قضية أليك بالدوين: من يتحمل مسؤولية الأسلحة؟

قضية أليك بالدوين: من يتحمل مسؤولية الأسلحة؟

30 يناير 2023
وقعت الحادثة في 21 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 (ريك بولك/ Getty)
+ الخط -

تنبأ منتجون سينمائيون وخبراء أسلحة بحصول تغيير جذري في مواقع التصوير، بعد مقتل المصورة هالينا هاتشينز، برصاصة أطلقها الممثل أليك بالدوين، خلال تصوير فيلم الغرب الأميركي "راست" Rust قبل 14 شهراً.
أعلنت هيئة ادعاء، في يناير/ كانون الثاني الحالي، أنها ستوجه اتهاماً لأليك بالدوين، في حادثة إطلاق النار التي أودت بحياة هالينا هاتشينز. لقيت هاتشينز حتفها في موقع تصوير في سانتا في، بولاية نيو مكسيكو، عندما كان بالدوين يتدرب على إطلاق النار من مسدس، لتنطلق منه رصاصة حية أصابت المخرج جويل سوزا أيضاً. وقالت المدعية العامة ماري كارماك ألتوايز، وهي كبيرة المدعين في سانتا، في 19 يناير، إنها تعتزم توجيه تهمة القتل غير العمد إلى كل من بالدوين والمسؤولة عن الأسلحة في الفيلم هانا غوتيريز ريد.
نفى بالدوين مسؤوليته عن حادث إطلاق النار، وقال إنّ الذخيرة الحية ما كان ينبغي السماح بوصولها إلى موقع التصوير، وإنّ المسؤولين عن الأسلحة النارية هم المُناطون بسلامتها. ولم يُكشف حتى الآن عن كيفية دخول الأسلحة الحقيقية إلى موقع تصوير الفيلم. وقال محللون قانونيون إنّ المدعين يواجهون معركة شاقة لإدانة بالدوين بتهم جنائية من دون دليل على علمه بوجود ذخيرة حية واتخاذه أيّ احتياطات. ويعتقد البعض أنهم يسعون لإبرام اتفاق مع نجم "30 روك" الحائز جائزة إيمي، يقرّ فيه بالذنب مقابل تخفيف التهم الموجهة إليه.
ويُعاقب على القتل غير العمد بسبب الإهمال بالسجن لمدة تصل إلى 18 شهراً وغرامة خمسة آلاف دولار. وإذا أثبت الادعاء أن الأمر يتجاوز مجرد الإهمال في استخدام السلاح الناري، فقد تصل العقوبة إلى السجن خمس سنوات.
هذه القضية ألقت بظل ثقيل على صناع الأفلام والمسلسلات في الولايات المتحدة. وفي هذا السياق، قال جوي ديلون الذي أشرف على استخدام الأسلحة النارية في مسلسلات تلفزيونية بينها "وِستوورلد" Westworld وأفلام تشمل "ذا بالِد أوف باستر سكراغز" The Ballad of Buster Scruggs، في حديث لشبكة بي بي إس: "أصبح الحديث عن سلامة الأسلحة النارية في مواقع التصوير مسموعاً أكثر. أسهمتُ أنا نفسي في جعله كذلك".
ومن إجراءات السلامة الجديدة مثلاً في هوليوود: الاستخدام المتزايد للتقنيات الإلكترونية وغير الإلكترونية، التي يمكن أن تبطل وتوقف أي عملية إطلاق نار في أثناء التصوير. بعض التقنيات أكثر بساطة، مثل الصراخ عالياً عند استخدام بروتوكولات الأمان المعمول بها من قبل الجميع، وذلك للتوضيح إذا ما كان هنالك مسدس محشوّ في موقع التصوير، وما هي حالته.

ويبدي الممثلون اهتماماً متزايداً بإجراءات السلامة عادة عندما تسلَّم لهم أسلحة حقيقية. وأوضح ديلون قائلاً: "يريد الممثلون الآن التحقق أكثر، لأنّ الكثيرين يشعرون بالقلق والخوف من الأسلحة. في هذه المواقف، سأوقف عملية التصوير بأكملها، كي أريهم كيف يشعرون بالراحة في موقف كهذا". فحص السلاح لمعرفة ما إذا ما كان محشوّاً سيكون حتماً في خدمة الممثلين الذين يقومون بتصوير المشاهد. يبقى السؤال عن المسؤولية التي يمكن أن يتحملوها في حال حدوث خطأ محلّ نزاع. وسيكون أيضاً سؤالاً محورياً للمحلفين في حالة إحالة قضيّة بالدوين على المحاكمة.
نقابة الفنانين ومحامو بالدوين يؤكّدون أنّ هذا العبء لا يمكن أن يقع فقط على عاتق الممثلين. شددت نقابة الممثلين في بيان، قبل أسبوعين على أنه "ليست وظيفة الممثل أن يكون خبيراً في الأسلحة النارية، أو الأسلحة عموماً. توفر الأسلحة النارية في مواقع التصوير تحت إشراف العديد من المتخصصين والخبراء المسؤولين عن التشغيل الآمن والدقيق للسلاح الناري". وقال محامي الدفاع عن بالدوين، لوك نيكاس، في بيان، إنّ موكله اعتمد على المتخصصين الذين كان يعمل معهم ممن أكّدوا له أنّ السلاح لا يحتوي على أي ذخيرة حيّة.
أما المدعية العامة ماري كارماك ألتوايز، فرفضت هذا الموقف، وقالت متحدثة لوكالة أسوشييتد برس: "المطلوب من أي شخص يحمل مسدساً أن يتأكّد مما إذا كان محشواً بالرصاص الحي أو لا، وبالتأكيد لا يجب توجيه المسدس إلى شخصٍ ما، ثمّ ضغط الزناد". وأكدت المدعية العامية أنّ الاعتبارات التي أدّت إلى توجيه الاتهامات إلى بالدوين عدة، منها أنّه كان يحمل المسدس في يده، إضافة إلى دوره كمنتج للفيلم، ومسؤوليته الشخصية عن ظروف التراخي والإهمال التي أوصلت سلاحاً محشواً إلى يديه. وأضافت أنّ المشرفة عن الأسلحة النارية في الفيلم، هانا غوتيريز ريد، ستتهم أيضاً بالقتل غير العمد. في حين أنّ محامي ريد، جيسن باولز، أصرّ على براءتها.
قد تحلّ التكنولوجيا مسألة السلامة جذرياً، إذ استخدمت الإنتاجات السينمائيّة المؤثرات الرقميّة لمحاكاة وميض الطلقة النارية بشكل حقيقي في كثير من الأحيان. وتصنع بعض الشركات نسخاً مقلّدة للأسلحة الحقيقيّة، مثل مسدس "بي بي" BB الذي يصعب تفريقه عن السلاح الحقيقي، لكنّه لا يطلق الرصاص، إذْ يضاف وميض وصوت الرصاص الحقيقي في مرحلة بعد الإنتاج. ولكن هنالك بعض الأسلحة القديمة التي تظهر في الأفلام الكلاسيكية، مثل أفلام الغرب الأميركي، لا نسخ مقلّدة لها، الأمر الذي يفرض استخدام الأسلحة الحقيقية. وعلى الرغم من سهولة إضافة المؤثرات الرقمية في مرحلة ما بعد الإنتاج وكلفتها الميسرة نسبياً الآن، فالكثير من المخرجين والممثلين يفضلون استخدام الأسلحة الحقيقية، لإضفاء صدقية أعلى على المشاهد التمثيلية.

المساهمون