مؤلّفون يقاطعون متجر "أمازون" انحيازاً للمكتبات الصغيرة

مؤلّفون يقاطعون متجر "أمازون" انحيازاً للمكتبات الصغيرة

لينا الرواس

DEA672AE-9C48-40BF-B941-51A13A025C96
لينا الرواس
02 مايو 2023
+ الخط -

أعلنت المؤلفة والمترجمة الأميركية ليديا ديفيس، أن مجموعتها القصصية القصيرة الجديدة، Our Strangers، لن تباع أبدًا على موقع أمازون، كما هو الحال بالنسبة لمعظم الأعمال المطبوعة المعاصرة. 
المجموعة القصصية الجديدة هي السابعة للمؤلفة ذات الخمسة والسبعين عامًا، سبقتها العديد من الأعمال الروائية والقصصية المعروفة على نطاق واسع في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها، فضلًا عن الترجمات التي أنجزتها ديفيس للعديد من المؤلفات الفرنسية الكلاسيكية، منها "مدام بوفاري" لغوستاف فلوبير، وفوزها بجائزة مان بوكر، كما كانت تسمى سابقًا، في عام 2013. 
أعلنت المؤلفة أنه من المقرر نشر المجموعة الجديدة في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول هذا العام، عن دار النشر الاسكتلندية الصغيرة "كانون غيت" (Canongate Books)، على أن يتم بيعها في المكاتب الفيزيائية وعلى Bookshop.org، ومن خلال بعض تجار التجزئة المحدودين عبر الإنترنت، وذلك بهدف دعم تجار الكتب الورقية وباعتها والتضامن مع المكتبات المستقلة ونظم النشر المتنوعة، خاصة تلك التي تضع كتبها على رفوف باعة الكتب وفي أيدي أولئك الذين يهتمون فعلًا بالكتاب، وليس في أرشيفات سحابية تحتكرها الشركات الكبرى مثل "أمازون". قالت ديفيس: "نحن نقدر الشركات الصغيرة، ومع ذلك فإننا نعطي الكثير من أعمالنا للكبار والأقوياء، لأنه في كثير من الأحيان لا يكون لدينا أي خيار آخر". 
ليست ليديا ديفيس الأولى التي ترفض بيع أعمالها في أمازون، بل سبقها إلى ذلك الموقف الاحتجاجي والمناهض لسياسات الشركة العديد من المؤلفين والناشرين الذين شكل بعضهم اتحادات واسعة، مثل Authors United، تدعو إلى التحقيق في إذا ما كانت أمازون تستخدم ممارسات تجارية احتكارية، وتتهمها بالتلاعب في قائمة الأكثر قراءة والكذب على العملاء حول عدم توفر الكتاب لتحقيق غايات شخصية وانتقامية.
من بين الكتّاب المناهضين لـ"أمازون"، براندن ساندرسن، والمؤلف الأميركي ديف إيغرز صاحب رواية "الدائرة" المنشورة عام 2013. أوضح إيغرز في مقابلة له مع صحافية في"ذا غارديان"، أن أمازون شركة احتكارية تستخدم ممارسات تجارية غير عادلة لقتل المنافسة، لكنها لا تلتزم بالقواعد والقوانين وبالكاد تدفع الضرائب بشكل يتناسب مع أرباحها، خلافًا للمكتبات المحلية التي يمكن إيجادها في أي حي سكني.
تعد "أمازون" أضخم بائع للكتب في الولايات المتحدة الأميركية والعالم، إذ يوضح تقرير نشره موقع WordsRated بعنوان "إحصائيات نشر أمازون" أن 50% من مبيعات الكتب المطبوعة في الولايات المتحدة الأميركية تعود لأمازون. وتشير بعض التقديرات إلى أن الشركة قد تستحوذ على أكثر من 70٪ من سوق الكتب المطبوعة بحلول عام 2025 فقط. تهيمن "أمازون" على سوق النشر الإلكتروني أيضًا، إذ تبيع وحدها ما لا يقل عن ثلاثة أرباع الكتب الإلكترونية، على الرغم من أنها تبيع في الوقت الحاضر ثلاثة أضعافها من الكتب المطبوعة، ما يجعلها المسيطر الأول على سوقي النشر الإلكتروني والمطبوع. 
تعد ممارسات "أمازون" النشيطة بمستقبل واعد للشركة، لكنها تشكل في ذات الوقت خطرًا حقيقيًا على نظم النشر الأخرى. يقول إيغرز: "تركل أمازون الرمال في وجه باعة الكتب المستقلين منذ عقود". ويظهر بحث بعنوان "تأثير أمازون على صناعة النشر" أن نسبة المكتبات المستقلة انخفضت بمعدل 63% منذ انطلاق أمازون. إذ كان هناك ما يقارب الـ 5500 متجر مستقل في عام 1995، بينما لا يتجاوز عددها في عام 2022 الـ 2023 متجرًا في الولايات المتحدة الأميركية. ولا ينحصر أثر أمازون على الموزعين والناشرين وأسواقهم وإنما يطاول المؤلفين وأعمالهم أيضًا، إذ يجعل نهج "أمازون" القائم على مبدأ الخوارزمية للتوصية بالكتاب، من الصعب على المؤلفات الأخرى الأقل رواجًا أن تغدو خيارًا للقراء، أي أن الفجوة بين الكتب المشهورة وتلك الأقل شهرة يمكن أن تزداد عمقًا، وكذلك قد يواجه مؤلفوها صعوبة حادة في الترويج لأعمالهم التي تدفعها خوارزمياتها لا الجودة إلى قاع الأعمال المهملة.

