" تنفيذ مذكرة موقّعة في 19 مايو/ أيّار الماضي من قبل قاضي المحكمة العليا. وتقول المذكرة إنّ القطع الأثريّة الخمس تشكل أدلة تميل إلى "إثبات جرائم الحيازة الإجرامية للممتلكات المسروقة" و"التآمر لارتكاب ذات الجرائم".

بحسب الصحيفة، فإنّ أربعاً من هذه القطع جاءت عبر التاجر الألماني اللبناني روبن ديب، الذي يشتبه في أنّه الشخصية الرئيسيّة في عصابة الاتجار، وهو الآن محتجز في باريس، وينفي ارتكاب أي مخالفة.

استجوبت إدارة المتحف عدّة مرّات منذ عام 2019 في مصير هذه القطع، وفي ما إذا كانت ستفكر في إعادتها إلى مصر، لكنّ الإدارة دائماً ما كانت ترفض الإجابة.

أمّا بعد المصادرة هذا الأسبوع، فقد خرج متحدّث باسم المتحف ليقول إنّ "الموظفين خُدعوا بهذه المؤامرة الإجرامية"، وإن "المتحف كان متعاوناً بشكل كامل طوال هذا التحقيق، وسيظل كذلك".

تبرز قطعتان من بين القطع المسروقة، الأولى بورتريه تعود إلى عهد نيرون، من الفيوم، لسيّدة ترتدي معطفاً أزرق، وتعتبر جوهرة مجموعة اللوحات المصرية الجنائزية في المتحف. أمّا الثانية، فهي خمسة أجزاء من الجدار المعلّق الذي يوضح سفر الخروج المرسوم على الكتان، من القرن الرابع أو الخامس، وتشكل أحد أقدم تمثيلات عبور البحر الأحمر.

وسُجّل أقل من 10 قطع عتيقة مماثلة لهاتين القطعتين في المتاحف، مثل اللوفر أو المتروبوليتان.

كانت القطعتان قد بيعتا من خلال دار مزادات بيير بيرجي في باريس، حيث كان يعمل أحد المشتبه فيهم الرئيسيين في التحقيق، كريستوف كونيكي. في كتالوغات هذه الآثار، قال كونيكي إنّ مصدرها "مجموعة أوروبية" من دون أيّ تفاصيل إضافيّة.

من جهتهم، يعتقد المحقّقون أنّ هذه القطع تعود في الأصل إلى مجموعة سيمونيان، العائدة إلى ثلاثة أشقاء من أصل أرمني، هم سيمون وهاغوب وسيروب سيمونيان، الذين كان روبن ديب يعمل معهم. وفي تقريره في عام 2019 عن التابوت الذهبي الذي جرى شراؤه مباشرة من قبل متحف المتروبوليتان من كونيكي، أشار رئيس وحدة الاتجار بالآثار في مكتب المدّعي العام في نيويورك، ماثيو بوغدانوس، إلى وجود عيوب خطيرة في أبحاث القسم المصري في المتحف حول مصادر قطعه.

وبين عامي 2013 و2015، اشترى متحف المتروبوليتان إلى جانب بورتريه الفيوم (بقيمة 1.6 مليون دولار) وأجزاء من كتاب الخروج (بقيمة 1.4 مليون دولار)، شاهدين حجريين مصريين قديمين، تقدّر قيمتهما بـ350 ألف دولار.

صودرت هذه القطع الأربع، إضافة إلى قناع تابوت تقدّر قيمته بـ6500 دولار خلال مداهمة مكتب الادعاء لمتحف المتروبوليتان.

لم يعلّق مكتب الادعاء على الدوافع وراء تحرّكه، ولكن وفقاً لوثائق في باريس، فقد عرضت كلّ هذه القطع للبيع باسم روبن ديب، وفي حالةٍ واحدة باسم والدته. وقد صودرَت جميع هذه القطع من المتحف مع قناع التابوت.

وكانت رسومات كتاب الخروج وبورتريه الفيوم أكثر القطع قيمة في قائمة تضم 29 قطعة أثريّة شرقيّة، بيعت بين العامين 2007 و2019، وحقّق فيها بباريس مكتب مكافحة الاتجار بالفنون.

وعرض ديب أربع عشرة قطعةً منها للبيع، أربع منها باسم والدته أو أخته. كان من بينها شاهد حجري يمثل رئيس كهنة أمام مائدة قرابين، وقد صودرت في نيويورك وهي في طريقها إلى المعرض الأوروبي للفنون الجميلة والتحف، ومن ثمّ أعيدت إلى مصر في عام 2020.

ووصل ضابط فرنسي مكلَّف من قبل مكتب مكافحة الاتجار بالفنون إلى نيويورك للاستماع إلى الشهود الكثر في القضيّة، ومن ضمنهم ممثّلون عن المتحف، وكذلك لتبادل المعلومات مع بوغدانوس، الذي بدأ التحقيق في الاتجار بالأعمال الفنيّة عام 2013.

المساهمون