طفرة كبيرة في أداء غرسات فك الرموز اللغوية الصادرة من الدماغ

طفرة كبيرة في أداء غرسات فك الرموز اللغوية الصادرة من الدماغ

24 اغسطس 2023
يقود مرض التنكس العصبي إلى الشلل (Getty)
+ الخط -

تتزايد فرص استعادة القدرة على الكلام لمن فقدوها جرّاء مرض أو حادث، وفقاً لتجربتَي زرع غرسات في الدماغ أظهرتا تقدماً كبيراً في هذا المجال، نُشِرت نتائجهما الأربعاء في مجلة نيتشر.

كانت بات بينيت، البالغة من العمر 68 عاماً، تشغل وظيفة قيادية، وكانت نشيطة ورياضية قبل تشخيص إصابتها بمرض شاركو قبل أكثر من عقد. فمرض التنكس العصبي الذي يُفقِد المصاب به تدريجاً كل قدرة على الحركة وصولاً إلى الشلل الكامل، تسبّبَ لها بصعوبات في النطق ثم ما لبث أن حرمها كلياً القدرة على الكلام.

وفي مارس/ آذار 2022، زرع لها الباحثون من قسم جراحة المخ والأعصاب في جامعة ستانفورد الأميركية أربعة مربعات صغيرة تحوي 64 قطباً كهربائياً دقيقاً مصنوعة من السيليكون. وتتولى هذه الأقطاب التي تخترق القشرة الدماغية بما لا يتجاوز ملليمتراً ونصف الملليمتر تسجيل الإشارات الكهربائية التي تنتجها مناطق الدماغ المرتبطة بإنتاج اللغة.

وتُنقل الإشارات المُنتَجة إلى خارج الجمجمة من خلال حزمة من الأسلاك، وتُعالَج بواسطة خوارزمية. و"تعلّمَت" الآلة على مدى أربعة أشهر تفسير معناها، وهي تربط الإشارات بالصوتيات، أي الأصوات التي تشكل كلمات اللغة، وتعالجها بواسطة نموذج لغوي.

وقال المُعدّ المشارك للدراسة الأستاذ في جامعة ستانفورد فرانك ويليت، خلال مؤتمر صحافي: "أصبح متاحاً تَخَيُّل مستقبل يمكن فيه التحدث بسلاسة مع شخص يعاني مجدداً مع مصاب بشلل" النطق.

ومكّنت غرسة التواصل بين الدماغ والآلة بات بينيت من التحدث عبر الشاشة بمعدل يفوق 60 كلمة في الدقيقة. ومع أن هذه الوتيرة لا تزال أقل بكثير من معدّل المحادثات العادية البالغ 150 إلى 200 كلمة في الدقيقة، فهي أسرع بثلاث مرات من الرقم القياسي السابق الذي سجّله عام 2021 الفريق الذي يتابع حالتها. وانخفض معدل الخطأ في كل 50 كلمة من أكثر من 20 في المئة إلى أقل من 10 في المئة.

في التجربة الثانية، التي أجراها فريق إدوارد تشانغ في جامعة كاليفورنيا، يقوم الجهاز على شريط من الأقطاب الكهربائية الموضوعة على المادة القشرية. وحقق هذا الجهاز أداءً مماثلاً تقريباً لذلك الذي حققه نظام فريق جامعة ستانفورد، إذ ارتفع معدّل المحادثة إلى 78 كلمة في الدقيقة، أي أسرع بخمس مرات مما كان عليه.

وشكّل هذا المعدّل تقدّماً هائلاً للمريضة التي تعاني شللاً نصفياً منذ إصابتها بنزف في جذع الدماغ، إذ كان معدّل محادثتها يبلغ 14 كلمة في الدقيقة حداً أقصى، باستخدام تقنية تتبع حركات الرأس.

وفي التجربتين، يبلغ معدل الخطأ نحو 25 في المئة عندما تستخدم المريضتان عشرات الآلاف من المفردات.

وتكمن خصوصية جهاز تشانغ في أنه يعتمد على تحليل الإشارات المنبعثة ليس فقط من المناطق المرتبطة مباشرة باللغة ولكن أيضاً على نطاق أوسع من القشرة الحسية الحركية التي تنشّط عضلات الوجه والفم لإنتاج الأصوات.

وقال تشانغ "منذ خمس أو ست سنوات، بدأنا حقاً في فهم الشبكات الكهربائية التي تنظم حركة الشفاه والفك واللسان، وهو ما أتاح لنا إصدار أصوات محددة لكل حرف ساكن وحرف متحرك وكلمة".

وتنتج غرسة فريق تشانغ للتواصل بين الدماغ والآلة لغة في شكل نص، ولكن أيضاً بصوت مركّب وصورة رمزية تُظهر تعبيرات وجه المريض عندما يتحدث، إذ إن "الصوت وتعبيرات الفرد هي أيضاً جزء من هويته"، بحسب تشانغ.

ويهدف الفريق الآن إلى إنتاج نسخة لاسلكية من الجهاز، ستكون لها "آثار عميقة على استقلالية المريض وتفاعلاته الاجتماعية"، وفقاً للمُعدّ المشارك في الدراسة أستاذ جراحة الأعصاب في جامعة سان فرانسيسكو ديفيد موزس.

(فرانس برس)

المساهمون