50% من مبيعات الكتب المطبوعة في أميركا تعود لأمازون

قد لا تبدو تلك الأرقام هامة لجميع متلقي المنتجات من "أمازون"، خاصة أن الشركة تقدم الكتاب بسعر أرخص، النصف أحيانًا، من المكتبات المحلية وتوفر خدمات نقل وتوصيل عديدة لا توفرها المحلات التقليدية الأخرى، فهي تضحي بنسب كبيرة من الأرباح الإجمالية في سبيل تكريس نفسها كأرخص أسواق الكتب وأكثرها جودة وتنوعًا، ما يجعلها تتفوق على منافسيها، من دون مجهود يذكر، وباتكال كبير على قاعدة البيانات الهائلة التي تجمعها أمازون عن مستهلكيها. أما الميزة التي تجعل من الشركة وبالتحديد Kindle store متقدمة على منافسيها بأشواط، فهي مواكبتها للأحداث المعاصرة، وبالتحديد انخراطها بالمناقشات البيئية وتقديمها بديلًا لطيفًا عن فكرة قطع الغابات في سبيل صناعة الكتب، إذ يقدم التطبيق الصديق للبيئة دخولًا سلسًا لصفحات الكتاب الرقمي، ضف عليها خاصية المزامنة التي تمكن القارئ من اختيار مكتبته الخاصة وحملها معه أينما شاء والانتقال من القارئ الإلكتروني إلى الجهاز اللوحي والهاتف بسهولة تامة، كما يتاح له إتمام عملية الشراء من خلال مجموعة متنوعة من البائعين بمن فيهم المؤلف ذاته.
يسعى العديد من الكتاب والناشرين إلى إلغاء مركزية مبيعات الكتب، لكنهم يتخذون موقفًا معاديًا لبيع الكتب عبر أمازون لأسباب تتعلق بالحقوق المدنية أيضًا، خاصة شائعات التهرب الضريبي التي تحيط بالشركة، وموقفها الجائر من عمالها الذين يتجاوزون المليون شخص عبر العالم، خاصة بعدما كشفت تقارير سرية ومسربة في صحيفة ذا نيويورك تايمز عن تخفيض "أمازون" رواتب موظفيها بشكل ممنهج، واستبعادها العاملين الذين يقضون إجازات الأبوة والأمومة أو المرضى الذين يتعاملون مع الأزمات الطبية، وغيرهم من العمال الذين يمرون بظروف حرجة، أو معاناة الموظفين العاملين في جزيرة ستاتن خلال جائحة كوفيد-19. وهي مزاعم تسعى أمازون إلى دحضها بمزيد من الجهد والتنظيم، وإن بقي الأمر غير مقنع بالنسبة لمعارضي الشركة، ومن بينهم الكاتبة الأميركية الراحلة أورسولا إلغوين، التي اعتبرت كل عملية شراء من "أمازون" بمثابة تصويت لثقافة من دون محتوى أو قناعة.

لا شك أن "أمازون" تقدم البديل السهل والعملي للباحثين عنه، وتوفر الكتب على أنواعها لمن يتعذر عليهم الوصول إلى المكتبات الكبرى أو للذين يفضلون شراء النسخ بتكاليف منخفضة. إلا أن سياساتها بوصفها شركة أكبر من أن تفشل ينبغي أن تكون موضع دراسة وبحث مستمرين. نموها الجامح على مدار السنوات الماضية يثير تساؤلات واسعة حول حصتها من الأسواق العالمية ودورها في موازنة النظام الاقتصادي الحساس الذي تقوم عليه فكرة المنافسة العادلة.

ذات صلة

الصورة
الدار السودانية للكتب

ثقافة

تداول ناشطون سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي خبر إحراق قوات الدعم السريع لـ"الدار السودانية للكتاب"، قبل أن يظهر تسجيل لعنصر في هذه الميليشيا، من داخل أحد أروقة الدار، لينفي الخبر بطريقة دعائية، لا تنفي ما تورّطت فيه هذه المجموعة من جرائم سابقة.
الصورة

منوعات

قوبلت أكبر مكتبة عائمة في العالم (لوغوس هوب) بتفاعل ملموس من القراء وهواة اقتناء الكتب، بعد رسوها في ميناء غرب بورسعيد شمال شرقي مصر، وعلى متنها أكثر من خمسة آلاف عنوان كتاب، وطاقم مكون من 400 متطوع، ينتمون إلى 60 جنسية مختلفة.
الصورة
الشاب جوهري رياض خلال تسلمه كشك الكتب (فيسبوك)

مجتمع

استجابت السلطات الجزائرية لنداء شاب يبيع الكتب القديمة على الرصيف منذ 23 عاماً، بمنحه كشكاً لبيع الكتب، بعد توجيهه نداء إلى حاكم ولاية سيدي بلعباس غربي الجزائر.
الصورة
ناشطون مؤيدون للإجهاض في واشنطن الأربعاء الماضي (نيثان هوارد/ Getty)

منوعات

تشارك شركات التكنولوجيا البيانات مع وكالات إنفاذ القانون يومياً، ويقول المدافعون عن الخصوصية وبعض الموظفين إنه يجب التراجع عن هذه الممارسة الآن بعد إلغاء حق الإجهاض في الولايات المتحدة.

المساهمون