برامج رمضان: أين اختفى النجوم والموسيقى والجمهور؟

برامج رمضان: أين اختفى النجوم والموسيقى والجمهور؟

16 ابريل 2023
تقدّم أسما إبراهيم برنامج "حبر سري" (إسما إبراهيم/فيسبوك)
+ الخط -

موسم رمضاني آخر يشرف على نهايته، معلناً ما يشبه موت البرامج الرمضانية لصالح سيطرة الدراما على الشاشات. ففي السنوات الأخيرة قلّ المحتوى الترفيهي تدريجياً، حتى أصبحت برامج المنوعات تعد على أصابع اليد الواحدة في موسم 2023. وبعدما كان شهر رمضان موسماً مثالياً للبرامج الترفيهية المنوعة والفوازير وبرامج المقالب وغيرها من القوالب الفنية، ها هي الشاشة التلفزيونية تنقسم حالياً بين المسلسلات والفواصل الإعلانية فقط.

أزمة البرامج الترفيهية والمنوعات على الشاشة العربية ممتدة وسابقة لموسم 2023، لكن عيوبها ظهرت بوضوح هذا الشهر. وتجسدت هذه الأزمة بقلة البرامج الترفيهية، سواء البرامج الحوارية مع المشاهير أو برامج المنوعات الأخرى، وانحصرت المنافسة بين برامج منخفضة التكلفة تعتمد على الإثارة والافتعال من أجل جذب المشاهدين، مثل برنامج "العرافة" للمذيعة بسمة وهبة، وبرنامج "أنا والقناع" للمذيعة منى عبد الوهاب، وبرنامج "حبر سري" للمذيعة أسما إبراهيم. وقد حل نفس النجوم ضيوفاً على البرامج الثلاثة، في إعادة تدوير ممل لمحتوى إعلامي سبق أن قُدّم مراراً في السابق.

فقر الإنتاج

فقر الإنتاج هو العنوان الرئيسي والمشترك بين جميع البرامج الحوارية في موسم رمضان، ما يشير بوضوح إلى عدم الاهتمام من الأساس بإنتاج محتويات إعلامية ترفيهية خلال الشهر. وتتجلى مظاهر الفقر الإنتاجي للبرامج في قلة عددها، وفي نوعية الضيوف، وأسلوب العرض، والديكورات، وجودة الصورة وغيرها من المظاهر الإنتاجية. كما أنها تعتمد على مذيعات غير محترفات، بعضهن لم يمارسن نشاطاً إعلامياً من قبل مثل أسما إبراهيم التي تقدم برنامج "حبر سري" على قناة القاهرة والناس. كذلك فإن نوعية الضيوف تؤكد على هذا الفقر الإنتاجي، إذ اعتمدت برامج هذا العام على فنانين لا يطالبون بأجور مرتفعة، مثل سعد الصغير وحسن شاكوش وحمو بيكا في برنامج "العرافة"، إلى جانب اعتماد البرامج الثلاثة على نفس الضيوف وتقسيم كل مقابلة إلى حلقتين، ثمّ عرض نفس البرنامج على أكثر من محطة لتقاسم تكلفة الإنتاج، مثل عرض "أنا والقناع" على قناتي سي بي سي والحياة، وعرض برنامج "العرافة" على قناتي المحور والنهار.

إثارة أكثر... ترفيه أقل

فقر الإنتاج في البرامج لا يعني بالضرورة الفشل. بل إن السنوات الأخيرة كشفت عن تجارب عدة نجحت بفضل الأفكار الجديدة. لكن مشكلة برامج هذا العام ترتبط بشكل مباشر بفقر المحتوى الإعلامي الترفيهي، مقابل الاهتمام بالإثارة والحديث عن الخلافات الزوجية والأزمات الشخصية للضيوف. وهو النموذج الذي راج في الإعلام المصري قبل عقد من الزمن مع مذيعين مثل وفاء الكيلاني وطوني خليفة، وها هو يعود حالياً بنسخ مقلدة وأقل جودة. ولعل ما يطرح علامات استفهام عدة حول المحتوى الرمضاني المصري هو اختفاء البرامج التي تحقق باقي أيام السنة مشاهدات عالية بمحتوى خفيف ومحبب لقلب المشاهد، مثل برنامج "معكم" للإعلامية منى الشاذلي، وبرنامج "صاحبة السعادة" لإسعاد يونس.

غياب الجمهور والمنوعات

كانت السمة الرئيسية لبرامج شهر رمضان قديماً هي تسلية الجمهور، سواء باستضافة النجوم وإظهار جوانب مختلفة من شخصياتهم مثل برنامج "دوري النجوم" على التلفزيون المصري أو برنامج "حيلهم بينهم" للمقالب. بينما كانت البرامج الأخرى تعتمد على إشراك الجمهور في المعادلة، مثل برنامج المقالب الشهير "الكاميرا الخفية". أما معظم البرامج الجديدة فباتت تحيّد الجمهور فلا تستضيفه حتى في الاستديو، كما اختفت برامج المقالب التي تعتمد على خفة الظل، مقابل استمرار مقالب رامز جلال العنيفة على الشاشة لأكثر من 10 مواسم، حتى أصبح الممثل الوحيد لهذا النوع من الإنتاجات في مواسم رمضان من دون منافس. اللافت أيضاً هذا الموسم هو اختفاء برامج المسابقات والبرامج الغنائية والإنسانية وغيرها على القنوات العربية والمصرية. على سبيل المثال كان الجمهور ينتظر ما ستقدّمه قناة إم بي سي التي أنتجت في المواسم السابقة برامج منوعات ناجحة مثل برنامج "أغلب السقا" منذ عامين، أو البرنامج الإنساني "الصدمة" الذي حقق نجاحاً وقت عرضه بسبب فكرته المختلفة.

هكذا أدى إصرار القنوات الفضائية على برامج الإثارة ووضع النجوم في قفص الاتهام إلى إفقار الشاشة، وغياب أي أفكار ترفيهية جديدة، لتنحصر صناعة البرامج بين الإثارة والنميمة وبرنامج مقالب رامز جلال.

ما سبق زاد من القطيعة بين الجمهور والتلفزيون الذي يصارع أساساً من أجل البقاء في عصر مواقع التواصل ومنصات العرض. كما ساهم ذلك في توسيع الفجوة أيضاً بين الجمهور والنجوم أنفسهم، بسبب التأثير السلبي لهذه البرامج على صورتهم المتخيلة لدى المشاهدين. اللافت هو أن القنوات تبدو عاجزة عن فهم حجم الخسائر التي تتكبدها بمجرد إبعاد الجمهور عن "التورط" في برامجها، أمام عملاق بات يسيطر على نسبة كبيرة من المشاهدين، وهو مواقع التواصل ومنصات البث. والمثال البسيط على ذلك هو النجاح الكبير لبرامج مثل "ليك لوك" للممثل عمر متولي (على حساباته الشخصية)، أو تجربة برنامج المقالب "كريزي تاكسي" على "يوتيوب"، أو البرنامج الحواري ABtalks مع المدون الإماراتي أنس بوخش.

المساهمون