صحافيون يحتجون أمام مجلس الوزراء الفلسطيني ضد اعتقال محمد عتيق

صحافيون يحتجون أمام مجلس الوزراء الفلسطيني ضد اعتقال محمد عتيق

05 سبتمبر 2022
طالب المشاركون بوقف التعديات على الصحافيين من قبل أجهزة الأمن (العربي الجديد)
+ الخط -

عبّرت عائلة الصحافي الفلسطيني محمد عتيق (30 عاماً) عن خشيتها من تعرّضه للأذى، بعد تبلّغها من محاميه بنقله من محافظته جنين، شمال الضفة الغربية، إلى سجن أريحا، شرق الضفة الغربية.

وقال والده علي عتيق، خلال اعتصام نظّمه صحافيون وأهالي معتقلين سياسيين لدى الأجهزة الأمنية، تضامناً مع ابنه، أمام مقر مجلس الوزراء الفلسطيني في مدينة رام الله، وسط الضفة، لـ"العربي الجديد"، إن آخر ما أبلغه به المحامي هو نقل ابنه إلى سجن أريحا، مما زاد من الخوف والشك حول تعرّضه للأذى والتعذيب. كما طالب الأجهزة الأمنية الفلسطينية بأن تأخذ بعين الاعتبار أن ابنه ليس عدواً بل ابن شعبهم.

وأكد عتيق أن الصحافي عاطف أبو الرب أبلغه، أمس، أنه زار ابنه محمدا، بصفته ممثلاً عن نقابة الصحافيين الفلسطينيين، وأبلغه أنه جلس معه، وطمأنه عليه، وأخبره أنه لن يحصل له شيء ولن يتم نقله. لكن، نقل عتيق إلى أريحا مما ضاعف من قلق العائلة، محمّلاً جهاز المخابرات العامة الفلسطينية مسؤولية أي أذى قد يتعرض له، كما طالب المؤسسات الحقوقية بمواصلة جهودها.

واعتبر عتيق أن طريقة اعتقال ابنه التي جرت فجر أمس، من منزله في بلدة برقين، شمال الضفة، "استفزازية وتزرع الحقد ولا تفيد الوحدة الوطنية والقضية الفلسطينية والسلم الأهلي". وأشار إلى اقتحام البيت من قبل أكثر من 30 عنصرا، قاموا بتفتيشه ومصادرة أجهزة الحاسوب والكاميرات والهواتف، دون تدوين ما تمت مصادرته بشكل رسمي.

واستنكر الصحافيون المشاركون في الوقفة الاحتجاجية أمام مجلس الوزراء اعتقال عتيق، وزيادة وتيرة ملاحقة الصحافيين. إذ تعرّض الصحافي مجاهد السعدي، يوم السبت الماضي، إلى الاعتقال من قبل الأمن الفلسطيني في جنين لساعات، بعد تصويره قيام الأجهزة الأمنية باعتقال مواطن، واستدعي الصحافي مصطفى الخواجا، أمس الأحد، إلى جهاز المخابرات في رام الله، قبل أن تتدخل نقابة الصحافيين.

وقالت الصحافية نداء بسومي خلال الوقفة لـ"العربي الجديد" إن الصحافيين يتخوّفون من التضييق على حرياتهم وعملهم، خاصة بعد اعتقال أربعة صحافيين خلال الشهرين الماضيين. يعني ذلك بحسب رأيها، "تصاعد الانتهاكات بحق الحريات الصحافية"، وطالبت بالكف عن استهدافهم وتركهم لممارسة عملهم بحرية.

كما اعتبرت بسومي، أن نقل عتيق إلى أريحا يهدف إلى "زيادة التضييق عليه وعدم الإفراج عنه بسرعة"، إضافةً إلى "الخوف من تعرّضه للتعذيب، نظراً لما تصدره المؤسسات الحقوقية عن طبيعة سجن أريحا والممارسات التي تحصل فيه".

من جهته، أكد الصحافي أمير أبو عرام أن اعتقال الصحافيين واستدعاءهم مرفوض ومستنكر، لأنه يؤدي إلى التضييق على حرية العمل الصحافي.

وتابع أبو عرام: "الصحافي محمد عتيق يتواجد يومياً في تغطية الاعتقالات والاقتحامات، وهو معرض للخطر من قبل قوات الاحتلال بشكل دائم، والمطلوب من الأجهزة الأمنية الفلسطينية، أن تقدم الحماية له ولغيره من الصحافيين، بدلاً من عملية اعتقالهم والتضييق على عملهم الصحافي".

وحول حيثيات تمديد توقيف الصحافي عتيق ونقله إلى أريحا، قال المحامي، في مجموعة محامون من أجل العدالة، نور الدين جرّار، لـ"العربي الجديد" إنه ومحامين آخرين في مكتبه توجّهوا أمس، إلى النيابة العامة عدّة مرات في جنين بهدف اللقاء بعتيق وأخذ توكيله، لكن النيابة أبلغتهم بعدم وصوله، ليتفاجأوا لاحقاً بإحضاره والتحقيق معه من دون محام، ومن ثمّ تمديد توقيفه 48 ساعة.

