تحفة فنية لرسام عصر النهضة رفائيل اشتراها هواة فرنسيون "من دون قصد"

تحفة فنية لرسام عصر النهضة رفائيل اشتراها هواة فرنسيون "من دون قصد"

22 أكتوبر 2023
هذا الاكتشاف يظهر تأثير ليوناردو دا فنشي على رفائيل (جيفروي فان دير هاسيلت/ فرانس برس)
+ الخط -

أثبت خبراء فرنسيون وإيطاليون أن لوحة اشتراها هواة جمع فرنسيون عبر الإنترنت هذا العام من دون معرفة تاريخها، هي في الواقع عمل فني لرسام عصر النهضة الإيطالي والمهندس المعماري رفائيل. ويرجع تاريخ اللوحة إلى لقائه مع ليوناردو دافنشي بحدود عام 1505.

ويقول أحد هواة الجمع، لوكالة فرانس برس طالباً عدم كشف اسمه: "عندما رأيتُ صورة العمل على الإنترنت للمرة الأولى، لفتت انتباهي طريقة تجسيد القديسة مريم المجدلية على الفور".

واشتراها هواة الجمع من معرض في لندن مقابل 30 ألف جنيه إسترليني (36 ألف دولار). ويستذكر قائلاً: "عندما تسلمنا اللوحة، كان الأمر مؤثراً أكثر، على الرغم من أنها كانت قذرة حقاً".

وبعدما اعتقد أنها لوحة من مدرسة ليوناردو دافنشي، استعان هاوي الجمع بخبرة العضو في فريق خبراء تابع لليونسكو في فلورنسا الإيطالية، أناليزا دي ماريا، التي أكدت نسب العمل إلى رفائيل في سبتمبر/ أيلول.

ويوضح هذا الرجل الثلاثيني، وهو هاوي جمع مثل والده، أن إعادة تحديد نسب اللوحة "لا تغير شيئاً من جمالها الروحي"، مبدياً رغبته في مشاركة هذا الاكتشاف "الاستثنائي" مع عامة الناس من خلال إيداعه في متحف.

ونُشرت استنتاجات الخبراء، المتاحة على الإنترنت، عبر المجلة المتخصصة ISTE Open Science, Arts et Sciences التي تضم لجنتها التحريرية فيليب والتر، مدير المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا والمدير السابق لمختبر اللوفر.

وفي نهاية عدد لا يحصى من التحليلات، بما في ذلك عمليات تصوير باستخدام الأشعة تحت الحمراء لطبقات الكربون المخفية بواسطة أصباغ الطلاء، تمكن الخبراء من نسب اللوحة إلى رفائيل، الاسم المتداول للفنان رافاييلو سانزيو (1483-1520)، كما توضح دي ماريا.

هذه التحليلات، استناداً إلى أحدث التطورات في العلوم، سلطت الضوء بشكل خاص على "التعديلات الشكلية التي قام بها الرسام حتى النسخة النهائية من العمل، وتقنيته سبولفيرو Spolvero ، أي نقل رسم من واسطته الأولى إلى واسطته النهائية"، كما الحال بالنسبة للوحة الموناليزا لليوناردو دافنشي بحسب الخبيرة.

ورُصدت نسختان أخريان من لوحة المجدلية، إحداهما منسوبة إلى بيروجينو، الذي كان معلم رفائيل ثم مساعداً له.

تؤكد دي ماريا أن اللوحة التي رسمها رفائيل على لوح من خشب الحور بحجم 46 × 33 سنتيمترا، "تتميز بإتقان كبير وبراعة مذهلة في التنفيذ تشهد، بالإضافة إلى العناصر العلمية، على أن العمل يحمل فعلاً توقيع هذا العبقري".

كما أتاحت عمليات بحث في محفوظات مدينة فلورنسا تتبّع مصدر اللوحة التي كانت "تُعتبر مفقودة"، بحسب الخبيرة.

وقبل أن يشتريها هواة الجمع الفرنسيون، كانت اللوحة "عائدة إلى مجموعة خاصة في شمال إنكلترا وانتهى بها الأمر في مزاد صغير، حيث اشتراها المعرض اللندني معتقداً أنها لوحة من مدرسة ليوناردو دافنشي"، بحسب ناتالي بوبيس، وهي خبيرة أخرى متخصصة في الرياضيات التطبيقية في فن عصر النهضة.

هذا الاكتشاف "يُظهر تأثير ليوناردو دافنشي (1452-1519) على رفائيل، الذي ابتعد عن مدرسة بيروجينو" في وقت لقائهما، واعتمد أسلوبه المعروف بـ"سفوماتو"، وهو تراكم طبقات رقيقة جداً من المينا الشفافة الأحادية اللون، وفق الخبيرتين.

من المحتمل أن يكون استوحى هذا العمل من كيارا فانشيلي، زوجة بيروجينو، التي تُنسب إليها لوحة المجدلية الموجودة في قصر بيتي في فلورنسا.

وتقول بوبيس التي أجرت دراسات مقارنة لوجه القديسة بالتعاون مع جان شارل بوميرول، عضو لجنة باريس العلمية والرئيس السابق لجامعة بيار وماري كوري الباريسية، "هناك نسخة أخرى، لم يتم تحديد نسبها بعد، عُثر عليها في فيلا بورغيزي في روما. لا يوجد أي أثر لها قبل عام 1693، في وقت كان يتم خلالها تداول نسخ عدة".

ولم يرغب أي من الخبراء الذين قابلتهم وكالة فرانس برس في تقدير قيمة لوحة المجدلية التي عُثر عليها.

قبل نشر الدراسة، اعترضت بعض المصادر في إيطاليا على نسبها إلى رفائيل، بينها رئيس أكاديمية رافايلو دوربينو (اسم آخر منسوب إلى رفائيل، على اسم قريته الأصلية أوربينو)، الذي أبدى اقتناعه بأن العمل المذكور هو "بالتأكيد نموذج أولي عائد إلى بيروجينو"، وفق مجلة الفنون Le Journal des arts.

وأعيد بيع لوحة "سلفاتور موندي" ("مخلّص العالم" باللاتينية)، والتي توصف بأنها "النسخة الذكرية من الموناليزا" والمنسوبة إلى ليوناردو دافنشي بعد ترميمها، من دون نشر نتائج تؤكد نسبها، في مقابل سعر قياسي تاريخي بلغ 450 مليون دولار خلال مزاد أجري في عام 2017 في نيويورك. وأشارت معلومات صحافية إلى أن الشاري حينها كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو أمر لم يتم تأكيده رسمياً.

وكان تاجر أعمال فنية في نيويورك اشترى هذه اللوحة بأقل من 2000 دولار في مزاد في نيو أورلينز في عام 2005.

(فرانس برس)

 

 

المساهمون