سرديّات رغم التبرير: احتفائية سينمائية بغزة التي نعرف

سرديّات رغم التبرير: احتفائية سينمائية بغزة التي نعرف

18 أكتوبر 2023
من العدوان الأخير على غزة (علي جاد الله/ الأناضول)
+ الخط -

تحت عنوان "سرديّات رغم التبرير"، أطلقت منصة الفيلم الفلسطيني، التابعة لمؤسسة الفيلم الفلسطيني، عبر موقعها الإلكتروني، "سلسلة أفلام تحتفي بجمال غزة وشعبها، وكفاحها وبقائها، بهدف الوقوف في وجه شيطنة هذا المكان الجميل".
أُنتجت الأفلام في فترات مختلفة، منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي وحتى عام 2019، في أحد عشر فيلماً لمخرجين فلسطينيين من غزة وجغرافيات أخرى داخل وخارج فلسطين، ولمخرجين من جنسيات مختلفة.
وقالت المنتجة والمخرجة مي عودة، منسقة منصة الفيلم الفلسطيني، في حديث إلى "العربي الجديد": "مع ارتفاع وتيرة الهجمة الإعلامية الغربية الشرسة ضد الشعب الفلسطيني عامة، وغزة على وجه التحديد، وحملة التشويه بحق القطاع وأهله، شعرنا أننا كسينمائيين علينا التحرك لمواجهة هذه الأكاذيب، ونقل الصورة الحقيقية لغزة عبر أفلام تتحدث عنها في أزمنة مختلفة، ومن جوانب مختلفة".
ولفتت عودة إلى أنه اختير أحد عشر فيلماً لمخرجين من فلسطين ومن مختلف أنحاء العالم، ما يتيح مشاهدة غزة على مدار عقود، وبأكثر من زاوية. "سرديّات رغم التبرير"، وفق عودة "عبارة عن احتفائية سينمائية بغزة التي نعرف، ويحاول كثيرون حول العالم تشويه صورتها بتزييف الحقائق حولها. لذا، فعبر هذه الأفلام ننهض بالسينما للتصدي للبروباغاندا الجائرة والكاذبة. هناك أهمية لتلك الأفلام التي أخرجها مبدعون من خارج فلسطين، لكونها تكتسب مصداقية أكثر عالمياً، باعتبار أن صنّاعها ليسوا من الفلسطينيين".
وأشارت عودة إلى أن منصة الفيلم الفلسطيني، تعرض هذه الأفلام لسبعة أيام ما بين 14 و20 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، مع أنها اعتادت على عرض فيلم أسبوعي منذ تأسيسها عام 2020، وكانت تستعد للموسم الرابع في الخامس عشر من الشهر المقبل، لكنها حالة استثنائية، لافتة إلى أن مزيداً من الأفلام حول غزة قد تعرض لاحقاً، في حال حصلوا على حقوق بثها من أصحاب حقوق البث وفق الأصول: "كان علينا تكثيف الأفلام، والتعاون مع منصات عربية وعالمية شريكة لبثها، وعملنا ولا نزال نعمل على استثمار علاقاتنا مع رؤساء المهرجانات السينمائية العالمية والعربية، والمنتجين والمخرجين، لدعم هذه المبادرة وترويجها، من باب ليس فقط التضامن، بل إيصال صوت غزة إلى العالم، وإيصال رسالة إلى أهلها بأنكم لستم وحدكم".
وحسب عودة، فإن الحرب المحورية الأساسية في هذا العدوان المتواصل على غزة، هي حرب إعلامية بالأساس، والكفة لا تميل باتجاهنا، ونأمل أن تسد هذه المبادرة شيئاً من الثغرات الكبيرة في مقاومة هذه "البروباغاندا المضللة والموجعة".
