فرقة IDLES: إنّنا ذاهبون إلى الجحيم

فرقة IDLES: إنّنا ذاهبون إلى الجحيم

11 أكتوبر 2020
ارفع القبضة الوردية، وتحدث عن جمال اللون الأسود (Getty)
+ الخط -

نهاية الشهر الماضي، أصدرت فرقة الروك الإنكليزية، IDLES، ألبوماً جديداً حمل عنوان "Ultra Mono"، وهو الألبوم الطويل الثالث والرسمي في مسيرة الفرقة، التي بدأت نشاطها قبل ثمانية أعوام بميني ألبوم. ويعتبر العمل امتداداً بأفكاره لإصدار الفرقة السابق، "Joy As An Act Of Resistance"، ففيه تستكمل الفرقة رحلة استكشافها في الموضوعات التي سبق وأن طرحتها بأعمالها السابقة حول المناخ الاجتماعي السياسي الحديث والصراع الطبقي والصحة العقلية والذكورية السامة، بالإضافة إلى الجوانب الإيجابية والسلبية للفرقة ورحلتها الذاتية.

يتكون الألبوم الجديد من 12 أغنية، تم طرح خمس أغان منها بشكل منفرد تمهيداً للألبوم ابتداءً من شهر مايو السابق، وقد برزت من بينها أغنية "Grounds" منذ صدورها في شهر يونيو.

الأغنية الافتتاحية في الألبوم، "War"، هي عبارة عن ترنيمة شبيهة بترنيمات الأطفال التي تعتمد بإيقاعها على تكرار أصوات الحيوانات والأشياء، على غرار ترنيمة "Old Macdonald had a farm"، ولكن ترنيمة "IDLES" هي النسخة الوحشية منها، التي تستخدم أصوات الأسلحة لبناء إيقاعها، فتبدأ بهذه الطريقة: "صوت السيوف هكذا: كلاك كلاك كلاك كلاك. صوت البنادق هكذا: بانغ بانغ بانغ بانغ"، وتنتهي الأغنية بجملة صادمة لسير الترنيمة بالمجمل، لكنها منطقية وفقاً لإيقاعها: "إننا ذاهبون مباشرةً إلى الجحيم"، لتخمد بعدها الأصوات وكأنه تم تنويمها قبل الدخول بالأغنية الرئيسية في الألبوم "Grounds".

أغنية "Grounds" تبدو أكثر عصرية، ففيها يصل مستوى النقد السياسي الاجتماعي إلى ذروته، يرد فيها: "لن يتم إصلاح أي شيء على الإطلاق إذا وقفت بعيداً وعبرت عن استيائك"، هي أغنية تبدو أشبه بدعوة إلى حراك سياسي، يصرخ بها علانية في لازمة الأغنية: "هل سمعت صوت الرعد؟ هذا هو صوت القوة في الأرقام. توحدوا". فالحراك السياسي لا يتم من خلال التعبير عن الآراء من دون النزول إلى الأرض، ويستطرد بالأغنية: "لا فائدة من الخربشة على جدران مقصورتك المعزولة، لذا ارفع القبضة الوردية، وتحدث عن جمال اللون الأسود".

الأغنية الثالثة "Mr. Motivator"، تبدو أشبه بدرس، يطلب منا في البداية أن نقوم بتكراره، درس لإعادة الكليشيهات، بنفس ساخر. وأما الأغنية الرابعة "Anxiety" فهي تشهد أولى اللمحات العاطفية في الألبوم، من خلال افتتاحيتها المقتضبة التي تروي تفاصيل علاقة عاطفية لا تخلو من الرمزية، قبل أن تتعثر الحكاية لتعود إلى ثيمة النقد السياسي الرئيسية في الألبوم، حيث يرد بها بشكل مفاجئ: "حكومتنا تكره الفقراء، طبقة سياسية باردة، تعطينا أدوية لا يمكن أن نتحملها، لذلك ليس هناك علاج" وكأن القلق السياسي يسيطر على العقل بشكل تام، ويمنع من تكوين سرد منفصل بشكل تام.

وفي أغنية "Kill Them With Kindness"، يعود إلى نقطة البداية، وأسلوب تكرار الأصوات، من خلال حوار فانتازي ما بين جرو وثعبان، وكأنه حوار يدور في أروقة السلطة، يرد فيه: "اقتلهم بلطف. أعتقد أنك لن تتمكن من التعاطف وأنت تجلس على عرشك". ولا تتوقف الفرقة بعدها عن لعبتها المتمثلة بتقمص الأدوار وطرح الأفكار من زوايا مختلفة، في سياق ينصب ببوتقة واحدة: التحريض على الحراك السياسي على الأرض. 

بالعموم، إن الميزة الرئيسية في ألبوم "IDLES"، هي كما كانت دائماً، تكمن في الأفكار التي تنطوي عليها الأغاني والكلمات الذكية التي تعيد ترتيب الإدراك على نحو صادم. إلا أن المشكلة في عدم قدرة الفرقة على إيجاد توليفة كاملة تتمكن من خلالها أن تقدم أفكارها بالشكل الأمثل، فباقي عناصر الأغنية لا تضاهي الكلمة؛ فالموسيقى لا تمتلك القوة الكافية التي كانت في إرهاصات البانك روك الأولى، ولا تمتلك المرونة الكافية التي دعّمت موسيقى الروك في وقتٍ لاحق، بتأثير تطور موسيقى البوب. ومع ذلك، فإن المتعة في الألبوم حاضرة بكل تفاصيله وأجزائه.

المساهمون