وأكد جرّار أنه توجه إلى مقر جهاز المخابرات العامة أمس، بهدف زيارته وأخذ توكيله لكنه لم يستطع، بسبب ما قيل له إنها حالة وفاة لأحد أفراد عائلة مدير جهاز المخابرات وخروج جميع العناصر إلى العزاء، وأشار إلى أنهم وعدوه بتمكينه من أخذ توكيله صباح اليوم، وهو ما لم يتم بسبب اكتشافه نقل عتيق إلى أريحا صباح اليوم الاثنين، إثر توجّه مرة أخرى إلى مقر الجهاز، معتبراً أن ذلك بمثابة "تهرب من إعطائه حق الزيارة وأخذ توكيله".

أما عن التهم الموجّهة لعتيق فلفت جرار إلى أنها "حيازة السلاح بدون ترخيص"، لكنه قال: "إنها تهمة تسند لمن ليس له تهمة". خاصةً في حالة عتيق الذي لم يتمّ ضبط أيّ سلاح بحوزته، بل كان ملفه لدى النيابة "فارغاً"، بحسب المحامي، كما أنه أنكر التهمة الموجهة إليه في التحقيق.

وقال جرار: "من خلال هذه التهمة يستطيعون إبقاءه لأكبر وقت ممكن في السجن، وكذلك عبر نقله إلى أريحا، ومحاولة إبعاد نقابة الصحافيين أو أيّ مؤسسة حقوقية عن ملفه".

وخلال الوقفة أمام مجلس الوزراء شارك عدد من أهالي المعتقلين السياسيين، ومن بينهم عائلة الموقوف في سجن أريحا منذ 93 يوماً، أحمد هريش.

وقالت شقيقته، الصحافية أسماء هريش لـ"العربي الجديد" إنهم جاؤوا للمطالبة بإغلاق ما أسمته "سجن مسلخ أريحا"، الذي "تعرّض فيه معتقلون للتعذيب ومن ضمنهم شقيقي". وطالبت بإغلاق السجن سيئ السمعة، ونقل من فيه إلى رام الله.

بدورها، قالت مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان في بيان صحافي، إنها تتابع "استمرار الأجهزة الأمنية الفلسطينية في ملاحقة الصحافيين الفلسطينيين، على خلفية ممارسة حرية الرأي والتعبير والعمل النقابي والصحفي وذلك في مختلف المحافظات".

وتتمثل هذه الملاحقة، وفق البيان، في استدعاء الصحافيين للتحقيق لدى الأجهزة الأمنية، وتحديداً لدى جهازي المخابرات العامة والأمن الوقائي، وتفتيش منازلهم، ومصادرة مقتنياتهم كالهواتف المحمول وأجهزة اللابتوب. وصولاً إلى اعتقالهم على خلفية عملهم الصحافي، ولكن بتهم مختلفة لا تمت للواقع بصلة.

وأشار البيان إلى اعتقال الصحافي مجاهد طبجنة من نابلس وتعرضه للتعذيب، وكذلك اعتقال الصحافيين محمد عتيق ومجاهد السعدي، واستدعاء الصحفي مصطفى الخواجا.

وقال البيان: "إن حملات الاعتقال والاستدعاء التي تقوم بها الأجهزة الأمنية الفلسطينية ما زالت مستمرة وبوتيرة أعلى، في محاولة لتقييد الحقوق الأساسية للفلسطينيين، خصوصاً الصحافيين الذين يقومون بمهام صحافية وإعلامية بحتة، ولا زالت توجه تهم باطلة بحق الصحافيين كحيازة سلاح دون ترخيص وتلقي أموال غير مشروعة، في محاولة لإبقاء الصحافيين رهن الاعتقال لفترات أطول، مع العلم أن التحقيق معهم يكون على خلفية عملهم الصحافي".

وطالبت مؤسسة الضمير جهات الاختصاص، وتحديداً النائب العام الفلسطيني المستشار أكرم الخطيب، بضرورة الإفراج الفوري عن الصحافيين المعتقلين على خلفية عملهم الصحافي والنقابي، وضمان وقف الأجهزة الأمنية عن ملاحقة واستهداف الصحافيين واستدعائهم للتحقيق، والتحقيق الفوري في ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة التي تُرتكب بحقهم، وذلك انطلاقاً من مسؤولية دولة فلسطين بحماية حرية العمل الصحافي بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي انضمت إليها.

وكانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية قد اعتقلت 5 شبان آخرين من محافظة جنين، ونقلت 4 منهم صباح اليوم الاثنين إلى أريحا، فيما تمّ تحويل الخامس إلى الشرطة لأنه دون 18 عاماً، بحسب جرار.

وأسندت للشبّان الخمسة تهمة حيازة السلاح بدون ترخيص، لكن من دون أن يكون هناك أيّ مضبوطات. وباتت هذه التهمة، وتهم أخرى مثل جمع وتلقي أموال من جمعيات غير مشروعة، بحسب الحقوقيين، تستخدم كثيراً ضدّ المعتقلين السياسيين من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية.

المساهمون