ماجدة الرومي... 40 عاماً على شاطئ الغناء الآمن

ماجدة الرومي... 40 عاماً على شاطئ الغناء الآمن

20 ديسمبر 2022
لم تكرر تجربة التمثيل (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

في ذكرى ميلادها الـ66 التي حلت قبل أيام، قد تكون العودة إلى سيرة ماجدة الرومي (1956) ومسيرتها ممتعة لأسباب كثيرة: الصورة التي خلقتها الفنانة اللبنانية لنفسها، وإنتاجها الموسيقي، وكذلك العلاقة المتشابكة والأساسية بين نجاحها الفني وبين علاقتها القائمة والمتواصلة بأنظمة سياسية عربية.

عرفت ماجدة الرومي خلال أكثر من أربعة عقود كيف تحافظ على صورتها، وسط كل التغييرات التي طرأت على الساحة الغنائية منذ بداية الثمانينيات. استفادت من الحرب الأهلية في لبنان، ثم التغيرات الاجتماعية والسياسية التي طرأت على بيروت، لخلق هالة "وطنية" تحيط بكل ما تقدّمه، على اعتبارها خليفة لفيروز، مستعينة بإرث والدها حليم الرومي.

هذا الإرث عبّد لها طريق النجاح منذ سنوات مراهقتها، ثم مشاركتها في استديو الفنّ عام 1974 حين قدمت أغنية "أنا قلبي دليلي" للمطربة ليلى مراد. لكنّه الإرث نفسه الذي أثقل كاهلها، وحصرها في مساحة طربية كلاسيكية مهذبة، وعصية على التمرد.

حتى التجارب القليلة التي حاولت فيها الخروج عن الصورة التي التصقت بها لم تكررها رغم نجاحها. لنأخذ على سبيل المثال مشاركتها السينمائية في فيلم "عودة الابن الضال" (1976) مع المخرج الراحل يوسف شاهين. اعتبر الفيلم باباً كبيراً لدخولها إلى السوق العربية الأكبر، أي مصر، خصوصاً أن التجربة بدت متمردة حقيقة ومختلفة، نتيجة تعاون شاهين والشاعر صلاح جاهين. إلا أن ماجدة الرومي لم تعد الكرّة، وفضّلت السير على شاطئ الغناء الآمن، بعيداً عن مغامرة التمثيل، في وقت كانت الساحة المصرية تشهد منافسة كبيرة.

لكن على شاطئ الغناء الآمن، ورغم النجاحات المتلاحقة، بدت الرومي أسيرة الصورة التقليدية الكلاسيكية نفسها، فغابت سجيتها عن تجربتها كاملة. ماذا كان سيحصل لو تمتّعت ماجدة الرومي بنفس قدرة محمد منير أو عمرو دياب على التمرد والتفرد والمغامرة؟ هي تنتمي إلى الجيل نفسه، لكنها في ذهن المستمعين تبدو أكبر سنّاً منهما نتيجة الصورة الوقورة التي رسمتها لنفسها. كانت كل الفرص متاحة أمامها، للانضمام إلى الجيل المتمرد على شكل الأغنية الكلاسيكية الطويلة ودخول عصر الكاسيت والفيديو كليب. لكنها على العكس تماماً غرقت في الكلاسيكية، معيدة غناء قصائد نزار قباني، وحققت بالفعل نجاحات، قادتها إلى مسرح جرش في الأردن (1986)، وحفلات ليالي التلفزيون وحفلات الصيف في مصر وعلى التلفزيون الرسمي، ما أثار حفيظة المطربين والمطربات المصريين في ذلك الوقت، طالبين بنفس المساحة والفرصة في إقامة الدولة حفلات خاصة بهم أسوة بالمطربة القادمة من لبنان.

وبحرفية بالغة عرفت صاحبة "كلمات" كيف تكسب الجمهور المصري والنظام على حد سواء، خصوصاً خلال عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، إذ كانت تحيي عدداً من الحفلات الرسمية والعسكرية. وجاء هذا التماهي بينها وبين النظام المصري وغيره من الأنظمة ليكمل الصورة التقليدية بالفنان العربي الكلاسيكي، كما عرفته مصر، والعالم العربي خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

وفي خط موازٍ مع هذه الصورة، خلقت لنفسها شخصيات افتراضية، كما اعترفت هي شخصياً، فكتبت أغاني باسم بشخصية الشاعرة نهى النجم، مثل "بسمعك بالليل"، و"الأيام"، و"أنا لما بورد"، و"نشيد الزفاف".

المساهمون