صحافيو إيران تحت الحصار

صحافيو إيران تحت الحصار

09 ديسمبر 2020
إيران من أكثر الدول قمعاً للصحافيين (فرانس برس)
+ الخط -

تشدّد السلطات الإيرانية حملتها ضد الصحافيين والإعلاميين والعاملين في القطاع الثقافي أخيراً، إذ كشف المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية غلامحسين إسماعيلي، يوم الثلاثاء، عن موافقة المحكمة العليا على حكم الإعدام الصادر بحق مدير موقع وقناة "آمد نيوز" على منصة "تيليغرام"، روح الله زم.

وكان الحكم بحق روح الله زم صدر يوم 30 يونيو/حزيران الماضي، بعد جلسات محاكمة، وتقدم محاميه بطلب الاستئناف عليه في المحكمة العليا التي أكدت الحكم، وفقاً لإسماعيلي.

وبعد صدور الحكم، قال المتحدث باسم السلطة القضائية الإيرانية إن "13 تهمة من الاتهامات الموجهة لزم كانت من مصاديق الإفساد في الأرض" التي تصل عقوبتها إلى حد الإعدام، مشيراً إلى أنه "صدر بحقه أيضاً حكم بالسجن في باقي التهم".

عقدت السلطة القضائية الإيرانية، خلال الشهور الماضية، عدة جلسات لمحاكمة مدير موقع "آمد نيوز" المعتقل منذ الرابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019، بعدما استدرجه جهاز استخبارات "الحرس الثوري" من الخارج، في عملية وصفها حينها بـ"المعقدة والاحترافية".

وتضمنت لائحة الاتهام الموجهة ضد زم 17 تهمة، أبرزها "الإفساد في الأرض"، و"التجسس لصالح أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والفرنسية بواسطة جهاز استخبارات لإحدى دول المنطقة"، من دون الكشف عن اسمها، و"التعاون مع أميركا ضد إيران"، و"التحريض على الحرب الداخلية والأمن الداخلي"، و"المشاركة في الأنشطة الإعلامية ضد نظام الجمهورية الإسلامية"، و"تحريض القوات المسلحة على العصيان"، و"إهانة المقدسات الإسلامية"، و"إهانة مؤسس الثورة الإسلامية" روح الله الخميني.

أيدت المحكمة العلياً حكماً بإعدام روح الله زم الذي كان يدير قناة "آمد نيوز" على "تيليغرام"

ولد زم عام 1973 في طهران، وهو متزوج وله ولدان. ووالده رجل الدين محمد علي زم الذي شغل مناصب حكومية عدة في إيران. وهذا الاعتقال ليس الأول له، إذ سبق أن أوقف في التظاهرات التي شهدتها إيران عام 2009، احتجاجاً على نتائج الانتخابات الرئاسية.

وبعد الإفراج عنه غادر البلاد، واستقرّ في الخارج حيث أسس موقع "آمد نيوز"، وقناة تحمل الاسم نفسه على "تيليغرام". دأبت "آمد نيوز"، على مدى السنوات الماضية، على نشر أخبار وتقارير مناهضة لنظام الحكم في إيران، وبعضها يزعم أنها من "مصادر حكومية خاصة".

عام 2017 اعتقلت السلطة القضائية الإيرانية أفراداً، منهم صحافيون، بتهمة العمل لصالح شبكة "آمد نيوز".  لكن خلال الاحتجاجات الاقتصادية التي شهدتها إيران، في يناير/كانون الثاني عام 2018، أصبحت قناة "آمد نيوز" أكثر شهرة وإثارة، إذ وصل عدد أعضائها إلى أكثر من مليون شخص، فلعبت دوراً بارزاً في تشجيع الناس على التظاهر، الأمر الذي اضطر إدارة تطبيق "تيليغرام" إلى إغلاقها، بعد شكوى رفعتها إيران لدى إدارة المنصة اتهمت فيها الشبكة بنشر "دعايات إرهابية".

لكن القناة عادت إلى الظهور على التطبيق نفسه باسم "صداي آمد نيوز". 

ويوم الإثنين، اعتقلت السلطات الإيرانية الصحافي كيوان صميمي (71 عاماً) خلال مراجعته عدلية تنفيذ الأحكام القضائية، ونقلته إلى سجن "إيفين" الشهير في العاصمة طهران، تنفيذاً لحكم بالسجن عليه لمدة 3 سنوات، صدر يوم 20 إبريل/ نيسان الماضي، وفقاً لما تناقله ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي.

