رام الله تحتفل باليوم العالمي لموسيقى الجاز

رام الله تحتفل باليوم العالمي لموسيقى الجاز

04 مايو 2023
كان الجمهور في المسرح البلدي بدار بلدية رام الله على موعد مع سامر راشد (العربي الجديد)
+ الخط -

كانت مدينة رام الله الفلسطينية من بين المدن التي احتفت باليوم العالمي لموسيقى الجاز، والذي يصادف في 30 إبريل/ نيسان من كل عام، وذلك بعدّة فعاليات نُظمت في موقعين بالبلدة القديمة من المدينة.

وأقامت بلدية رام الله فعاليات الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى الجاز، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عبر مكتبها في فلسطين.

في "حوش الزيبق" بـ"رام الله التحتا"، وهو الاسم المتداول للبلدة القديمة في المدينة، كان العشرات على موعد مع أمسية موسيقية تفاعلية، أسماها الفنّانان طارق عبّوشي ونسيم ريماوي، القائمان عليها، بـ"استديو الموسيقى"، وقامت على فكرة تقديم مقطوعات برفقة موسيقيّين شاركوهم طوعاً، ومن ثم توظيف أصوات المشاركين غناء وتصفيقاً، وغير ذلك، في مقطوعات اعتمدا فيها على توظيف التقنيات الحديثة في توظيف الأصوات كجزء من مقطوعات "جاز" تجريبية مستحدثة، وهو ما عبّر عنه عبوشي بقوله: "جميعنا سنشترك في صناعة الموسيقى اليوم، فالفكرة لا تقوم على أن ننظم عرضاً، وتقومون بدور المستمعين.

الجاز الفلسطيني

وكانت هذه الأمسية التفاعلية بمثابة اكتشاف للعديد من الأصوات والمواهب الموسيقية، وخاصة الفتيات، كما كانت فرصة لسكان البلدة القديمة، وخاصة الأطفال منهم، لأن يكونوا جزءاً أساسياً من الحدث عبر محاولات العزف، سواء القادمون من منازلهم أو المتدربون في جمعية الكمنجاتي.

وقال طارق عبوشي، لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتفال بيوم الجاز العالمي لم يعد محصوراً على منطقة بعينها أو مناطق محددّة، فـ"الجاز" كموسيقى ونمط ثقافي خرج من الأحياء الأميركية الفقيرة التي يقطنها ذوو البشرة السوداء من أصول أفريقية على وجه الخصوص، وهي موسيقى تحمل في طابعها النضال من أجل الحريّة والتحرر ومواجهة الاضطهاد والعنصرية، وهو حال مشتركة بين الكثير من الشعوب، ومن بينها نحن في فلسطين".

وأضاف أن "موسيقى الجاز تقوم على الارتجال الذي تمنح ممارسيها نوعاً من الحرية أيضاً، وهذا ما يجعلها متجددة وقادرة على التمرد لنفسها.. نحن لم نقم بتنظيم عرض للحضور بقدر ما هو (استديو مفتوح) للجميع، سواء القادمون خصيصاً للمشاركة أو العابرون، خاصة من يتملكهم الخجل، أو يعتقدون أنهم لا يستطيعون المشاركة أو تقديم ما يستحق أن يكون جزءاً من مقطوعات موسيقية، فـ(الجاز) في حالتنا هذه هو مساحة للتعبير أيضاً، بعيداً عن الخوف من التجريب، وبغض النظر عن النتائج... فالمشاركة بحد ذاتها إنجاز".

الجاز الفلسطيني

ولفت عبوشي، الذي درس بيانو جاز في الولايات المتحدة الأميركية ويدرّس شيئاً منه لطلبته في معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، إلى أن حضور "الجاز" في فلسطين يتأرجح، منذ عقود، ما بين صعود وهبوط، ويعتمد على من يُمارس هذا النوع من الموسيقى، وأبدع فيه العديد من الفلسطينيين.

أما نسيم ريماوي، وهو بالأساس عازف على الكمنجة ودرس الجاز في روسيا، فأشار، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن احتفاء رام الله بيوم الجاز العالمي مهم على أكثر من صعيد، أبرزها تعزيز ثقافة "الجاز" في فلسطين، خاصة أن هذا النوع من الموسيقى محدود الانتشار محليّاً، وكون "الجاز" لغة عالمية مُقاوِمة.. فما فعلوه لم يكن عرضاً بقدر ما هو ورشة مفتوحة تدمج ما بين موسيقى الجاز وما خرج من الحضور من أصوات، سواء أكانت أغنيات أم إيقاعات أم غير ذلك، ومحاولة تجميعها في مقطوعات موسيقية لحظية، مع ربطها مع موسيقانا الشرقية بشكل أو بآخر، ما من شأنه، وعبر المراكمة، تعزيز حضور موسيقى "الجاز" في فلسطين، وهو "من بين الأهداف التي أعمل عليها".

وعلى بعد قرابة كيلومتر، كان الجمهور في المسرح البلدي بدار بلدية رام الله على موعد مع عرض جاز للفنان سامر راشد وفرقته، التي تجمّعت من عدّة مدن فلسطينية ومن الجولان السوري المحتل، ليقدّموا عرضاً لمقطوعات جلّها من ألبومه راشد الثاني، وبعضها من ألبومه الأول.

الجاز الفلسطيني

ومن بين المقطوعات التي تفاعل معها الجمهور الفلسطيني والأجنبي بشكل كبير "إبريل في القدس"، التي سعى من خلالها راشد إلى نقل أجواء القدس المدينة، الثقافية والحضارية والتاريخية، وغير ذلك، كما أشار في الحفل. وكذلك "جسيبي تويست" وهي واحدة من عدّة مقطوعات قدّمها عازف الكمان الفلسطيني وفرقته في مزيج ما بين الجاز والموسيقى الغجرية (الجاز الغجري)، بعد أن طعّمها بموسيقى شرقية على طريقته كـ"جيبسي فونك".

وفي حديث لـ"العربي الجديد"، شددت نهى باوزير، مديرة مكتب "يونسكو" في فلسطين وممثلة المؤسسة الأممية، على أهمية العودة إلى إحياء فعاليات خاصة في إطار اليوم العالمي للجاز في فلسطين، بالتزامن مع دول عدّة أحيت فعاليات هذا اليوم، لافتة إلى خصوصية هذا النوع من الموسيقى المقاوم للعنصرية والتفرقة بين البشر، والساعي لتحقيق العدالة... والشعب الفلسطيني كغيره من الشعوب التي تناضل من أجل تعزيز هذه القيم، لافتة إلى أن مدينة رام الله، وبالشراكة ما بين "يونسكو" وبلديتها، كانت قد أحيت ومدن فلسطينية أخرى فعاليات هذا اليوم في العام 2019.

واليوم العالمي للجاز اعتمدته "يونسكو" في العام 2011، ليكون في الثلاثين من إبريل/ نيسان من كل عام، بهدف "تسليط الضوء على موسيقى الجاز، ودورها في توحيد الشعوب في جميع أنحاء العالم"، وهي فكرة ابتدعها عازف البيانو والجاز وسفير النوايا الحسنة لـ"يونسكو" هيربي هانكوك.

المساهمون