فلسطين في عام: الاحتلال يقتل فنانيها ويخنق مؤسساتها

فلسطين في عام: الاحتلال يقتل فنانيها ويخنق مؤسساتها

04 يناير 2024
يقيد الاحتلال الفنانين ومؤسساتهم في فلسطين كلّها (محمد عبد/ فرانس برس)
+ الخط -

خلال عام 2023 ووسط العدوان المتواصل على قطاع غزة، واصل الاحتلال الإسرائيلي استهداف القطاع الثقافي والتراث في فلسطين كجزء من محاولاته المستمرة منذ عام 1948 لمحو الذاكرة الوطنية ومحاربة الرواية الفلسطينية وكل ما يدلل على ارتباط الفلسطينيين بأرضهم.
وفي هذا السياق، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الفنانين والكتّاب في مختلف أنحاء فلسطين، واعتقل بعضهم على خلفية أعمال فنية ومحتوى فني. وقد رصدت وزارة الثقافة الفلسطينية استشهاد 44 من العاملين في قطاع الثقافة من مبدعين وكتاب خلال العام الماضي، أربعة منهم في الضفة الغربية، فيما تركز الجزء الأكبر في غزة حيث تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة على أهلها منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وشمل هؤلاء شعراء وروائيين وكتّابا وفنانين تشكيليين وموسيقيين وأعضاء في فرق دبكة، وبينهم أطفال. ومن شهداء القطاع الثقافي في غزة: الطفلة لبنى عليان (طالبة كمنجة في معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى)، وبلال جاد الله (مدير بيت الصحافة ورئيس الصالون الثقافي)، وسفيان تايه (رئيس الجامعة الإسلامية)، ومصطفى الصوّاف (كاتب وصحافي)، ومروان ترزي (مصور يلقب بحارس تاريخ غزة البصري)، والطفلة تالا بعلوشة (عضو فرقة أصايل وطن للدبكة الشعبية)، وعبد الله العقاد (كاتب)، وثائر الطويل (فنان تشكيلي)، وعبد الكريم حشاش (كاتب)، وجهاد المصري (مؤرخ)، وسعيد الدهشان (كاتب)، ومحمود الجبيري (فنان شعبي)، وهبة زقوت (فنانة تشكيلية)، وهبة أبو ندى (كاتبة وشاعرة)، وعلي نسمان (ممثل وناشط إعلامي)، وعمر أبو شاويش (شاعر)، وحليمة الكحلوت (فنانة تشكيلية)، وإيناس السقا (فنانة متخصصة بالفنون البصرية والمسرح)، ومحمد قريقع (رسام)، ويوسف دوّاس (عازف غيتار وكاتب)، ونسمة أبو شعيرة (فنانة تشكيلية)، وإيمان أبو سعيّد (ناشطة مجتمعية)، والطفلة شام أبو عبيد (من فرقة تشامبيونز للدبكة الفلسطينية)، والطفلة ليلى عبد الفتاح الأطرش (من فرقة تشامبيونز للدبكة الفلسطينية)، وطارق ضبان (فنان)، ومهند الآغا (خطّاط)، وشحده البهبهاني (شاعر وباحث تربوي)، ونور الدين حجاج (شاعر).
خلال الفترة نفسها، اعتقلت قوات الاحتلال 9 من المبدعين بسبب نتاجاتهم الفنية من غناء وموسيقى إلى جانب صنّاع المحتوى، خاصة في الضفة الغربية.
وواصلت سلطات الاحتلال حرمان الكتاب والمثقفين والفنانين في فلسطين من السفر، وبالتالي عدم المشاركة في الفعاليات المتنوعة وعدم تمثيل فلسطين في المحافل الدولية، كما منعت العديد من الكتاب والفنانين والناشرين العرب من المشاركة في معرض فلسطين الدولي للكتاب الذي نظمته وزارة الثقافة الفلسطينية في سبتمبر/ أيلول 2023. كما حرمت مئات الكتاب من غزة من المشاركة في فعاليات في رام الله، خاصة ملتقى الرواية ويوم الثقافة الوطنية ومعرض الكتاب.
ووفقاً لوزارة الثقافة الفلسطينية، اقتحمت قوات الاحتلال 14 مركزاً ثقافياً في الضفة الغربية، بينها مكتبتان تم مصادرة وتدمير محتوياتهما وإغلاقهما، إضافة إلى اعتداءات على أكثر من 5 مؤسسات في مدينة القدس واقتحام وفض العديد من النشاطات والتجمعات الثقافية.
وفي مدينة القدس يعاني المشهد الثقافي من محاولات التشويه والتحريف المستمرة للتاريخ والمواقع الأثرية ومحاربة الفعل الثقافي بكافة أشكاله، وفي سبيل ذلك ضاعفت سلطات الاحتلال من الميزانية المخصصة لعمليات الأسرلة التي تمس الثقافة العربية في القدس، إذ بلغت 284 مليون دولار.
ويشمل اهتمام الاحتلال في القدس تخصيص نحو 20 مليون شيكل لتطوير الحدائق والمجمعات الترفيهية، وتخصيص 32 مليون شيكل لوزارة القدس والتراث لإنشاء مباني عامة فيها.
ويشمل استهداف الاحتلال في المدينة ملاحقة المؤسسات الثقافية بالضرائب كضريبة، الدخل والضريبة المفروضة على العقارات والمراقبة على أعمالها بطرق مرهقة ومبالغ فيها هدفها عرقلة العمل الثقافي، تتضمن طلب معلومات وصور لسنوات سابقة، وتهديدات بالإغلاق، ومنعا كامل لكل ما يشير إلى دعم حكومي فلسطيني رسمي علني لمؤسسات القدس.
كما تعرضت مؤسسات القدس إلى محاولات تفكيكها وجعلها غير قادرة على الاستمرار، عبر منع وصول الأموال إليها، مثل منع وصول التمويل لجمعية الملتقى الشبابي التراثي المقدسي، وإغلاق الحسابات البنكية مثلما حصل مع مسرح الحكواتي.
وفي المقابل، تقوم قوات الاحتلال في حي الشيخ جراح والمهدد بالمصادرة ببناء مدرج للاحتفالات وموقع لتنظيم مختلف العروض ومسرح، كما أنها لا تفرض أيا من هذه الضرائب والقيود على الجمعيات الإسرائيلية في المدينة.
كما كان لسياسات الاحتلال أثر على توقف الكثير من النشاطات الثقافية بسبب الاجتياحات المتكررة والمجازر المختلفة التي ارتكبتها في مناطق مختلفة. فقد ألغي مهرجان الصابون في مدينة نابلس الذي كان مزمعاً تنظيمه في إبريل/ نيسان ضمن تحضيرات وزارة الثقافة الفلسطينية لتسجيل الصابون في قائمة التراث العالمي بسبب اجتياح المدينة، كما ألغيت كافة الاحتفالات بيوم التراث الوطني، وألغي مهرجان المسرح الوطني الذي كان مقرراً في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وأكد وزير الثقافة عاطف أبو سيف أن "كل سياسات الاحتلال لن تغير الحقيقة الأزلية والأبدية أن فلسطين للفلسطينيين فهم أهل البلاد وأصحابها". وقال إن "الحرب الممنهجة التي تشنها دولة الاحتلال على شعبنا هي استكمال للنكبة التي بدأت قبل خمسة وسبعين عاماً وما زالت مستمرة".

المساهمون