حرب داخل "مايكروسوفت" بسبب العدوان على غزة

حرب داخل "مايكروسوفت" بسبب العدوان على غزة

29 نوفمبر 2023
من آثار العدوان على القطاع (Getty)
+ الخط -

كان من المفترض أن تكون "فيفا إنغيدج"، منصة التواصل المهني من "مايكروسوفت"، أداة "تقوّي العلاقات" بين الموظفين، و"تخلق شعوراً بالانتماء"، لكنها تحوّلت إلى ساحة حرب داخلية منذ اندلاع العدوان على غزة، بحسب ما أورده موقع بيزنس إنسايدر.

ونقل "بيزنس إنسايدر" عن رسائل داخلية أن أحد موظفي "مايكروسوفت" نشر في أكتوبر/تشرين الأول رسالة تشيد بالإعفاءات الضريبية للأطفال كوسيلة للحد من الفقر. ولم يُشِر المنشور إلى العدوان الإسرائيلي على غزة، لكن الموظف كان يضع العلم الفلسطيني كصورة رمزية له، وكان ذلك كافياً لإثارة رد فعل غاضب، من قبل مناصري الاحتلال. فعلّق موظف آخر قائلاً: "هل لاحظتَ أن صورة بروفايلك تشبه العلم الذي تستخدمه مجموعة إرهابية عذّبت للتو وقطعت رؤوس مئات الأطفال والمدنيين؟".

وفي منشور منفصل، عندما أعرب موظف آخر عن مخاوفه بشأن المدنيين في غزة، أجاب أحد زملائه بمجموعة من الاتهامات التي روّجت لها آلة البروباغندا الإسرائيلية ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي: "أنت تدعم اغتصاب وقتل واختطاف النساء والأطفال والأجداد".

تدخّل منحاز لإسرائيل من "مايكروسوفت" 

مع تصاعد التراشق الداخلي، طالب موظفون بتدخّل إدارة الشركة لتخفيف الصراع الكلامي. وقال أحد الموظفين: "تحتاج قيادة مايكروسوفت إلى السيطرة بقوة على الرسائل المتعلقة بموضوع الحرب".

ولكن عندما دخلت الشركة في النقاش، أغلقت حصراً التعليقات على منشورات متضامنة مع فلسطين وغزة. وجاء ذلك بعد أيام من نشر أحد الموظفين تعليقاً يعبّر فيه عن "إحساس قوي بخيبة الأمل تجاه عملنا والشركة"، بسبب التصريحات المتحيزة لكبار قادة "مايكروسوفت".

وكتب الموظف: "يحزنني أن أشهد أن شركة تروّج بقوة للتنوع والشمول تُظهِر مثل هذين التمييز والتهميش الشديدين. يبدو لي أن الشركة غافلة عن المعاناة الساحقة للشعب الفلسطيني".

من جانبها، أغلقت "مايكروسوفت" مساحة التعليقات على المنشور بعد 600 تفاعل و60 تعليقاً.

وحتى الموظفون الذين يدعمون إسرائيل لاحظوا أن الشركة تشاركهم وجهات نظرهم بشأن الحرب، ويشعرون بالجرأة للتعبير عن رأيهم من دون خوف من الانتقام الوظيفي.

"مايكروسوفت" وإسرائيل... علاقات عميقة

بعد طوفان الأقصى أرسلت كبيرة مسؤولي الأفراد في الشركة، كاثلين هوغان، رسالة إلكترونية داخلية وصفت طوفان الأقصى بأنه "يوم صعب للغاية بالنسبة للكثيرين منا، بمن فيهم أنا".

وأصدرت الشركة بيانات عدة داعمة للاحتلال، وعرضت تبرعات لمنظمات إسرائيلية، بمن فيها جمعية أصدقاء الجيش الإسرائيلي غير الربحية، ومنحت موظفي مايكروسوفت الإسرائيليين البالغ عددهم 3 آلاف موظف راتباً إضافياً قدره 3 آلاف دولار لتغطية "نفقات غير متوقعة".

ورغم إصرار "مايكروسوفت" على أن دورها في النقاش على "فيفا إنغيدج" كان عادلاً، إلا أن أحد الموظفين كتب: "الفلسطينيون مثلي لم يتلقوا أي دعم من إدارة الشركة. لقد كان المديرون متحيزين بشكل واضح للغاية وتصرف زملاؤنا في إسرائيل بطريقة عنصرية ووقحة ولم يعترفوا أو يحترموا آلامنا"، فردّ عليه موظّف مناصر للاحتلال: "الأشخاص الذين يشجّعون الأعمال الإرهابية وجرائم الحرب يجب ألا يحصلوا على أي دعم". 

وجذور "مايكروسوفت" مغروسة عميقاً في الاقتصاد الإسرائيلي، فلها مكاتب في إسرائيل منذ 1989، وفي العام 1991 افتتحت أول مركز للبحث والتطوير خارج الولايات المتحدة في حيفا، واليوم لديها فروع جامعية في هرتسليا وتل أبيب وحيفا والناصرة.

وفي العام 2021، أعلنت الشركة أنها ستستثمر ما يصل إلى 1.5 مليار دولار لبناء مركز بيانات في إسرائيل وتوسيع نطاق البحث والتطوير في مجال الرقاقات.

وخلال العدوان الإسرائيلي على غزة حاولت "مايكروسوفت" بشدة تنظيم النقاش الداخلي. ونصحت المديرين "بتجنب تقديم تعليقات إضافية على الحرب" تتجاوز البيانات الرسمية للشركة.

كما أزالت الشركة تعليقات "فيفا إنغيدج" التي اعتبرتها مسيئة. كما وبّخ مديرون موظفين بسبب نشر تقارير وأخبار عن سقوط ضحايا من المدنيين في غزة.

وعلّق موظف: "الأمر المخيب للآمال للغاية بشأن (مايكروسوفت) هو أننا اخترنا هذه الشركة بسبب قيمها ورسالتها المتمثلة في تمكين كل شخص وكل منظمة على هذا الكوكب من تحقيق المزيد... لكن يبدو أن الموظفين الفلسطينيين غير موجودين في هذه الرسالة".

المساهمون