مايكل وينتربوتوم: إنتاج سينمائي غزير بتأثير من إنغمار بيرغمان

مايكل وينتربوتوم: إنتاج سينمائي غزير بتأثير من إنغمار بيرغمان

15 مارس 2023
أنجز السينمائي البريطاني 17 فيلماً خلال 15 عاماً (مؤسسة الدوحة للأفلام)
+ الخط -

قال المخرج البريطاني مايكل وينتربوتوم، خلال جلسته في ملتقى قمرة السينمائي الذي اختتم دورته التاسعة اليوم في الدوحة، إنّ البحث المكثف ومقابلة الناس لفهم خلفية تصرفاتهم في مختلف المواقف هو أساس نهجه في صناعة الأفلام.

ويعرف وينتربوتوم بغزارة أفلامه الروائية والوثائقية، ويكفي القول إنّه أنجز 17 فيلماً في الأعوام الخمسة عشر الماضية. سلط الضوء على اهتمامه بالمواضيع التي تحظى بصدى عالمي، وبدأ جلسته في الملتقى بالحديث عن تجربة الإخراج المشترك لعمله "أحد عشر يوماً في مايو" (2022).

يوثق الفيلم الذكريات التي تتشاركها عائلات أكثر من ستين طفلاً فلسطينياً قتلوا في قصف إسرائيلي في غزة على مدار 11 يوماً.

وقال وينتربوتوم، الذي يعطي الفضل الكامل للمخرج المشارك محمد صواف المقيم في غزة: "إنّه فيلمه أكثر من كونه فيلمي. يكاد يكون نصباً تذكارياً لهؤلاء الأطفال وأفكارهم وأحلامهم. أردنا ألا تُنسى ذكرى هؤلاء الأطفال".

ويتّبع الفيلم نمطاً متكرراً، حيث تشارك العائلات ذكريات مؤثرة، أدّت إلى انهيار بعضهم أثناء الحديث، ولم يتمكّن بعضهم الآخر من التوقّف عن البكاء.

وقال حول اختياره للهيكلية المتكررة للفيلم: "هذه ليست مجرد قصص حزينة. في نهاية الفيلم، كان هناك تأثير تراكمي، بعد رؤية آمال وأحلام عديدة دمرت وهذا ليس حدثاً منفرداً حصل في غزة، الحدث يعيد نفسه عبر التاريخ. لقد حدث ذلك من قبل وقد يحدث مرة أخرى، وهو ما يدل على تكرر المآسي التي خلقها البشر".

يعمل وينتربوتوم حالياً على فيلم "الأرض الموعودة"، وهو عمل سياسي تدور أحداثه في الثلاثينيات ويصوّر فترة أساسية في تاريخ فلسطين. يستكشف مخرج الأفلام الجريء موضوعات ذات صلة اجتماعية مثل حقوق الإنسان وأزمة اللاجئين والظلم السياسي.

ولفت وينتربوتوم، الذي انتقل من مشاهدة التلفزيون طوال اليوم إلى مشاهدة السينما في طفولته، إلى أنّه استوحى مسيرته من السينما الألمانية الجديدة، وقال في هذا الصدد: "غرفة التقطيع هي المكان الأكثر متعة في صناعة الأفلام".

وتطرّق المخرج إلى أثر أعمال الراحل إنغمار بيرغمان، مشيراً إلى أنّه بدأ مسيرته الفنيّة بإخراج وثائقي تلفزيوني عن مسيرة السينمائي السويدي الراحل، وقال: "كانت طريقته في العمل والانضباط والتصوير بميزانيات منخفضة والتركيز على المحتوى وما يحدث أمام الكاميرا دروساً تعلّمت منها كيفية العمل على مشروعي السينمائي الخاص".

ويرى وينتربوتوم أنّ الأفلام الوثائقية توفر تسجيلاً استمرارياً للأحداث مع مرور الوقت. وهذه المقاربة تعكس أعماله، ومنها "في هذا العالم" (2022)، الذي فاز بجائزة بافتا وجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين، وفيلم "الطريق إلى غوانتانمو" (2006)، الفائز بجائزة الدب الفضي في برلين، و"أهلاً سراييفو" (1997)، إضافةً إلى فيلم "قلب عظيم" (2007)، الذي يدور حول عملية بحث عن الصحافي في جريدة وول ستريت جورنال دانييل بيرل، الذي تعرض للخطف، بالاعتماد على مذكرات زوجته ماريان بيرل.

وتبدأ عملية صناعة الأفلام بالنسبة لوينتربوتوم مع "الاستجابة إلى الأشياء التي نعرفها ونسمع عنها". في فيلم "في هذا العالم"، يستجيب لهذه المقاربة من خلال اللقاء باللاجئين الأفغان في المملكة المتحدة والاستماع إلى قصصهم، وبالتالي صناعة دراما وثائقية تتبع حياة لاجئين أفغانيين في مخيم في باكستان وصولاً إلى المملكة المتحدة.

وقبل اختيار شخصيتي الفيلم الرئيسيتين، سافر إلى بيشاور ولجأ إلى البحث الميداني، يقول: "خلال التصوير، لم نخبر جمال، أحد اللاجئين الذين تدور القصة حولهما، عمّا يجب أن يقوله. لا أعتقد بأننا في موقع يسمح لنا القيام بذلك".

أمّا فيلم "الطريق إلى غوانتانمو"، فيروي قصة ثلاثة مواطنين بريطانيين يسافرون إلى باكستان لحضور حفلة زفاف، ثمّ يتعرضون للاعتقال عندما يقررون القيام برحلة إلى أفغانستان، وينتهي بهم المطاف في معتقل غوانتانمو لمدة عامين، لعدم امتلاكهم وثائق تثبت هوياتهم.

وشارك هؤلاء قصتهم مع وينتربوتوم وقدموا له تفاصيل عن قضيتهم أكثر من تلك التي قدموها لأيّ شخص آخر.

فيما أجرى المخرج البريطاني حديثاً مطوّلاً مع ماريان بيرل في فيلمه "قلب عظيم"، وقدّم الممثلين إلى الأشخاص الذين كانوا معها في حياتها الحقيقية عندما تمّ الإعلان عن اغتيال زوجها دانييل.

وقال: "النص اعتمد على تجميع المعلومات من ماريان وهؤلاء الأشخاص، وارتكز بشكل كبير على ما صرّحوا به. وكلّما زادت معرفة الممثلين بهؤلاء الأشخاص الذين يؤدون دورهم، كلّما ارتفع نسق أدائهم"، وتابع: "بينما تختلف طرق البحث بين المشاريع المختلفة باختلاف الموضوع، فإنّ مفتاح العمل هو مقابلة الناس ومحاولة فهم شخصياتهم، ولماذا وكيف يتصرفون في ظروف مختلفة".

وفي الختام، توجّه بنصيحة إلى صناع الأفلام، قائلاً: "حاولوا الحصول على أكبر قدر من التفاصيل، وسيتطور السرد القصصي بطريقة طبيعية. فالأشخاص الذين وثّقت حياتهم هم أبطال حقيقيون يتمتعون بمسيرة رائعة بالفعل".

المساهمون