أقدم هذه الأفلام هو "مشاهد من الاحتلال في غزة" (1973)، ويندرج في إطار أفلام الثورة الفلسطينية، وهو من إخراج الراحل مصطفى أبو علي، أحد مؤسسي وحدة أفلام فلسطين، الذراع السينمائية للثورة الفلسطينيّة، إذ حرّر هذه المشاهد التي التقطها فريق إخباري فرنسي، مُقدّماً أحد أول الأفلام عن الأراضي المُحتلّة في قطاع غزّة. حاز العمل جائزة أفضل فيلم في مهرجان دمشق السينمائي عام 1973، وعُرض في عدة مهرجانات، وهو الفيلم الوحيد الذي أنتجته جماعة السينما الفلسطينيّة، التي أصبحت تُعرف بمؤسسة السينما الفلسطينيّة في ما بعد.
أما فيلم "غزة غيتو" (1985) من إخراج بي هولمكويست وجوان مانديل وبيير بيوركلوند، فيعتبر من أوائل الأفلام الوثائقية المنتجة في غزة. يضع العمل عناوين الأخبار آنذاك في منظور تاريخي، مُركزاً على الحياة تحت الاحتلال العسكري في جباليا، أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، حيث يولد طفل ويموت آخر، لندرك تأثير عقود من الحرب والنزوح على الحياة اليومية. كما يلتقي صنّاعه أيضاً بإسرائيليين بينهم جنود في دورية، ومستوطنين، ومهندسي الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وبينهم آرئيل شارون.
ومن حقبة التسعينيات، يعرض برنامج "سرديّات رغم التبرير"، الفيلم الروائي "حكاية الجواهر الثلاث" (1995) للمخرج الفلسطيني ميشيل خليفي، أحد مؤسسي السينما الفلسطينية الحديثة. يتمحور العمل حول حكاية يوسف، الطفل ابن الثانية عشرة، الذي يعيش في واحد من مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، خلال انتفاضة الحجارة التي اندلعت عام 1987 مع والدته وشقيقته، حيث والده أسير في سجون الاحتلال، وشقيقه مطارد من قبل جنود الجيش الإسرائيلي، فيجد ملاذه في اصطياد العصافير، قبل أن يقع في حب فتاة من غجرية. كان هذا العمل أول روائي طويل يصور بأكمله في قطاع غزة.
وبقية الأفلام أنتجت في الألفية الثالثة، وكان من بينها أفلام لمخرجين من قطاع غزة، كالفيلم الوثائقي الطويل "إلى أبي" (2008) لعبد السلام شحادة، ويدور في جزء منه في مخيّم للاجئين في رفح، إذ يلقي نظرة على خمسين عاماً من التاريخ العربي والفلسطيني، عبر صور وريبورتاجات ومصوّرين، كانوا لا يزالون على قيد الحياة وقتذاك. كما يُعرض فيلم "إسعاف" (2016) لمحمد الجبالي، وهو وثائقي طويل حول طواقم الإسعاف في غزة قبيل وخلال العدوان على القطاع في عام 2014.
كذلك، نشاهد فيلم بسمة الشريف، "أوروبوروس" (2017)، وهو تجريبي طويل يقارب ما بين معاناة السكان الأصليين في المكسيك وسكان غزة، والوثائقي القصير "الشجاعية" (2012) لمحمد المغني، الذي يرصد حالة عائلة عادية بعد أن دمرت سلسلة من القنابل الإسرائيلية منزلهما، وقتلت بعض سكانه وأصابت آخرين بجروح خطرة.

ومن بين أفلام البرنامج اثنان لمخرجين غير فلسطينيّين، أولهما الوثائقي الطويل "طريق السموني" (2018) من إخراج ستيفانو سافونا، وينقل صورة عميقة متعددة الأوجه لعائلة قبل وأثناء وبعد العدوان، ذلك الحدث المأساوي الذي غير حياتها إلى الأبد. أما الثاني فهو الوثائقي الطويل "غزة تقفز" (2019) من إخراج إيمانويل جيروسا. يسلط الأخير الضوء على حكاية الشابين الفلسطينيّين جهاد وعبد الله، اللذين أسسا فريق "غزة باركور"، ففي حين بقي الأول في غزة، رحل الثاني إلى إيطاليا، ليعيش في منزل مهجور في ضواحي مدينة فلورنسا.

المساهمون