وكانت محكمة الثورة في طهران اتهمت الصحافي صميمي بـ"التجمع والتواطؤ بقصد العمل ضد أمن البلاد". وأعلن صميمي نفسه، في أغسطس/آب الماضي، تعليق تنفيذ الحكم بحقه،  نتيجة تقديم محاميه طلباً إلى السلطة القضائية لإلغاء الحكم بالنظر إلى أمراضه القلبية والرئوية وعدم قدرته على تحمل العقوبة.

اعتقل الصحافي الإيراني كيوان صميمي الإثنين، تنفيذاً لحكم بسجنه 3 سنوات

صميمي نفسه ذكر عبر قناته على منصة "تيليغرام" أنّ الحكم الصادر بحقه بُني على اتهامات موجهة إليه بتأسيس "حزب حرية الشعب الإيراني"، الموصوف في الحكم بأنه "غير شرعي"، و"رئاسة تحرير مجلة إيران فردا" (إيران الغد)، و"النشاط غير الشرعي في يوم العمال" العالمي، ونشر "مواضيع لصالح الشيطان الأكبر في العالم الافتراضي"، في إشارة إلى الولايات المتحدة، فضلاً عن "إلقاء محاضرات وتحريض المواطنين" و"دعم السجناء السياسيين".

كانت السلطات الأمنية الإيرانية اعتقلت صميمي عام 2019 في يوم العمال العالمي، أثناء مشاركته في تجمع احتجاجي مقابل مقر البرلمان، قبل أن تفرج عنه بعد نحو شهرين.  وسبق أن قضى الصحافي الإيراني 6 سنوات في السجن بعد اعتقاله خلال أحداث عام 2009 إثر احتجاجات الإصلاحيين على نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس المحافظ، محمود أحمدي نجاد. كذلك تعرض لاعتقالات عديدة إبان حكم الشاه في إيران.

وصميمي ناشط من التيار الوطني الإسلامي، وكان مديراً لمجلة "نامه" قبل إغلاقها بحكم قضائي، وهو عضو "المجلس الوطني للسلام" و"لجنة دعم حقوق المواطنة".

منظمة "مراسلون بلا حدود" وضعت إيران في المرتبة 173، من أصل 180 بلداً، في نسخة 2020 من التصنيف العالمي لحرية الصحافة. واعتبرت أن البلاد "لا تزال واحدة من أكثر الدول قمعاً للصحافيين على الصعيد العالمي، حيث تُسيطر الدولة على وسائل الإعلام بلا هوادة، منذ 30 عاماً"، مبينة أنه بين عامي 1979 و2019، تعرض ما لا يقل عن 860 صحافياً ومواطناً للاعتقال أو الاحتجاز أو الإعدام على يد الحكومة الإيرانية.

ورأت المنظمة نفسها أن عقوبة الإعدام "تبقى بمثابة سيف دموقليس المسلط على رقاب الفاعلين الإعلاميين في إيران التي تُعد من أكثر دول العالم تنفيذاً لحكم الإعدام"، في تقريرها الصادر في يوليو/تموز الماضي. وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي الموافق "اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام"/ أشارت المنظمة إلى أن ما لا يقل عن 20 صحافياً ومراسلاً ومدوناً حُكم عليهم بالإعدام في إيران خلال العشرين عاماً الماضية.

ما لا يقل عن 20 صحافياً ومراسلاً ومدوناً حُكم عليهم بالإعدام في إيران خلال العشرين عاماً الماضية

وفي السياق نفسه، أعلن النائب العام في محافظة كرمانشاه شهرام كرمي، لوسائل الإعلام الإيرانية الأسبوع الماضي، اعتقال عارضتين ومصورين شاركوا في إنتاج فيلم وصفه بـ"غير الأخلاقي". والفيلم ليس إلا مقطع فيديو يروج لصيحات الموضة، وأطلت فيه عارضات من دون حجاب.

وقال إعلاميون ووسائل الإعلام وشخصيات في المحافظة بأن الفيلم يخدش الحياء العام ويحمل إهانات للمشاعر الدينية، وسط اتهامات بأن هذه الحوادث تأتي استكمالاً لما اعتبروه مشروع "الاختراق الثقافي" في إيران.

كما أعلن رئيس شرطة الأمن العام في محافظة كرمانشاه، العقيد حسن حيدري، حسب وكالة "إيسنا" الإيرانية، إغلاق متجر لبيع الملابس استخدم فتيات "من دون التزام الحجاب الإسلامي" كعارضات أزياء، في تصرف اعتُبر بأنه "يتعارض مع الآداب الأخلاقية والإسلامية والثقافية" في البلاد.

المساهمون