مستشفى فاخر في الدوحة نزلاؤه من الصقور

مستشفى فاخر في الدوحة نزلاؤه من الصقور

24 مارس 2022
تدريب الصقور ينتقل من جيل إلى آخر في قطر (Getty)
+ الخط -

للوهلة الأولى، يمكن أن يكون مستشفى سوق واقف وسط الدوحة التاريخي كأي مستشفى آخر على أحدث طراز؛ ممرضات يرتدين الزي الأزرق، ويتحركن بخفة عبر الأجنحة المضيئة، ويقمن بجولات. غرف الأشعة والعمليات تصدر أصوات صفير وتومض فيها الشاشات. متخصصون يحدقون في الأشعة السينية، وأطباء يرتدون كمامات يقومون بعمل شقوق بأدوات جراحة حديثة عالية التقنية.

غير أن هناك شيئاً مختلفاً فقط، فالغرف مليئة بالصقور.

في دولة قطر، تُعَدّ طيور الصحراء من بين أكثر مستوطني البلاد تدليلاً. ولطالما حظيت الصقور بالتبجيل في أنحاء شبه الجزيرة العربية كافة لشراستها وبراعتها في الصيد.

كان الرابط بين الصقّارين وصقورهم مصدر إلهام منذ العصر الحجري القديم، عندما ظهرت رسومات تلك الكواسر لأول مرة على جدران الكهوف.

وعلى الرغم من أن تدريب الصقور أصبح أقل شيوعاً الآن، إلا أنه لا يزال ينتقل من جيل إلى آخر في قطر والدول الأخرى الغنية بالنفط في الخليج العربي.

ومع تنامي الطلب في السنوات الأخيرة، انتشرت الأندية التي تعلّم هذه الرياضة في أنحاء المنطقة كافة. وتتنافس الصقور في عدد متزايد من السباقات ومسابقات الجمال.

تُباع أجود الصقور ببضعة آلاف من الدولارات الأميركية، ولا يدخر القطريون أي نفقات للحفاظ على صحتها في حالة جيدة.

وقال مدير مستشفى سوق واقف، إقدام الكرخي، لوكالة "أسوشييتد برس"، إن "إنشاء المستشفى كان لدعم هواية وإرث تربية الصقور. إنها هواية تمتد عبر أجيال متعددة". وأضاف الكرخي أن "إبقاء الصقور على قيد الحياة وبصحة جيدة واجب أساسي".

تقدم المستشفيات العامة مثل سوق واقف رعاية متخصصة للصقور المرضى والجرحى التي يقترب عددها من 30 ألفاً في السنة.

تعجّ منطقة الاستقبال الرخامية بالمالكين والمتعاملين الذين يُحضرون طيورهم لإجراء الفحوص الطبية واستبدال الريش وجراحات العظام، حتى الوصول إلى ما يشبه تجميل المخالب.

الحفاظ على حدة مخالب الصقور يُعَدّ عملاً جاداً للغاية، إذ لا تستطيع الطيور التي تنقل من البرية الصحراوية إلى المنازل الفخمة في الدوحة أو التي تُربّى في الأسر العثور بسهولة على أسطح حادة لتقليم مخالبها.

حول العالم
التحديثات الحية

قد يكون صيد الصقور تقليداً قديماً، لكنه أيضاً عمل مروّع. فالفريسة المحاصَرة تقاتل في بعض الأحيان، وتضرب الصقر المهاجم، وتصيب أجنحته بالإعاقة.

وتعتبر كل ريشة مهمة للصقر لمساعدته على الطيران، ما يستلزم استبدال الريش بعناية بعد العراك مع الفريسة.

يسحب الأطباء من بنك ريش الطيور للعثور على ريش يتناسب تماماً مع سلالة الطائر الجريح، ريش من النمط والطول واللون نفسه.

وفي السياق، قال الكرخي: "إذا بقي هذا الريش التالف، فقد يسبّب فقدان الطائر لقدرته على الطيران أو يقلل منها. بالتالي يجب أن يعالج".

يعالج جراحو المستشفى أيضاً الإصابات الأخرى التي تنتج من المطاردة. فمناقير الصقور ومخالبها تتضرر من كل عملية انقضاض أو اندفاع سريع أو التهام.

داخل غرفة الانتظار في المستشفى، تحطّ الصقور بجلال على معاصم أصحابها التي تغطيها القفازات. يعامل الرجال القطريون بملابسهم البيضاء الفضفاضة الطيور القيّمة مثل الأطفال، فيلاطفون ريشها، ويرشون مناقيرها بالماء.

وقال حمد المحشدي، وهو رئيس أحد مهرجانات الصقور، وكان يصطحب طائره الجارح لفحص طبي اعتيادي، إنه "إذا أهمل شخص طائره، فهذه مشكلة كبيرة. وعندما يحافظ المرء على طائره، فهذا شيء آخر. فحب الطائر شيء استثنائي".

قد تكون الثروة النفطية والأعمال العالمية قد حولت الدوحة إلى عاصمة مستقبلية فيها مجموعة متلألئة من ناطحات السحاب والمشروعات الضخمة، منها الملاعب العملاقة التي تستضيف قريباً الملايين من مشجعي كرة القدم في كأس العالم لكرة القدم 2022.

لكن سوق واقف لا يزال يشهد تدفقاً ثابتاً لنحو 150 صقراً يومياً، في إشارة إلى أن أصداء الماضي القديم لقطر لم تفقد.

وقال الكرخي: "حتى النظرة التي يتشاركها الصقر ومالكه تختلف عن أي نظرة أخرى". فالصقار "يشعر بولاء هذا الطائر، فهو محارب شرس في البرية، بيد أنه طائر أليف في يديه".

(أسوشييتد برس)

المساهمون