حاتم علي: الرجل الصامت عابراً العواصم العربية

حاتم علي: الرجل الصامت عابراً العواصم العربية

29 ديسمبر 2020
تفرد باخراج أهم الانتاجات العربية الدرامية لسنوات (فيسبوك)
+ الخط -

 

لا إجابات شافية حول دور حاتم علي في النهوض بالدراما العربية في العقدين الأخيرين. الرجل الصامت الذي يقضي وقته كاملاً في العمل يرحل إثر نوبة قلبية مفاجئة في القاهرة، ويطوي صفحة طويلة من أعمال أغنت الدراما السورية، لا بل وضعت حجر الأساس لنهضة هذا الفن في سورية ثم طافت العالم العربي، بعدما قرر منتصف التسعينيات الخروج من دائرة الممثل، والاتجاه إلى دنيا الإخراج.

قد لا يصدق أحد أن مخرج مسلسل "الملك فاروق" (2007) هوالمخرج السوري حاتم علي نفسه الذي اكتسب من تجاربه في دمشق نقاط قوة دفعته إلى تفعيل أو تأسيس قاعدة تحريك الممثل أمام الكاميرا، وعدم الاستهانة بالواقعية المفترض أن تؤسس للدارما في عصر الانقلابات التقنية. تفرد علي في ذلك أكسبه ثقة كل من عمل معه خلال عشرين عاماً، وظل إلى يومه الأخير حاملاً جنسيات وحيوات المجتمع العربي، بدءاً بدمشق مروراً بدبي وبيروت التي لم يهملها ووصولاً إلى القاهرة. وقد كان من المخرجين السوريين القلائل الذين كُرموا في العاصمة اللبنانية.

لم يبالغ الممثل جمال سليمان حين قال في تصريح خاص إن حاتم علي رفيق دربه من البدايات أمدّه بالأمان في عمله بعد تعاونهما في مسلسل "الزير سالم" الذي قلب موازين الدراما السورية، وتحول إلى حالة ثابتة على الخريطة الدرامية للفانتازيا التاريخية. وقد نفذ علي المسلسل بتقنيات عالية أراد عبرها تحدي نفسه والعبور إلى ضفة التجدد وكسب ثقة الجمهور بتفاعلية بعيدة عن التقليدية.

في الشكل، بنى علي مشاريعه على الإنتاجات الضخمة، ولم يقف عند حدود دمشق، بل سعى بكل ما أوتي من جهد للبحث عن أوطان أخرى ومكاسب أخرى تغني تجربته. في دبي، وقبل القاهرة، احتكر حاتم علي الرؤية الخاصة بالدراما "البدوية"، وساعده في ذلك الدعم المعنوي والمالي الذي لقيه والميزانيات التي صرفت على أعمال لا تزال عالقة في الأذهان إلى اليوم، أعمال نختلف على بنيتها النصية.  لكن نجاحها شكل حجر أساس لاستغلال طبيعة دول الخليج وتوظيفها في الفنون الدرامية.

لم يقف عند حدود دمشق، بل سعى بكل ما أوتي من جهد للبحث عن أوطان أخرى ومكاسب أخرى تغني تجربته

كل ذلك لم يشغل حاتم علي عن القاهرة، فدخل الدراما المصرية من الباب العريض حاملاً كل الخبرات السابقة، معتمداً على "النفس" المصري، بعدما درسه بدقة الآتي من أجل المنافسة. ونال ثقة المصريين، وتحولت أعماله إلى "نجمة" شباك في عالم الإخراج التلفزيوني.

لا يمكن لنا تقييم أو رواية تجربة حاتم علي الدرامية في سطور قليلة، فثمة ما كان يسكن هذا الرجل من طموح هادئ، يجعله عابراً للعواصم العربية حيث يصارع على المحتوى الدرامي، ويجادل في النص والحركة، ويقتل التكرار أثناء تصوير المشهد سعياً إلى الخروج بنتيجة تستحق الثناء أو الالتزام بالمعيار التقني إن فقد الموقف حماس النص أو حاول إضعافه. هكذا يرحل حاتم علي بصمت الكبار، وهو الذي التزم الصمت مراراً، ولم يستغل نجوميته إلاّ لصالح الأعمال الفنية التي وقعها. أعمال كانت تزيده تواضعاً وثقة على قاعدة "العمل أساس"، وما البقية إلا تفاصيل اختلاف ضرورية.

المساهمون